بعد مرور شهر.. هل حان وقت العلاج النفسي "الحقيقي" للناجين من الزلزال؟
بعد مرور شهر كامل على الزلزال الكارثي المدمر في تركيا وسوريا، والذي خلَّف عشرات الآلاف من الضحايا في البلدين، تبرز أهمية الدعم النفسي للناجين من هول الكارثة الطبيعية في هذه المرحلة تحديدًا أكثر من أي وقت مضى، إذ يؤكد أطباء نفسيون أن وقت العلاج النفسي بدأ الآن، وأن الفترة الماضية لم تكن مجدية نفسيًّا إلى حد كبير.
وودّع الناجون من الزلزال الشهر الأول من الكارثة التي ضربت في السادس من فبراير/ شباط، جنوب تركيا وشمال غرب سوريا بألم وغموض أكثر، مستقبلين شهرهم الثاني في الوقت الذي تُثار فيه تساؤلات مهمة حول خصوصية هذا الشهر دون سواه "نفسيًّا"، وأبرز الحالات النفسية فيه، ومخاطر هذه المرحلة، والإجراءات العلاجية النفسية المناسبة.
الشهر الأول من الزلزال
يقول الطبيب النفسي آرام حسن، إن "الشهر الأول من الكارثة المأساوية مرّ دون أن يكون للطب النفسي فيه أي جدوى بشكل كبير؛ فمن المعلوم أنه في المرحلة الأولى من الزلزال ينشغل المجتمع بأعمال الإغاثة وعلاج المصابين وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، وغيرها من الإجراءات البعيدة كليًّا عن العلاج النفسي، أي يكون المجال مفتوحًا أكثر للدعم الاجتماعي لا النفسي".
ويؤكد الطبيب الهولندي من أصل سوري، لـ"إرم نيوز"، أنه "من الخطأ الفادح اللجوء إلى العلاج النفسي للناجين في المرحلة الأولى أو في الشهر الأول من وقوع الزلزال كما حصل في تركيا وسوريا، بل كان بالإمكان الانصراف إلى تقديم نصائح تساعد في النوم والأمان، باعتبارهما من أبرز المشاكل التي ترافق الأزمات".

الشهر الثاني من الزلزال
يوضح الدكتور آرام حسن إنه "لا بد من التعامل مع الناجين وتوجيه رسائل اطمئنان لهم، والقول لهم إن تصرفاتكم عادية ولكن ثمة مواقف غير عادية"، مؤكدًا أن "الدعم النفسي بدأ من هذه المرحلة تحديدًا، بعد الانتقال من مرحلة عدم تقبل الحادث أو عدم إدراك حجم المأساة أو عدم تصديق ما حدث، إلى مرحلة الصدمة بسبب الكارثة".
ويتابع: "من هذه اللحظة تبدأ مهمة الدعم النفسي والمعالجين النفسيين، عبر البدء في الوقاية من الأمراض حتى لا تتفاقم الحالات النفسية، وخاصة في ظل غياب أي عمل مؤسسي رسمي أو خاص في مجال العلاج النفسي في سوريا".

ما أبرز الحالات النفسية الآن؟ وما مخاطرها؟
يشير الدكتور آرام حسن إلى إن الشهر الثاني من الزلزال يشهد بروز حالات نفسية عديدة، ومنها "الاضطرابات ما بعد الصدمة النفسية"، و"الحِداد المزمن"، و"الاكتئاب"، و"نوبات الهلع والخوف"، وغيرها.
ويضيف: "يعاني الناجون من زلزالي تركيا وسوريا من فقدان الأمان، وعدم الثقة في المستقبل، لأن الأمان المنزلي أصبح مهددًا ومن الصعب إعادته؛ ما يعني دخول الشخص في حالة قلق واستنفار وعدم استقرار نفسي".
ومن أبرز المخاطر النفسية التي قد تواجه الناجين في هذه المرحلة، بحسب الدكتور آرام حسن، أنه قد تتفاقم الحالات النفسية والقلق إلى مراحل متقدمة تبلغ حد الانتحار والجريمة والإدمان وغيرها.

ما الإجراءات التي تساعد الناجين في هذه المرحلة؟
يؤكد الطبيب النفسي أن أفضل وسيلة للعلاج تتمثل في "التحمل الجماعي"، حيث تطفو على السطح حاليًّا أهمية العلاج الجماعي أو الدعم الجماعي، بالبدء بما يُسمى "مجموعات علاجية مفتوحة غير مغلقة"، يديرها متخصصون نفسيون واجتماعيون (معالج نفسي تحت إشراف طبيب نفسي).
ووفقًا لبحث علمي شارك فيه الدكتور آرام حسن، توصل إلى أنه "يعاني من 5 إلى 10 أشخاص من "اضطراب ما بعد الصدمة النفسية حول العالم، وأن 40% من الأشخاص يعانون مشاكل نفسية واجتماعية عامة".
ويوجز آرام حسن، لـ"إرم نيوز"، عدة إجراءات تساعد في العلاج النفسي، وهي:
-طمأنة النفس بشكل مدروس.
-توعية المجتمع بأن ما يحدث من كوارث حالة طبيعية.
-مراجعة الاختصاصيين النفسيين فقط وعدم الاعتماد على استشارات من مصادر غير معتمدة.
-الاندماج في مجموعات علاجية جماعية.