ذوو الاحتياجات الخاصة في مصر.. من التهميش إلى المشاركة

تُولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بذوي الاحتياجات الخاصة، إيمانًا منها بقدراتهم وإمكاناتهم، عبر توفير جميع الخدمات التدريبية والتأهيلية الملائمة لهم، بما يمكّنهم من الاندماج في المجتمع.

ومنذ إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي 2018 عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة، بدأت الدولة في اتخاذ خطوات ومبادرات عدة، من شأنها أن تقدّم حياة أفضل لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أهم المبادرات افتتاح شاطئ خاص لهم وللمكفوفين بمحافظة الإسكندرية، في مبادرة أولى من هذا النوع.

تجربة مميزة

ووفق ما أشارت إليه المسؤولة برابطة ذوي الاحتياجات الخاصة، صباح عدنان، فإن "تخصيص شاطئ كامل لذوي الاحتياجات الخاصة، يُعدُّ تجربة فريدة لدمج هذه الفئة مع المجتمع".

وأضافت، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه جرى تجهيز الشاطئ ليكون ملائمًا لذوي الاحتياجات، من خلال توفير مقاعد مخصصة لهم، ومنحهم إمكانية النزول إلى البحر مباشرة من كراسيهم المتحركة، بالإضافة إلى توفير "عوامات" مخصصة لهم.

وتستمر الدولة المصرية في اهتمامها بهذه الفئة؛ إذ تركز على تمكينهم في جميع المجالات، بما في ذلك التمكين السياسي، الذي تَمثّل في حصولهم على مقاعد في البرلمان، وهو إحدى أهم المؤسسات في الدولة.

وتقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة هبة البشبيشي، إن "الدولة تبنت العديد من السياسات التي تؤكد اهتمامها بذوي الاحتياجات الخاصة، منها تخصيص مقاعد لهم في البرلمان؛ ما يُسهم في تعزيز دورهم في العملية التشريعية".

ويمثّل وجود نواب من ذوي الاحتياجات الخاصة في البرلمان أهمية كبيرة؛ إذ يُمكنهم الدفاع عن حقوق هذه الفئة المجتمعية، والعمل على سن تشريعات تحمي حقوقهم، خصوصًا أنهم يتعرضون للتهميش والتنمر، وفق البشبيشي.

تمكين تشريعي

وأشارت، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى أن "الدولة حرصت على نشر الوعي بحقوقهم خلال السنوات الماضية؛ ما أسفر عن نجاح كبير في تعزيز احترام المجتمع لهم".

وأكدت البشبيشي أن الدولة أبرزت إنجازاتهم في مختلف المجالات، سواء كانت رياضية أو مجتمعية، من خلال منتديات نُظّمت برعاية الرئيس السيسي، مثل منتدى "قادرون باختلاف".

ويعكس قانون رقم 10 لعام 2018، الذي يهدف إلى حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكفالة تمتعهم تمتعًا كاملًا بجميع حقوق الإنسان، مدى اهتمام الدولة المصرية بتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة تشريعيًّا.

وهو ما أكده عضو محاكاة مجلس الشيوخ، ومنسق حملة "شبابها" التي دشنتها وزارة الشباب والرياضة، محمد زهران، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة وأحد الأبطال الرياضيين.

ويقول زهران، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الدولة ركّزت على مسارينِ رئيسينِ في مجال تمكين ذوي الإعاقة، أولهما تفعيل القوانين القائمة التي تحمي حقوقهم، ومنها حقهم في الحصول على 5% من الوظائف في القطاع الخاص، وآخرها كفالة حقوقهم كافة في جميع المجالات، بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأضاف أن "القانون كفل حقوق ذوي الإعاقة في الجمع بين معاشين، في حالة العمل، وعبر الحصول على معاش الوالد المتوفى، بالإضافة إلى وجود عدد من النواب داخل البرلمان من هذه الفئة"، واكد أنهم يتطلعون إلى الحصول على نسبة 5% من أعضاء البرلمان.

دعم ممتد

ويمتد الدعم المقدم لذوي الإعاقة إلى العديد من المجالات، بما في ذلك وسائل النقل؛ إذ يحصلون على خصم يصل إلى 50% من أسعار القطارات المكيفة، وفق زهران.

وفي مجال الصحة، جرى إنشاء مستشفيات ومراكز طبية متخصصة في علاج ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى توفير الخدمات الطبية والعلاجية لهم.

وفي مجال العمل، جرى تخصيص نسبة من الوظائف لذوي الإعاقة في القطاعين الحكومي والخاص، وإنشاء صندوق لدعم وتشغيل ذوي الإعاقة.

ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه ذوي الإعاقة في مصر، مثل التمييز والحواجز الاجتماعية، لذلك تسعى الدولة إلى إزالة هذه التحديات من خلال استمرار جهودها في رعايتهم، وتعزيز مشاركتهم مجتمعيًّا.

ويؤدي المجتمع دورًا مهمًا في دعم ذوي الإعاقة، من خلال التوعية بحقوقهم وقدراتهم، وتقبّلهم واحترامهم، ويمكن للمجتمع دعمهم عبر توفير فرص عمل لهم، والمشاركة في البرامج والفعاليات التي تُسهم في تعزيز مشاركتهم المجتمعية.

ولتحقيق المزيد من الإنجازات في مجال رعاية ذوي الإعاقة، توصي الجهات المعنية بضرورة تعزيز التوعية المجتمعية بحقوقهم، وتوفير جميع الخدمات والمرافق العامة التي تُلبي احتياجاتهم، وإزالة جميع أشكال التمييز ضدهم في المجتمع.