أهالي ضحايا الزلزال في أوروبا: لسنا بخير

أهالي ضحايا الزلزال في أوروبا: لسنا بخير

"لم أكن أشعر بألم يديّ اللتين تهشمتا تمامًا بسبب الحفر، لكنني في الوقت ذاته لم أكن أجيد الصبر والبقاء واقفًا خلف فرق الإنقاذ، فمضيت أحفر معهم بيدي نحو صوت ابن أخي ابن خمسة الأعوام، حتى التقطته بيديّ وسحبته إلى الحياة".

في اليوم التالي للزلزال، هرع محمد (29 عامًا) إلى تركيا تاركًا عمله وحياته في ألمانيا، لمساعدة أهله وأصدقائه في "كهرمان مرعش"، وللاطمئنان على عائلته.

محمد وغيره من أهالي ضحايا الزلزال في أوروبا، شاركوا "إرم نيوز" مشاعرهم ولحظات الرعب الأولى التي عاشوها بعد الزلزال، وما بعدها من مشاعر فرح بنجاة أقاربهم أو حزن على من رحلوا بين ضحايا الكارثة.

وناشد أهالي الضحايا في أوروبا العالم للإسراع في تقديم مساعدات عاجلة للمشردين الناجين ولإنقاذ الأشخاص العالقين تحت الأنقاض.

حموها بأجسادهم لكن الثلاثة رحلوا

وقال محمد، الذي ينحدر من محافظة اللاذقية السورية في حديثه لـ "إرم نيوز": "تسكن عائلتي المكونة من أبي وأمي وأخي وعائلته في كهرمان مرعش، وبعد الزلزال فقِد أبي وأمي لمدة يوم كامل، حتى وجدناهما في حي قريب من منزلنا يحتمون في مزرعة لسوريين يعرفانهم".

وأضاف محمد: "سقط منزل أخي خلال الهزة الارتدادية الثانية التي تلت الزلزال وهم في داخله، وفي لحظات سقوطه كان أخي وزوجته وابنتهما يهربون نحو المطبخ، أما الطفل فلحق بهم لكنه لم يصل إلى المطبخ وبقي في الممر".

توفي الأب والأم والابنة بسبب انهيار سقف المطبخ عليهم، رغم أن الأب والأم شكّلا جسرًا من أجسادهم لحماية الطفلة، لكن الثلاثة توفوا على الفور، أما الطفل فبقي حيًّا لأنه علق في الممر، بحسب محمد.

ويضيف عم الطفل: "وصلنا إلى المكان في اليوم الثاني واستغرقت عمليات الحفر يومين، وعندما بدأت أسمع صوت ابن أخي، بدأت أساعد طواقم الدفاع المدني بالحفر بيدي، ووصلت إليه والتقطته وسحبته إلى الحياة".

وعن وضع العائلة، تحدث محمد: "الطفل بصحة جيدة، أصيب ببعض الرضوض، لكن باقي أفراد العائلة توفوا، قمنا بانتشال جثثهم.. الرحمة لأرواحهم".

وختم محمد حديثه بالقول: "لقد قضيت 3 أيام عصيبة، أصعبها اليوم الأول حين وصولي إلى تركيا، ورؤية من بقي على قيد الحياة، والحمدلله أنني سافرت إليهم. لقد أنقذت ابن أخي. والآن سأقدم للعائلة كلها فيزا إنسانية لأصطحبهم إلى بلجيكا".

وأعلنت برلين وبروكسل أنهما ستسهلان منح تأشيرات مدتها 3 أشهر للمتضررين السوريين والأتراك من الزلزال، الذين لديهم عائلات في ألمانيا وبلجيكا، دون أن تصدر بعد التعليمات التنفيذية لهذه القرارات الجديدة.

أخبار ذات صلة
الزلزال يلقي بخطط إجراء الانتخابات التركية في أتون الاضطراب

4 أيام تحت الأنقاض!

ومن بروكسل، هرع عبد الرحمن ك. (34 عامًا) نحو عائلة أخته في أنطاكيا التي اختفت بعد الزلزال لمدة يومين، دون أن يسمع عنهم خبرًا.

وقال عبد الرحمن المقيم في بلجيكا لـ "إرم نيوز": "توجهت إلى أنطاكيا في اليوم الثاني للكارثة، لأجد البناء الذي تسكنه عائلة أختي والمكون من 11 طابقًا منهارًا بالكامل، وعمليات البحث والإنقاذ جارية".

