التحوّل من خلال الوعي.. راقب نفسك حتى تنمو

التحوّل من خلال الوعي.. راقب نفسك حتى تنمو

يعيش الكثير منا حياتهم بلا وعي، فنحن نؤمن بأفكارنا ونصدّقها ونتبنّى اشتراطات تأخذنا بعيدا عن طبيعتنا الحقيقية، وغالبا ما نعاني لأننا نعتقد أنّ الأمر لا مفر منه.

غالبا ما نقضي حياتنا دون وعي، ننسى الحياة التي تمر من خلالنا، والوجود الذي نتقمّصه. نعاني لأننا نرفض أن نعيش اللحظة الحالية ونتماهى مع أجسادنا وأفكارنا واشتراطاتنا التي نتقمّصها ونتكيف معها دون وعي منا.

هذا اللاوعي يجعلنا نتفاعل بنفس الطريقة مع المواقف نفسها، وننجرف دائما للأسباب نفسها، ونحكم على أي شخص آخر دون أن ندرك أنّ ما (أو مَن) نحكم عليه هو ما نرفض رؤيته في داخل أنفسنا.

أن تكون واعيًا يعني أن تلاحظ ردّ فعلك

عندما يحدث موقف مؤلم يمكننا قبوله على ما هو عليه وعلينا أن نتذكر كيف غيّرتنا بعض المعاناة الماضية. أن تكون واعيًا هو أن تلاحظ وتراقب وتشاهد ردّ فعلك الشخصي وتفاعلك، وأن تترك الأحداث تمر، بدلا من مقاومتها ومحاربتها.

إننا نتفاعل مع الصعوبات بدلا من التصرّف، ونُصدر الأحكام باستمرار بدلا من رؤية الواقع. هذا اللاوعي هو الذي يجعلنا نعمل بشكل أوتوماتي، ونتفاعل مع الإحباطات بنفس الطريقة، ونراكم السهو والشرود الذهني بدلا من لحظات الصمت اللازمة لإعادة الاتصال بالواقع.

من خلال إدراك عواطفه وانفعالاته وأفكاره يمكن للإنسان أن يحوّل القطيعة والانفصال إلى تجربة نمو شخصي وإيجاد طرق جديدة للتواصل مع نفسه ومع الآخرين في المستقبل

غالبا ما نقضي حياتنا في اللاوعي، متشبّثين مؤمنين بأفكارنا واشتراطاتنا، بدلا من رؤية الواقع كما هو. إننا نتألم في غالب الأحيان لأننا نرفض أن نعيش اللحظة، معتقدين أنّ المستقبل أو الماضي قد يكونان هما الأفضل.

ومع ذلك يمكننا أن نتعلّم كيف نكون واعين يقظين، من خلال العودة باستمرار إلى اللحظة الحالية، إلى لحظة الآن، ومراقبة أفكارنا، وأن نأخذ لحظات من الصمت حتى نجد أنفسنا. حتى لحظات المعاناة يمكن أن تصبح أكثر وعيا، لأنها غالبا ما تكون أدوات لفهم أنّ الحياة في جوهرها تَعرِف دائما ما تفعله.

أن تكون مدركا هو الترحيب بالأوقات الصعبة

عندما تظهر أوقات صعبة في حياتنا يمكننا الترحيب بها كأدوات مفيدة حتى نصبح أكثر وعيا وحتى نذكر أنفسنا كيف كانت بعض المعاناة الماضية مفيدة لتطورنا في نهاية المطاف. أن تكون واعيا هو أن تلاحظ نفسك تتفاعل وأنه بدلاً من أن تتفاعل باندفاع دع ما يحدث يمرّ.

يرى علماء التنمية الشخصية وفقا للتقرير الذي نشره موقع lesmotspositifs أنّ إدراكنا لتجاربنا السلبية، يتيح لنا الترحيب بها دون إصدار أحكام، ورؤيتها كفرصة للنمو والتعلم.

