هل ينقذ الذكاء الاصطناعي القطب الشمالي من عواقب تغير المناخ؟
humanprogress.org

هل ينقذ الذكاء الاصطناعي القطب الشمالي من عواقب تغير المناخ؟

تواجه المنطقة القطبية الشمالية، وهي منطقة تتميز ببرودتها الشديدة ومناظرها الطبيعية الجليدية الشاسعة ونظمها البيئية الفريدة، تحديات كبيرة بسبب التغير المناخي السريع وزيادة النشاط البشري. وفي حين تشكل هذه التحديات تهديدات للتوازن الدقيق في بيئة القطب الشمالي، فقد برزت التطورات في الذكاء الاصطناعي كأداة قوية لرصد هذه التحديات والتنبؤ بها والتخفيف من آثارها.

scitechdaily.com

عواقب ذوبان الجليد

منذ عام 1979، يحدث التغير المناخي والاحتباس الحراري في جميع أنحاء القطب الشمالي بمعدل سريع، وتحديداً أكثر بأربعة أضعاف المعدل الذي يحصل في أجزاء أخرى من العالم. ورغم المحاولات الحثيثة، فلم يتمكن العلماء الجيولوجيون وغيرهم ممن يدرسون مناخ القطب الشمالي من مواكبة ذوبان الجليد والتعامل مع الكم الهائل من البيانات البحثية المرتبطة به والتي لم يتم تحليلها. والنتيجة هي أن اتخاذ قرارات مستنيرة وإجراءات سريعة يعتبر أمراً مستحيلاً.

ومع ذوبان الجليد في جميع أنحاء القطب الشمالي، هناك تأثير مباشر على البنية التحتية التي كانت مبنية بشكل آمن على التربة الصقيعية، وهي طبقة متجمدة من التربة المستقرة. بذلك سيتأثر القطب الشمالي بشكل كامل تقريباً، بدءًا من الاقتصاد وصولاً إلى قدرة الحيوانات مثل الدببة القطبية والثعالب القطبية الشمالية على التكيف مع البيئة الجديدة. في السياق عينه، ومع اختفاء الجليد، ستختفي أيضًا قواه الانعكاسية، ما يسمح لطاقة الشمس بالدخول أكثر إلى غلاف الأرض.

كذلك، سيطلق ذوبان الجليد أيضًا غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة، ما يؤدي إلى المزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري. وتشير التنبؤات في مجلة Nature Climate Change إلى أنه بحلول عام 2040، لن يكون هناك المزيد من الجليد في القطب الشمالي. ولأن الأخير يلعب دوراً مهمّا في تعديل المناخ العالمي، فستكون له عواقب وخيمة على بقية الكوكب.

أخبار ذات صلة
مسودة اتفاق كوب 28 تدعو لـ"خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري"

كم هائل من البيانات

لسنوات عديدة، جمعت الأقمار الصناعية والطائرات دون طيار كمّا هائلا من البيانات العلمية من المناطق النائية وحتى من تلك غير المستكشفة في القطب الشمالي. لكن المشكلة هي أن هناك الكثير من المعلومات، ويكاد يكون من المستحيل تفسيرها. ومن المتوقع أن يحتوي مستودع بيانات التغير المناخي التابع لوكالة ناسا على 350 بيتابايت من البيانات بحلول عام 2030، أي ما يعادل نحو 10 مليارات صفحة مكتوبة. من جهتها تمتلك شركة الأقمار الصناعية MaxarTechnologies أكثر من 125 بيتابايت من الصور العالمية، وهذا يمكن مقارنته بإجمالي عدد الرسائل التي سلمتها خدمة البريد الأمريكية خلال 25 عاماً. وهذا مجرد جزء من المشكلة، لأن العنصر الأهم هو أن البيانات المجمعة غالبًا ما تكون غير مفهومة للعلماء الذين هم في أمس الحاجة إليها.

