حملة "شرسة".. هل تغلق أوروبا أبوابها في وجه اللاجئين "نهائيًا"؟

حملة "شرسة".. هل تغلق أوروبا أبوابها في وجه اللاجئين "نهائيًا"؟

الدول الأوروبية تواصل تشديد إجراءات اللجوء، وتوسيع قوائم الرفض لطلبات اللجوء بوتيرة متسارعة، لخلق عامل ردع لأي لاجئ يفكر بخوض رحلة لجوء إليها.

"عصر اللجوء الذهبي انتهى"، مقولة يتداولها، مؤخرًا، الكثير من اللاجئين الذين وطأت أقدامهم أرض أوروبا، منذ العام 2020، لكن وعلى ما يبدو، تقارب كل عصور اللجوء بمختلف تصنيفتها على الانتهاء، أو تستعد لكتابة فصولها الأخيرة.

ويأتي ذلك وسط مواصلة الدول الأوروبية جميعها تشديد إجراءات اللجوء، وتوسيع قوائم الرفض لطلبات اللجوء بوتيرة متسارعة، في محاولة لخلق عامل ردع لأي لاجئ يفكر بخوض رحلة لجوء نحو القارة الأوروبية.

وبين إجراءات ضبط الحدود، والعنف المتصاعد على البوابات الحدودية، إلى تعقيد إجراءات استقبال اللاجئ وحصوله على حقوقه، أصبحت رحلة المهاجر مضنية حتى بعد وصوله إلى بر الأمان، وصار قبوله كلاجئ من المحاولة الأولى حلمًا صعب المنال، وإن تحقق، سيحتاج إلى سنة على أقل تقدير.

وأصبحت الخطط الجديدة للحد من أعداد طالبي اللجوء في أوروبا، عنوانًا صريحًا يندرج بشكل يومي في بيانات الدول الأوروبية منذ سنوات، لكن عوامل الردع أصبحت أكثر ضراوة، والترهيب بقرارات الترحيل والانتظار لسنوات، تمكن من خلق رادع لأي شخص كان يظن أن الخطر يكمن فقط في الرحلة مع المهرب أو الغرق في البحر أو التيه في الغابة.

أوروبا تعتبر أن بلادنا آمنة وتعطي الأولوية للأوكرانيين لأن حربهم في أوجها، ومسألة الانتظار الطويل أشبه بالكابوس، فلا يمكننا العمل ولا السفر ولا تعلم اللغة.
ميشلين زاهد، مواطنة سورية

خفر شرس على الحدود الألمانية

وتحاول ألمانيا، منذ العام 2015، الحد من تدفق طالبي اللجوء، لكن الحملة اشتدت بعد أن ضرب كوفيد19 الأرض، واستعرت بعد الحرب في أوكرانيا.

وكشفت الإحصائيات الحكومية أن الحكومة منحت 21% فقط من المتقدمين الوضع القانوني كلاجئين، في العام 2021، فما تناقصت الأعداد أكثر العام الأخير.

كما مددت ألمانيا الضوابط الحدودية مع النمسا، وكثفت المراقبة على الحدود التشيكية إلى الحد الذي أصبح يؤرق المسافرين برًا بين البلدين، نتيجة التأخير الناجم عن تشديد عمليات المراقبة والتفتيش.

أخبار ذات صلة
ريشي سوناك يعلن بدء حملة على الهجرة غير الشرعية

وقالت ميشلين زاهد (29 عامًا) لـ "إرم نيوز": "وصلت إلى مخيم روتن في دورتموند منذ 8 أشهر وإلى الآن لم يسمحوا لي بإجراء المقابلة الأولى، وبعض اللاجئين لا يزالون ينتظرون منذ حوالي عام كامل".

وأضافت "ميشلين" وهي صيدلانية سورية ترغب بتقديم اللجوء في ألمانيا: "قدمت إلى اللجوء بعد نهاية منحتي الجامعية في المجر لعدم رغبتي بالعودة إلى سوريا، وعدم امتلاكي النفقات المالية اللازمة لإجراءات التعديل، لذلك ما زلت أنتظر".

وتابعت الشابة: "أصبحوا يعتبرون أن بلادنا آمنة، ويعطون الأولوية للأوكرانيين لأن حربهم في أوجها، ومسألة الانتظار الطويل أشبه بالكابوس، فلا يمكننا العمل، ولا السفر، ولا تعلم اللغة".

الترحيل.. الترهيب البريطاني

وأعلنت المملكة المتحدة التي تعاني من ويلات التضخم وارتفاع الأسعار عن إشهارها سلاح الترحيل، رغم ما لاقاه من اعتراض وشجب من منظمات دولية ومحلية، لكن لندن ظلت متشبثة بإجراء ترحيل المهاجرين الذين يصلون إلى أراضيها بشكل غير قانوني إلى رواندا.

كما اتخذت الحكومة البريطانية إجراءات خاصة بحق القادمين إليها من ألبانيا، معلنة عن خطة نوعية لإعادة الأعداد الكبيرة التي تصل إلى إنجلترا عبر القناة الإنجليزية "المانش" في قوارب صغيرة بشكل غير قانوني.

وتثير هذه الإجراءات مخاوف المهاجرين العرب في بريطانيا أو العالقين على حدودها، والذين ينوون السير على خطى أكثر من 30 ألف مهاجر عبروا القناة المائية حتى الآن هذا العام ليصلوا إلى المملكة المتحدة.

