مربّو الحمام في سوريا.. أنصفهم القانون وظلمهم البشر

مربّو الحمام في سوريا.. أنصفهم القانون وظلمهم البشر

تلاحق مربّي الحمام، سمعة سيئة لدرجة وجود اعتقاد عند عامة الناس بأن أصحاب هذه المهنة لا تقبل شهادتهم في القضايا المرفوعة أمام القضاة.

ورغم أن القوانين العربية لا تحرم "كشّاشي" الحمام أو مربّيه، من الإدلاء بشهادتهم في الدعاوى القضائية، إلا أنهم لم ينجوا من الازدراء و"التنمر" من العامة الذين يصفونهم بالبلطجة والكذب.

وفي سوق الطيور بدمشق، يجتمع المغرمون بتربية الحمام ليعرضوا مختلف أنواع الطيور للبيع. ويتفاخر كل واحد بأغلى الأنواع التي يمتلكها.

ويقول مربي الحمام "أبو محمد" لـ"إرم نيوز": "نحن أصحاب مزاج خاص يدفعنا لعشق الحمام، مثل بقية البشر الذين يمتلكون اهتمامات أخرى، لكننا نتعرض للإجحاف عندما يصفوننا بأننا سيئون".

ويتحدث مربّو الحمام عن طيورهم بشغف كبير، ويقضون ساعات طويلة أمام الأقفاص أو في بيت الحمام على سطح المنزل، ويعتبرون أن يومهم لا يكون هانئاً، إلا بعد شرب الشاي صباحاً أثناء التمتع بمشاهدة الطيور.

ورغم أن المادتين 60 و 61 من قانون البيّنات السوري، لا تمنعان مربي الحمام من الإدلاء بشهادته ولا تعتبر هذه المهنة محرّمة، إلا أن مربّي الحمام يعانون في العلاقات الاجتماعية وخاصة عند طلب الزواج.

ويقول "الحميماتي" ياسر العلي لـ"إرم نيوز": "اضطررت للتخلي عن طيوري ونقلتهم إلى بيت صديقي قبل تقدمي للزواج، لأن هذه المهنة كفيلة برفض طلبي من قبل الأهل، لكنني أعدتها لاحقاً".

وتعود السمعة السيئة لمربّي طيور الحمام، إلى ما يسببه "كشّاشو" الطيور من إزعاج للجيران بسبب "الصفير" وقذف سرب الحمام بالخضراوات لدفعه إلى الارتفاع في التحليق.

ويضيف ياسر العلي: "الضجيج والتلوث يملآن المدينة بسبب مهنٍ أخرى كثيرة، لكن الناس يظلمون مربي الحمام عندما يحملونه تبعات ذلك".

ويصف أحد زوار سوق الطيور بدمشق، مربي الحمام بالشعراء، ويقول: "التعلق بالطيور المسالمة والعناية بها بحب، يثبت رقيّ أولئك الناس ورهافة حسّهم".

 ويُفاجأ زائر السوق بوجود الحمام الزاجل المعروف برجوعه إلى المكان الذي وُلد وتربّى فيه، وقد استُخدم تاريخياً في نقل الرسائل بين مكانين.

ويقول المربّي أبو محمد: "جميع أنواع الطيور متوفرة في السوق، ويتراوح سعرها بين مئة ألف ومليون ليرة، حسب نوع الطير ومواصفاته".

وتعتبر تربية طيور الحمام مصدر رزق جيد للمربين الذين يبيعون فراخ الأنواع الجيدة كل موسم بأسعار مرتفعة، كما يقوم البعض بتهجين الأنواع عبر تزويج ذكر وأنثى من نوعين مختلفين.

ويقول أبو محمد: "أنا أعيل أسرة كاملة من بيع طيور الحمام، فما المشكلة في ذلك وهل يسبب أذيةً لأحد؟ أليس أفضل من الجلوس بلا عمل بعد سن التقاعد؟".

ويعتبر موسم بيض إناث الطيور وتفقيس الفراخ، من أكثر اللحظات سعادة عند المربين الذين يقطفون ثمار صبرهم في هذه المرحلة.

ويقول المربي ياسر العلي: "مربي الحمام يشبه الفلاح الذي يزرع الأرض وينتظر موسم الحصاد، خاصة عندما تكون الفراخ بمواصفات جمالية مطلوبة من الزبائن".

ويتحكم بسعر طيور الحمام، اللون وطول الأرجل والرقبة وشكل المنقار والعيون، وتفاصيل أخرى لا يعرفها إلا الخبراء في هذه المهنة.

ويضيف العلي: "مقياس جمال طير الحمام، يشبه مقاييس اختيار ملكات الجمال من البشر، فهناك قياسات ذهبية وانسجام مطلوب بين أعضاء الطير بدءاً من الأرجل إلى الرقبة والرأس والمنقار، وهي تحدد سعره المرتفع أو العادي".

ويتراوح عمر طائر الحمام بين 15 و 20 عاماً، ويعيش الذكر أكثر من الأنثى، ويحتفظ المربي الناجح بالأزواج التي تنتج 12 فرخاً أو أكثر في السنة لمدة سبع سنوات تقريباً.

ويقول أبو محمد: "تربطني عاطفة قوية مع بعض الطيور، فأحتفظ بها طيلة عمرها ولا أبيعها. وإن أسوأ لحظاتي هي أوقات احتضار الطير وموته".

وتتوفر في سوق الحمام بدمشق، طيور أخرى كثيرة مثل الصقور المستخدمة في الصيد، والدجاج القزم، والضخم "القوقازي"، إلى جانب الإوز وطيور الزينة وغيرها.

ورغم انهماك مربي الطيور بمهنتهم التي تشبع مزاجهم الخاص بمعزل عن آراء الناس، إلا أنهم يتضايقون من نظرات الاستهجان، ويقولون: أنصَفَنا القانون، وظَلَمَنا البشر!.

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com