على سبيل المثال، بعد قطيعة عاطفية يستطيع الشخص أن يأخذ وقتا للتفكير في علاقته، وطرح أسئلة على نفسه حول ما نجح وما لم ينجح في علاقته. يمكنه أيضا أن يأخذ الوقت الكافي لفهم مشاعره واستكشاف أنشطة أو اهتمامات جديدة.

من خلال إدراك عواطفه وانفعالاته وأفكاره يمكن لهذا الشخص أن يحوّل القطيعة والانفصال إلى تجربة نمو شخصي وإيجاد طرق جديدة للتواصل مع نفسه ومع الآخرين في المستقبل.

وبالتالي فإنّ الوعي يتيح لنا استخلاص الدروس من تجاربنا وتحقيق النمو شخصيا، حتى في الأوقات الصعبة. يعني أن نصبح مدركين لوجودنا، لوجودنا في اللحظة الحالية. إنه تعلم الترحيب بكل تجارب الحياة، بدلا من الحكم عليها أو رفضها. وهو ما يتيح لنا فهم بيئتنا واتخاذ قرارات مستنيرة.

من واقع خبرة علماء النفس والتنمية الشخصية فإنّ الكتابة العلاجية أداة قوية للغاية لمراقبة الذات والوعي الذاتي

الملاحظة الذاتية لتحقيق وعي أعمق

من السهل أن ننشغل بإلهاءات الحياة اليومية وتسلياتها ونغفل عن أفكارنا وانفعالاتنا ومحيطنا. لحسن الحظ هناك وسائل لتصبح أكثر وعيا بنفسك والعالم من حولك. وفي ما يلي بعضها:

مارس التأمل أو اليقظة الذهنية للتركيز على اللحظة الحالية.

قم باستبطان منتظم (أي الملاحظة الداخِليّة والتأمّل الذاتيّ) للتواصل مع مشاعرك وأفكارك.

مارس الامتنان بالتركيز على الأشياء الإيجابية في حياتك.

اِستمع إلى جسدك واعتنِ بصحتك الجسدية والعقلية.

مارس أنشطة مثل المشي اليقظ في الطبيعة.

ازرع التعاطف تجاه الآخرين للتواصل مع الإنسانية.

مارس اللطف مع ذاتك ومع الآخرين.

من واقع خبرة علماء النفس والتنمية الشخصية، فإنّ الكتابة العلاجية أداة قوية للغاية لمراقبة الذات والوعي الذاتي. من خلال تدوين أفكارنا وانفعالاتنا يمكننا أن نفهم انفعالاتنا وردود أفعالنا تجاه مواقف الحياة بشكل أفضل.

يظل تطوير الوعي عملية مستمرة تتطلب الممارسة والمثابرة. من المهم أن نظل مدركين واعين بأفكارنا وانفعالاتنا وتصرفاتنا حتى نتمكن من فهمها وإدارتها بشكل فعّال

يمكن أن يساعدنا التأمل الذاتي من خلال الكتابة في التعامل مع الانفعالات الصعبة، مثل الغضب أو الحزن أو القلق، من خلال صياغتها في كلمات.

من خلال تخصيص وقت لتدوين أفكارنا في دفتر مذكراتنا اليومية يمكننا مراجعة الذات والتفكير في الخيارات التي نتخذها وعواقب أفعالنا.

يمكن أن يساعدنا هذا أيضا في توضيح أهدافنا وتطلعاتنا؛ ما يسمح لنا بصياغة أفكارنا وتوضيحها بشكل أكثر دقة ووضوحا.

باختصار، يمكن أن تكون الكتابة العلاجية أداة قيّمة لاكتساب الوعي الذاتي والتواصل مع أنفسنا الداخلية والعالم من حولنا.

وباختصار أيضا، يظل تطوير الوعي عملية مستمرة تتطلب الممارسة والمثابرة. من المهم أن نظل مدركين واعين بأفكارنا وانفعالاتنا وتصرفاتنا حتى نتمكن من فهمها وإدارتها بشكل فعّال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com