جويس منصور
جويس منصورأرشيفية

الشاعرة المصرية اليهودية جويس منصور.. هل تعرضت للتهميش والظلم؟

رغم أن الشاعرة المصرية/ الفرنسية جويس منصور احتلت مكانة رائدة في الأدب العالمي، وساهمت في صياغة حركة السيريالية الدولية، عبر قصائدها ومقالاتها وقصصها في الفترة من منتصف الخمسينيات حتى وفاتها في الثمانينيات، إلا أنها سقطت سهوا من ذاكرة الثقافة العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص.

وتشكل تلك المفارقة نقطة الانطلاق في كتاب "جويس منصور- طفلة مسك الروم" الصادر عن دار "صفصافة" في القاهرة للباحث والناقد والفنان التشكيلي المصري محسن البلاسي. ويتناول العمل سيرة حياة الشاعرة المولودة في بريطانيا عام 1928 لأبوين أرستقراطيين من يهود السفارديم، هما "إيميل" و "نيللي" أديس، اللذين كانا يحملان جنسية أوروبية إلى جانب المصرية، كما كان الحال مع معظم الأثرياء من يهود المصريين في ذلك التوقيت.

جويس منصور
جويس منصورأرشيفية

وفاة أمها وزوجها

ويروي المؤلف بالوثائق والمخطوطات والمراسلات كيف عاشت الفتاة الجميلة حياة مفعمة بالحيوية وركوب الخيل والرغبة في التمرد، حتى أنها صادقت ابن البواب خلسة، لكنها أيضا تعرضت لانتكاسات عميقة تمثلت في وفاة أمها، وهي في الخامسة عشرة من عمرها؛ ما شكل صدمة وجودية رهيبة لها، وعبرت عن ذلك بقصيدة تقول فيها "لقد ماتت أمي ليلة أمس/ نجني من آلامك/ أنتِ متجمدة من الرعب تحت قناعك الزجاجي/ نجني من قبلاتك الأمومية / ازحفي على ركبتي/ مثل الرخويات/ ساعديني يا أمي/ نجني من غيابك".

وفي الثامنة عشرة تزوجت من شاب يهودي يحمل الجنسية الإيطالية إلى جانب المصرية، هو هنري نجار وعرفت معه سعادة ناقصة؛ إذ توفي بعد أشهر من زواجهما بمرض السرطان، وعبرت عن تلك المأساة في قصيدة يقول مطلعها "مكائد يديك العمياء/ الحركات البطيئة للسانك المشلول/ الموت في بطنك يأكل عقلي/ كل هذا يجعلني شابةً غريبةً".

كتاب "طفلة مسك الروم"
كتاب "طفلة مسك الروم" أرشيفية

باريس والسيريالية

ومع قيام ثورة 1952 وانتشار المد القومي العروبي، وتوتر العلاقات مع الجاليات اليهودية من حملة الجنسيات الأجنبية، انتقلت العائلة إلى أوروبا في 1956 واستقرت جويس منصور في باريس حيث فُتن الوسط الثقافي الفرنسي بالوافدة الجديدة، وتحمس لها نجوم النقد والأدب، وفتح لها الناشرون أذرعهم؛ نظرا لما لمسوه في أعمالها من "موهبة وحشية" و "صوت خاص استثنائي" و"تمرد على التقاليد الإبداعية التقليدية كافة" على حد تعبير الكثير منهم.

وتوطدت أواصر الصداقة بين "جويس" والشاعر الفرنسي الشهير أندريه بريتون، مؤسس ومنظر السيريالية، الذي منحها لقب " طفلة مسك الروم" واعتبر أشعارها "أفضل تجسيد للأفكار السريالية" حتى أنه أصبح يردد في كل مناسبة "الشعر السريالي هو جويس منصور".

ظلم وتهميش

ويشير الكاتب والفنان التشكيلي السيريالي محسن البلاسي، إلى أن "جويس" تعرضت للظلم والتحامل والنسيان على المستويات كافة؛ فقد تم تهميش تراثها ومنجزها العالمي من جانب مثقفي مصر على امتداد الحقب المختلفة، حتى أن أولئك الذين انتبهوا لها حصروا تجربتها في القصيدة الإيروتيكية الحسية التي تتناول تجليات الرغبة والجسد.

ويضيف في تصريح خاص لـ" إرم نيوز" أن جويس منصور أصدرت ديوانها الأول باللغة الفرنسية بعنوان "صرخات" ورحلت في سن 58 عاما، بعد إصابتها بمرض السرطان، تاركة إرثا فارقا واستثنائيا يتكون من 16 ديوانا شعريا و5 كتب نثرية.

جويس وأندريه بريتون
جويس وأندريه بريتونأرشيفية

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com