الشيخ المنشاوي
الشيخ المنشاويمتداولة

المنشاوي.. صاحب "الصوت الباكي" يهز القلوب في رمضان

القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي يمثل صوته "بصمة صوتية" يجتمع حولها في رمضان الصائمون في العالم الإسلامي حتى ممن لا يعرفون العربية وهم مسحورون بشحنة غير مسبوقة من الشجن والورع، وكأنه يتلو بعيون دامعة حتى منحه الجميع لقب "صاحب الصوت الباكي".

وُلد "المنشاوي" في 20 يناير 1920 ببلدة "المنشية" التابعة لمحافظة سوهاج، جنوب مصر، في بيت معروف بتلاوة القرآن، حيث جده ووالده من القرّاء المعروفين على نطاق الصعيد وانتقل مع عمه إلى القاهرة بعد أن ختم القرآن في سن مبكرة. التحق بسهرات التلاوة في رمضان وهو لا يزال طفلاً وحصل على أول أجر في سن الحادية عشرة وكان 10 قروش، علمًا بأن الجنيه يتكون من 100 قرش.

ومنذ أن قدم أول سهرة تلاوة منفردًا وقع الجميع في أسر صوته مشدوهين لمسحة الحزن الصادق، الذي يخرج من قلبه فيصل إلى القلب دون واسطة، وهي السمة التي جعلته نسيجًا وحده، ومؤسس مدرسة فريدة في التلاوة لا تشبه الآخرين.

أخبار ذات صلة
توفيق المنجد.. "بلبل الشام" الذي تشتاقه مآذن الأموي

كان عازفًا عن الشهرة حتى أنه زهد في اعتماد اسمه رسميًا كقارىء قرآن في الإذاعة وهو ما كان يعد حلمًا يسعى إليه الجميع آنذاك. واضطر مسؤولو الإذاعة إلى الذهاب إليه بمعداتهم الهندسية ليسجلوا تلاوته في واقعة هي الأولى من نوعها، حيث تطلب الإذاعة من قارئ القرآن أن تعتمده لديها وليس العكس. وكان أول أجر حصل عليه من الإذاعة 12 جنيهًا عن تلاوة النصف الساعة. وقبيل رحيله، في العام 1969، بلغ أجره 25 جنيهًا فقط.

ويروي أحفاده كيف كان شديد الاعتزاز بنفسه كقارئ لكتاب الله ولا يتودد لصاحب منصب أو جاه حتى أنه عندما دعاه أحد الوزراء إلى التلاوة في حفل يحضره الرئيس جمال عبد الناصر وقال له: "سيكون لك عظيم الشرف"، أجابه قائلاً: "ولماذا لا يكون للرئيس الشرف بأن يستمع للقرآن بصوتي؟". وامتنع عن قبول الدعوة، وقال فيما بعد معقبًا على تلك الواقعة: "لقد أرسل لي عبد الناصر أسوأ رسول".

حصل على الكثير من أوجه التكريم خارج مصر مثل "النيشان الوطني" من إندونسيا، وقرأ القرآن في المسجد النبوي، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى.

وقبيل وفاته، أُصيب بمرض في المريء وطالبه الأطباء بالامتناع عن التلاوة منعًا لإجهاد حنجرته فرفض بعناده "الصعيدي"، وخشوع قلبه، وروحانياته المحلقة، وظل يهدي الإنسانية واحدة من روائع التلاوة حتى لقي وجه رب الكريم.

وكان الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب مفتونًا بصوته، وحلل أسلوبه، قائلاً: "يمكن التعليق على أي قارئ من القرّاء إلا المنشاوي الذي يمثل حالة استثنائية يحار أمامها الذائق الفاهم، ومن يتأمل مخارج الحروف عنده يصعب أن يجد لها وصفًا، وذلك لما منحه الله من حنجرة رخيمة، ونبرة شجية تلين لها القلوب والجلود معا، ويتجلّى ذلك عند ختامه للتلاوة، فتراه يستجمع كل إبداع فى آخر آيتين، بحيث يجعلك تعيش معه أشد لحظات الخشوع على الإطلاق، وما عليك إلا أن تتأمل استرساله ما بين السرعة والتلقائية العجيبة، كما فى سورة (الإسراء)، وبين الهدوء وخفض الصوت كما في سورة (العلق)".

وقال عنه الشيخ "ابن باز" كلمة جامعة مانعة شديدة البلاغة، عميقة الدلالة: "إذا أردت أن تستمع إلى القرآن كما نزل فاستمع إلى المنشاوي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com