وقال مهندس البناء السوداني معتز زياش (33 عامًا) لـ "إرم نيوز": "أنا بصدد إجراء المحاولة الثالثة لعبور المانش نحو بريطانيا، بعد محاولتي عبور فاشلتين كانت نتيجتهما الوقوع بأيدي خفر السواحل الذين أعادوني مع عائلتي إلى كامب في مدينة بولون سور مير الساحلية".

قرار إيقاف استقبال اللاجئين الذي يعد مخيبًا لآمال الآلاف من المهاجرين، سيعود ببعض الفائدة على اللاجئين الموجودين في المخيمات، لأنه سيسرّع إجراءاتهم بشكل كبير.
القانوني الهولندي شادي التلي

وأضاف زياش: "لا مستقبل لي ولعائلتي في أوروبا إلا بريطانيا، وأسعار المهربين تزداد بشكل كبير وكأنها تتأثر بالتضخم أيضًا، كما أن بريطانيا تصعّب المراقبة على الحدود وشط المانش، لذلك فرصنا بالنجاح في المحاولة التالية قليلة".

وتابع زياش: "ما تقوم به الحكومة البريطانية غير أخلاقي، لأن معظم من يصل إليها عائلات وأطفال، ورغم ذلك لا تتردد في صدّهم، لذلك ينوي عدد كبير من اللاجئين تغيير وجهتهم إلى آيسلندا".

وعبر أكثر من 40 ألف شخص القناة الإنجليزية، في العام 2022، وهو أعلى رقم منذ البدء بإحصاء أعداد العابرين في العام 2018.

هولند مغلقة بشكل نهائي

وقررت هولندا تعليق العمل مؤقتًا باتفاق استقبال طالبي اللجوء من تركيا حتى نهاية 2023، وبالتالي علّقت الاتفاق التركي الأوروبي الموقع، العام 2016، بشأن اللاجئين حتى نهاية 2023، والذي كان ينص على استقبال تركيا للمهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من تركيا.

وبررت الحكومة الهولندية هذا الإجراء بما أسمته تدهورًا حادًا في أوضاع طالبي اللجوء داخل مراكز الإيواء، بسبب الإقبال الكثيف من قبل المهاجرين إلى هولندا.

وقال القانوني الهولندي شادي التلي لـ "إرم نيوز": "لم تُعر الحكومة الهولندية اهتمامًا للتحذيرات التي تردها، منذ منتصف العام، حول انفجار الوضع وحدوث الكارثة، إلى أن وصلت إليها، اليوم، ووجدت ما يقارب الـ 1000 شخص ينامون في العراء بسبب اكتظاظ مخيمات اللاجئين".

وأضاف التلي: "تعقد البلديات بشكل دوري اجتماعات مع الأهالي الغاضبين من استقبال طالبي اللجوء، ودومًا ما تكون الأجواء مشحونة وغاضبة، فالكل يعاني من الأزمات الاقتصادية والتضخم، وعلى ما يبدو أن الحكومة رضخت لرأي الشارع".

وبحسب التلي، فإن قرار إيقاف استقبال اللاجئين الذي يعد مخيبًا لآمال الآلاف من المهاجرين، وسيعود ببعض الفائدة على اللاجئين الموجودين في المخيمات، لأنه سيسرّع إجراءاتهم بشكل كبير.

وقال: "بعض اللاجئين لا يزالون ينتظرون الفرج المتمثل بقبول اللجوء والإقامة منذ سنتين، وهذا يعني أن اللاجئ يضيع سنتين من حياته دون أي إنجاز، وهو واقع غير مقبول".

القانوني الهولندي شادي التلي
القانوني الهولندي شادي التلي

وختم التلي حديثه بالقول: "لم يكن أمام الحكومة خيار آخر، فالأعداد هائلة وتفوق الطاقة الاستيعابية، والشارع يغلي، ومجلس اللاجئين الهولندي أعلن عزمه مقاضاة الحكومة الهولندية، بسبب المعاملة السيئة في مراكز استقبال طالبي اللجوء الجدد القادمين إلى هولندا".

هل من وجهات جديد؟

اتجهت أنظار بعض اللاجئين إلى آيسلندا ولوكسمبورج كونهما لم تستقبلا أعدادًا كبيرة من اللاجئين، حيث كانتا بعيدتين عن أنظار اللاجئين، بسبب صعوبة الإجراءات في لوكسبمورغ وقلة الامتيازات التي تمنحها، وكذلك بُعد آيسلندا عن القارة الأوروبية، وكونها جزيرة معزولة بحريًا ويصعب الوصول إليها.

لكن اليوم تتجه الأنظار إلى هاتين الدولتين، رغم كل العقبات التي تعتري اللجوء فيهما منذ أيام عصر اللجوء الذهبي، وذلك بسبب انعدام الأفق، والتضييق على اللاجئين حتى في نقاط الانطلاق كتركيا واليونان.

وأظهر بحث نشرته مؤخرًا مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أن اليونان تتعامل بعنف عندما يتعلق الأمر بعمليات الصدّ على الحدود مع تركيا، وتقوم بزج المهاجرين في سجون سرية دون طعام أو مراحيض، ويتعرضون للضرب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com