وأضاف الشاب السوري: "لحظات الترقب والخوف لا توصف، فكلما قامت طواقم الإنقاذ بإخراج جثة ما، أقترب نحوها مرتجفًا ومتوسلًا للخالق ألا تكون أختي أو أولادها، وكلما سمعت صوت ناج يتحدث العربية، انفرج صدري عله يكون واحدًا منهم".

ولم يقو عبد الرحمن على الانتظار في بلجيكا، وترك عمله وحياته هناك، وجاء ليطمأن على شقيقته وعائلتها المكونة من أخته وزوجها التركي وابنتهما، وفي اليوم الرابع بعد الزلزال خرج الأب والطفلة من تحت الأنقاض أحياء.

وهنا قال عبد الرحمن: "عندما رأيتهم، امتزجت مشاعر الفرح والحزن في قلبي، وارتطمت الفرحة بحسرة مصير أختي المجهول عندما رأيتهم يسيرون نحونا دونها، وبعد سؤالهم لم يتذكروا شيئًا، فظن الجميع أن أختي ماتت، لكن والحمدلله بعد ساعات قام الدفاع المدني بإخراجها حية أيضًا".

وكانت عائلة عبد الرحمن في الطابق الخامس من البناء، ورغم انهياره بالكامل، خرجوا أحياء يرزقون مع بعض الرضوض والكدمات، فيما عاد هو إلى بلجيكا، ليطمأن على عائلات زملائه وأقربائه.

وختم الشاب حديثه: "كلما أغمضت عيني أرى صور الجثث وأسمع أصوات الأطفال الذين كانوا يستغيثون من تحت الأنقاض دون أن نتمكن من سحبهم، وفي كل ليلة أحلم بالزلزال وأستيقظ خوفًا من كارثة أخرى قد تحصل هنا أو هناك".

حرقة الانتظار

وبين من سار نحو ذويه في سورية وتركيا، وعاد بقصة نجاة لم ترو في قصة خيالية أو فيلم سينمائي، وبين من عاد بورقة نعي وأعلن الحداد على قريب أو صديق، هناك مفجوع لا زال ينتظر. نفد صبره وهو يترقب هاتفًا يفرحه أو قائمة وفيات تشجيه! وهو بعيد عاجز لا يجيد إلا الانتظار.

وهذا هو حال السوري عمار البلوي (28 عامًا) من حلب، والذي ما زال ينتظر خبرًا عن أبيه وأمه، فهو لا يعلم إن كانا رقدا تحت الأنقاض، أم نجوا ويختبئان في مكان ما، أم أن هناك أملا بانتشالهما وهما على قيد الحياة بعد مضي 8 أيام على الكارثة.

وقال البلوي المقيم في السويد لـ "إرم نيوز": "لا جدوى من سفري إلى سوريا الآن، فأخي وأختي هناك ولم يتمكنا من الوصول إلى حقيقة مصير أبي وأمي، لذلك بقيت هنا في السويد أترقب كل ساعة خبرًا، مفجعًا أكان أم مفرحًا".

وتابع الشاب: "البناء الذي يسكنه أهلي انهار بالكامل، وتم انتشال أكثر من 20 جثة من تحت أنقاضه وإخراج 7 أحياء، وما زال البحث مستمرًا عن ناجين وموتى".

ورغم انتهاء عمليات البحث عن ناجين في معظم المناطق المنكوبة في سوريا، لم يفقد عمار الأمل، خاصة أن أحد الناجين من البناء أخبرهم أنه رأى أباه وأمه يركضان في فسحة البناء أثناء انهياره، لذلك ما زال هو وإخوته ينتظرون.

وهنا قال: "لو أنهما نجوا ولاذا إلى أي مكان، لكان أحدهما اتصل بأختي أو أخي، لذلك نرجح احتمالية أن يكونا تحت الأنقاض، أما احتمالية بقائهما حيين إلى الآن، فتقل يومًا بعد يوم، لكننا لن نفقد الأمل حتى نراهما يخرجان أو نصلي على جثتيهما".

وترك عمار عمله في شركة "سكانيا" في السويد، لأنه لم يقو على الذهاب للعمل منذ بداية الكارثة فتم فصله، ولم ير النوم إلا ساعات قليلة في الأسبوع الأخير، ويقضي معظم وقته متصفحًا صور وقوائم الناجين والوفيات في حلب، علّه يلمح صورة أحدهما أو يسمع عنهما ولو خبرًا يُنهي معاناته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com