ملتقيات دمشق الشعرية
ملتقيات دمشق الشعريةإرم نيوز

معجم الحرب يكتسح الشعر السوري

يحضر معجم الحرب بقوّة في الشعر السوري، منذ أكثر من عقد من الزمن، لا على مستوى المفردات وحسب، بل على صعيد الصورة والانطباعات العدمية التي أثخنت القصيدة بفداحة الفقد واعتياد الموت والدمار.

ويلاحظ المتابع لإصدارات دور النشر ومواقع التواصل، ولادة قبيلة كبيرة من الشعراء الشباب، الذين خرجوا على المعاني المألوفة، وتمرّدوا على المنابر التقليدية، ليقدموا نصًّا مكتوبًا باللحم النيئ، كما يقول النقاد.

ملتقيات دمشق الشعرية
ملتقيات دمشق الشعريةإرم نيوز

ذائقة جديدة

مالت المطبوعات الشعرية في دور النشر السورية، إلى قصيدة النثر، بنسبة سبعين بالمئة، يقابلها ثلاثون بالمئة فقط لصالح قصيدة التفعيلة والشعر العمودي.

ويقول الشاعر صقر عليشي لـ"إرم نيوز": "لكل شاعر ذائقته المختلفة وأسلوبه الخاص، لكن مقياس النص هو الجماليات التي يتضمنها ومستوى الجدّة فيه، سواء كان تفعيلة أم نثراً".

ويؤكد الشاعر سامي أحمد، صاحب دار "التكوين" بدمشق، وجود حساسية وأسلوب مختلفين في الشعر، وهو ما دعا النقاد إلى إصدار مطبوعات تبشّر بالكتابة الجديدة وتتلمس الانعطافات فيها.

ملتقيات دمشق الشعرية
ملتقيات دمشق الشعريةإرم نيوز

معاجم الحرب

وتحفل القصيدة الجديدة بمفردات الحرب، مثل: "دماء، جثة، قتيل، رصاص، موت، قذيفة.." ضمن استخدامات غير عادية، انسجاماً مع الظروف التي عاشها الشعراء.

وتقول الشاعرة رولا حسن، صاحبة كتاب "الموجة الجديدة من الشعر" لـ"إرم نيوز": "شهدت السنوات العشر الماضية، ظاهرة قوية لشعر الحرب، وصار الشعر الحالة الثقافية الأبرز في سوريا".

وتضيف حسن: "لا نقصد بشعر الحرب، امتلاءه بالعويل، بل استخدام الألفاظ والصور القاسية في نبش العوالم الداخلية والتعبير عنها، حتى في حالات الحب".

"ثلاثاء شعر"
"ثلاثاء شعر"إرم نيوز

شعر المرأة

وتؤكد المطبوعات الشعرية الصادرة عن دور النشر، أو المكتوبة على مواقع التواصل، زيادة كبيرة في أعداد الشاعرات الجديدات مقارنة بالشعراء.

وتضيف حسن: "التقطت المرأة بحساسيتها العالية، كل نأمة وندبة تركتها الحرب، فرصدت التغيرات في المحيط، وانكبّت على عالمها الداخلي، لتخترع عالمًا شعريًّا مختلفًا".

وتكتب الشاعرة عبير سليمان في وصف المشهد:

"إنه عرض فائق الدهشة

كل أبطاله يحملون السلاح

وكلٌّ ينعت نفسه بالضحية".

وتعنون الشاعرة رشا حبال قصيدتها بـ"الحب أول المهزومين"، أما منار شلهوب فتكتب:

"لأني ابنة الحرب،

تعلّمت كيف تُشعل الحرائق

بكلمة حب واحدة وتنتهي بالموت.

ولأني ابنة الحرب أيضاً

عُدت من جديد، أطرق باب الحب

لكن هذه المرة، رافعة ثوبي عن ساقيّ

كي لا ألوثه بدماء المقتولين".

وتقولا رولا حسن: "ربما تميّزت المرأة بقدرتها على تفكيك المشهد من زاوية مختلفة، وقد ساعدها في ذلك حسّها المرهف تجاه الهول".

ملتقيات دمشق الشعرية
ملتقيات دمشق الشعريةإرم نيوز

احتفاء بالقصيدة الجديدة

وشهدت سنوات الحرب، انتعاشًا في النشاطات الثقافية الأهلية، وتأسيس الكثير من الملتقيات الشعرية بعيدًا عن المؤسسات الرسمية. ومنها لقاء "ثلاثاء شعر" و"أضواء المدينة" و"يا مال الشام".

وأصدر "ثلاثاء شعر" كتابين ضمّا سبعة أسماء شابة جديدة هما: "كريستال طائش" و"قاع النهر ليس رطبًا"، وحملت التجارب ملامح للنص الناشئ في الحرب ومواجهة الأسئلة الكبرى".

ويقول الشاعر أحمد كرحوت في قصيدة "شيزومينيا":

"تعالي نطلق الرصاص على فوهات البنادق

لنكون صوتًا في حنجرة عصفور".

ويكتب معاذ زمريق في قصيدته "فاشلة في الحب":

"بحوزتي قلب مكسور، عليه أن يبقى جافًّا وصامتًا،

خوفا من أن تشتمّ الحيوانات البرية

رائحة ما تبقى لديه من دماء".

ديوان العرب بحلة مختلفة

ويستعيد النقاد انعطافات القصيدة العربية والظروف التي رافقتها، بدءًا بما كتبه السياب ونازك الملائكة كفاتحة لقصيدة التفعيلة، وما أسسه الماغوط في قصيدة النثر. ويتوقع الجميع حصول انعطافة شعرية تشبه تلك المراحل.

وصدرت عدة كتب تؤرّخ أو تتناول الكتابة الجديدة، وكان آخرها تبشير الشاعر أدونيس بأربع تجارب جديدة، صدرت في أربعة كتب عن دار التكوين بدمشق، لكل من: لمياء المقدم، وآفين حمو، وناريمان حسن، ومريم الأحمد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com