كيف تطور البشر خلال المائة عام الماضية؟

كيف تطور البشر خلال المائة عام الماضية؟

تفيد البيانات العلمية في تخصصات متنوعة أن تطور البشر على مدى المائة عام الماضية كان نتيجة طبيعية لتحسن الظروف المعيشية، خاصة في البلدان الأكثر تقدمًا، لذلك سمحت التكنولوجيا للبشر بتجاوز عهدة الانتقاء الطبيعي.

والانتقاء الطبيعي هو العملية التي تميل بها الكائنات الحية التي تتكيف بشكل أفضل مع بيئتها إلى البقاء على قيد الحياة وتنتج ذرية أكثر.

ويتغير النوع البشري باستمرار، حتى لو لم تكن التغيرات واضحة على المدى القصير، فقد حدثت بالفعل العديد من التغيرات التطورية على مدى المائة عام الماضية، وأصبحت مرئية بالفعل اليوم.

وكان الإنسان العاقل "Homo sapiens" نتيجة لسيرورة (عملية) تطورية طويلة، يمكن من خلالها أن نحدد تحولًا أدى في النهاية إلى ظهور الجنس البشري، ويمكن القول إنه منذ ذلك الحين ظل الإنسان يتطور بشكل مقارب بالنسبة لتطور النظام البيئي.

وتشير تقديرات العلماء، وفقًا لتقرير نشره موقع "nospensees" يوم أمس الأربعاء، إلى أن الإنسان العاقل تشكل منذ حوالي 300000 عام، وخلال الـ 200000 عام الأولى لم تكن هناك قفزات كبيرة في هذه العملية، لكن في المقابل، على مدى المائة ألف عام الأخيرة تطور البشر بمعدل أسرع، وعلى مدى العشرة آلاف عام الأخيرة كان هذا التطور أسرع بكثير وأكثر وضوحًا، والحال أن هذه العملية لم تتوقف بل ظلت تواصل المضي قدمًا.

وبحسب العالم ستيفن ستيرنز، فإن "تطورنا مستمر، وإن الظواهر البيولوجية ستتغير بصفتها نتيجة للثقافة، ونحن لا نرى هذا لأننا، اليوم، ببساطة في منتصف هذه العملية".

طرق تطور الإنسان

تشير البقايا التي تم العثور عليها والبحوث والاستكشافات حول هذا الموضوع إلى أنه منذ حوالي 40 ألف عام بلغ طول قامة البشر 1,83 سنتيمتر.. كانوا أقوياء البنية لأنهم كانوا يكرسون وقتهم للصيد والقطاف.. وكانت البيئة تقتضي منهم أن يكونوا أقوى بنية بكثير من الآن.

في المقابل، قبل 10000عام كان متوسط طول القامة 1,62 سنتيمتر في أوروبا.. لقد ظهرت الزراعة ولم تعد البنية العظيمة ضرورية لإنتاج الغذاء، وأصبح الرأس والفكان أصغر أيضًا بشكل تدريجي، لأن النظام الغذائي كان مختلفًا.. لم يعد من الضروري تدمير الفريسة بالأنياب.

وتشير البقايا التي يعود تاريخها إلى 600 عام فقط إلى أن متوسط طول القامة في ذلك الوقت كان 1,65 سنتيمتر، وأظهرت هذه الآثار أيضًا أن كلًا من الرجال والنساء كان لهم وجوه يمكن وصفها، اليوم، بـ "الذكورية"، على الأقل عند غالبية الرجال والنساء، وكانت عظام الوجه أضخم ومحيط الوجه مستطيلًا أكثر..على هذا النحو تطور الإنسان على مدى المائة عام الماضية.

هذا أمر بديهي، ففي الواقع هناك تغيرات مهمة مقارنة بتلك التي كانت في العالم قبل قرن من الزمان فقط، ففي قرن واحد فقط زاد متوسط طول قامة البشر ووزنهم مرة أخرى.

وتشير الأبحاث التي نشرها معهد دراسة العمل في بون بألمانيا إلى أن طول قامة الرجال في المملكة المتحدة، العام 1890، كان في المتوسط 1,68سنتيمتر، وبعد قرن من الزمان أصبح متوسط طول القامة 1,78 سنتيمتر، وهكذا كان هناك متوسط نمو عالمي بلغ 10 سنتيمترات في 100 عام فقط.

ويوضح العلماء أن هذا التغيير يرجع إلى تغذية أفضل وأنظمة نظافة أفضل وأنظمة رعاية صحية جيدة، وفي الوقت نفسه لوحظ في البلدان التي لا توجد فيها هذه العوامل أن طول القامة يظل كما كان منذ قرن مضى أو حتى أنه انخفض.

وتشير نفس الدراسة إلى أنه في البلدان ذات الدخل المرتفع هناك أيضًا زيادة عامة في الوزن، وتعد حالات السمنة، خاصة عند الأطفال، ظاهرة مميزة في القرن الماضي، ولم يحدث في التاريخ من قبل أن كان هناك وباء من هذا النوع، إذ يعد انتشار السمنة لدى الأطفال وباء القرن الحادي والعشرين.

تغييرات أخرى مهمة

تشير دراسة أخرى نشرت في المجلة الأمريكية لعلم الأحياء البشري "American Journal of Human Biology" إلى أن الأولاد والبنات، اليوم، يصلون إلى سن البلوغ أسرع مما كانوا قبل 100 عام مضت، فالفتيات، على سبيل المثال، يتلقين أول دورة شهرية في المتوسط في سن الـ 12 عامًا، أما منذ قرن مضى كان متوسط العمر المرتبط بالدورة الشهرية يتراوح بين 14 و 17 عامًا.

وهناك تغيير بديهي آخر أحدثته الحضارة، وهو طبيعة المرض، فقبل قرن من الزمان كان طفل واحد فقط من بين كل 3 أطفال يبقون على قيد الحياة حتى سن الـ 21 ، أما اليوم 99% من الأطفال يصلون إلى هذا العمر.

ولقد أتاح تقدم الطب زيادة معدل البقاء على قيد الحياة، لكنه ينطوي أيضًا على تراجع وخلل في الانتقاء الطبيعي، وبعبارة أخرى ليس فقط أصلح البشر للحياة هم الذين يحظون اليوم بالبقاء، ولكن الجميع تقريبًا.

في الوقت نفسه، قبل قرن من الزمان كان الناس يموتون بشكل رئيس بسبب العدوى والحوادث التي كان الإنسان يقف عاجزًا على مقاومتها في كثير من الأحيان، واليوم، ارتفع متوسط العمر المتوقع بشكل كبير، وفي الوقت نفسه ازدادت الأمراض المناعية والعصبية بشكل ملحوظ، وهكذا فإن الفرضية القائلة إن الإنسان تطور نتيجة لتحسن ظروف الحياة نظرية تبدو منطقية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com