الحاجة لتدريب العلماء

لا تتمتع أجهزة الكمبيوتر المستخدمة حالياً من قبل مجتمع العلوم في القطب الشمالي بالقدرة على تأمين وتفسير البيانات على هذا النطاق. والقيام بذلك ضروري بالنسبة لهم لحل المشكلات الخطيرة التي يواجهها القطب الشمالي. لذلك هم بحاجة إلى الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات وتلقي المعلومات العلمية المفيدة منها لمعالجة الكارثة الوشيكة في القطب الشمالي.

لكن هنا أيضًا تظهر مشكلة جديدة، وهي أن العديد من علماء القطب الشمالي لا يملكون المهارات اللازمة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي. لذلك يجب أيضًا تطوير برنامج تدريب إلكتروني لعلماء القطب الشمالي، يحمل عنوان Cyber 2A لتدريب الجيل القادم من علماء القطب الشمالي على كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي بَدأ في مارس 2023 ويمتد حتى فبراير 2026. والبرنامج هو عبارة عن تعاون بين جامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا وجامعة إلينوي ومركز وودويل لأبحاث المناخ، ويتكون من خبراء في البنية التحتية السيبرانية والحوسبة عالية الأداء والذكاء الاصطناعي وعلوم القطب الشمالي.

وسيسمح البرنامج للعلماء بالوصول إلى كميات معقدة من البيانات ودراستها وتفسيرها في النهاية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق اكتشافات جديدة ومثيرة حول ما يحدث بالفعل في القطب الشمال، فضلا عن التنبؤ بدقة بالتغيرات في الوقت الحقيقي وإيجاد حلول في نهاية المطاف لظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في القطب الشمالي.

وسيكون التدريب المجاني شخصيًّا وعبر الإنترنت ومن خلال سلسلة ندوات شهرية عبر الإنترنت وهو مفتوح لكل من العلماء والمعلمين، كما سيتم إنشاء شبكة أبحاث Arctic-AI لتبادل الأفكار والموارد. وسيتم إيداع جميع المواد التدريبية في مركز التعلم التابع لمركز بيانات القطب الشمالي لضمان الوصول إلى العلماء والمهنيين والمطورين في مجالات العلوم وعلوم الأرض في القطب الشمالي وخارجها.

في سياق متصل، يجري حاليًّا تنفيذ خطة توظيف لإنشاء قوة عاملة قوية ومتنوعة في مجال أبحاث العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ ما يوفر الفرص للأقليات والفئات المحرومة اقتصاديًّا وأعضاء مجتمع السكان الأصليين في القطب الشمالي.

newscientist.com

دور الذكاء الاصطناعي

من التنبؤ بالجليد البحري إلى الحفاظ على الحياة البرية، سيُحدث الذكاء الاصطناعي تأثيرًا إيجابيًّا في القطب الشمالي، ما يوفر الأمل في مستقبل أكثر استدامة ومرونة لهذا النظام البيئي الحيوي. وأحد المجالات المهمة التي قد يُحدث فيها الذكاء الاصطناعي فرقًا في القطب الشمالي هو الحفاظ على الحياة البرية وحمايتها. وبمساعدة أجهزة الاستشعار المتطورة وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، أصبح الباحثون والمدافعون عن البيئة الآن قادرين على مراقبة وتتبع حركة الأنواع في القطب الشمالي، مثل: الدببة القطبية، والثعالب القطبية الشمالية، والثدييات البحرية.

ويتم الآن تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل روتيني على الكاميرات وصور الأقمار الصناعية لأتمتة عملية استخراج المعلومات من أجل مساعدة الأبحاث المتعلقة بسلوك الحيوان، وصحة المحيطات، والتغيرات السكانية، ما يمكّن العلماء من تطوير إستراتيجيات وسياسات فعالة لحماية الأنواع المعرضة للخطر من التأثيرات.

كما يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في تجاوز التحديات الكبيرة لعمليات البحث والإنقاذ في القطب الشمالي من خلال الطائرات دون طيار وتحليل البيانات في الوقت الفعلي حول الظروف الجوية وحركات الجليد والتضاريس الجغرافية، للمساعدة في تحديد الطرق والمواقع المثالية لعمليات الإنقاذ، وبالتالي توفير الوقت والموارد الثمينة وزيادة فرص نجاح عمليات الإنقاذ في هذه البيئة الصعبة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com