رغم أضرارها.. "التدفئة البديلة" خيار سكان إدلب السورية لمواجهة الشتاء

رغم أضرارها.. "التدفئة البديلة" خيار سكان إدلب السورية لمواجهة الشتاء

يلجأ الأهالي في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، إلى وسائل تدفئة بديلة لمواجهة أعباء الشتاء والبرد القارس، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير.

ويفاقم الطقس البارد، الظروف الصعبة التي يعاني منها أهالي المحافظة الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، إلى جانب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المحروقات المخصصة للتدفئة، والتي باتت تفوق قدرتهم الشرائية بأضعاف مضاعفة.

لجأت لاستخدام وسائل التدفئة البديلة بعد عجزي عن تأمين مادة الديزل، والتي تفوق كلفتها قدرتي المالية بشكل كبير.
فضل رزوق عبداللطيف أحد سكان إدلب

وبداية الشهر الجاري، فضل رزوق عبداللطيف (38 عامًا)، وهو نازح في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، الاعتماد على "قشور اللوزيات" للتدفئة هذا العام.

ولاقت "قشور اللوزيات" رواجًا واسعًا وإقبالًا كبيرًا من الأهالي، خاصة وأنها تضاهي وسائل التدفئة التقليدية، بالإضافة لأسعارها المعقولة نوعًا ما مقارنة بغيرها من تلك التي تعمل على المحروقات.

يقول عبداللطيف لـ"إرم نيوز"، إنه "لجأ لاستخدام وسائل التدفئة البديلة بعد عجزه عن تأمين مادة الديزل المخصص للتدفئة، والذي تفوق كلفته قدرته المالية بشكل كبير، ما دفعه للبحث عن وسائل أخرى تعمل على مواد "قشر الفستق والبندق"، التي أثبتت جودتها العام الماضي مع العديد من العوائل التي استخدمتها".

ويضيف أن "سعر برميل المازوت المخصص للتدفئة وصل إلى 190 دولارًا أمريكيًا، حيث يحتاج إلى برميلين ونصف كحد أدنى في الشتاء، في حين لا يتجاوز سعر طن قشر الفستق 200 دولار أمريكي، وهو كفيل بأن يخدمه طيلة فترة الشتاء".

ويلفت إلى أن "وسائل التدفئة الآمنة والتقليدية باتت حكرًا على الأغنياء وميسوري الحال، بينما باتت العوائل ذات الدخل المحدود والمتوسط تعتمد على مثل هذه الوسائل التي من شأنها أن تخفف عنهم متاعب فصل الشتاء".

أخبار ذات صلة
في شتاء إدلب القاسي.. سوريون بلا مأوى يحرقون القمامة بحثا عن الدفء (صور وفيديو)
أخرج يوميا إلى الأحراش الجبلية برفقة أطفالي الثلاثة لجمع ما يتوفر من العيدان والحطب والمواد سريعة الاشتعال، في ظل عدم قدرتي على شراء محروقات مخصصة للتدفئة نتيجة ارتفاع أسعارها بشكل كبير.
سعاد الرجب من أهالي محافظة إدلب

وتتعدد وسائل التدفئة البديلة التي يعتمد عليها السكان في محافظة إدلب، وتأتي في مقدمتها قشور اللوزيات، واللحم الحجري، والبيرين، والحطب والبلاستيك، وروث الحيوانات، وغيرها من المواد التي اتخذوها حلًا بديلًا يغنيهم عن تحمل تكاليف التدفئة التي لا طاقة لهم بها.

وعلى مقربة من التلال الجبلية المحيطة بمخيمات بلدة مشهد روحين شمال إدلب، تعمل سعاد الرجب (31 عامًا) مع أطفالها على جمع أعواد الحطب والبلاستيك وغيرها من المواد سريعة الاشتعال، وادخارها للحصول على الدفء الذي بات الحصول عليه "صعب المنال".

تقول سعاد الرجب لـ"إرم نيوز"، إنها تخرج يوميًا إلى الأحراش الجبلية برفقة أطفالها الثلاثة لجمع ما يتوفر من العيدان والحطب والمواد سريعة الاشتعال، في ظل عدم قدرتها على شراء محروقات مخصصة للتدفئة، نتيجة ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وأضافت أنها "تعمل على ادخار ما جمعته من هذه المواد لأيام الشتاء، حيث تضمن لها ولأطفالها الدفء وتغنيهم عن شراء الوقود الذي لا تمتلك ثمنه أصلًا، حيث وجدت في هذه المواد ضالتها بعد أن اضطرت أن تبقى الشتاء الماضي دون تدفئة".

وأشارت إلى أنها "المسؤولة الوحيدة عن أربعة أطفال بعد وفاة زوجها بفيروس كورونا العام الماضي، لتواجه أعباء ومصاعب الحياة بمفردها دون سند أو معيل".

وتعمل الشابة الثلاثينية بالأراضي الزراعية وقطف الثمار، وتحصل على أجر يومي لا يتجاوز 35 ليرة تركية، وهو مبلغ لا يؤمن لها أدنى مستلزمات المعيشة، حتى يمكنها من شراء مواد التدفئة التي تعمل على المحروقات.

ووصل سعر برميل المازوت الذي تستورده شركات المحروقات التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، إلى 190 دولارًا؛ مما اضطر الكثير من النازحين للاعتماد على وسائل ومواد بديلة بأسعار أرخص، لكنها ذات أضرار ومخاطر أكبر.

السكان يعرفون مخاطر الوسائل والمواد البديلة للتدفئة على صحة أطفالهم وحياتهم، لكنهم يقولون إنهم اضطروا لتحملها كونها "أفضل من البرد".
رافع الأحمد مدير مخيم في إدلب

أضرار وحرائق

يقول رافع الأحمد (45 عامًا)، وهو مدير مخيم، إن "المواد البديلة للتدفئة تسبب مشكلات في المخيمات، نتيجة الروائح التي تنبعث حين إشعالها، بالإضافة لمخاطر تسببها باحتراق الخيام المصنوعة من النايلون سريع الاشتعال".

وأضاف لـ "إرم نيوز" أنه "على الرغم من معرفة السكان بمخاطر الوسائل والمواد البديلة للتدفئة على صحة أطفالهم وحياتهم، لكنهم يقولون إنهم اضطروا لتحملها كونها "أفضل من البرد" الذي غدا كابوسًا يلاحق النازحين وخاصة في المخيمات".

وأشار إلى تكرار حوادث نشوب الحرائق في مخيمات النازحين على الحدود السورية التركية، وتسببها بخسائر بشرية واقتصادية.

ووفقًا لإحصائيات محلية، فإن عدد الحرائق ضمن المخيمات ارتفع إلى 126 حريقًا منذ مطلع العام الجاري؛ نتيجة إشعال مواد التدفئة ومواد الطهي غير الآمنة التي تهدد حياة قاطني المخيمات.

ﺍﻟﻀﺮﺭ في ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺪﻓﺌﺔ لا ينحصر ﺑﺨﻄﺮ ﺍﺷﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻳﺘﻌﺪﺍه إلى الإصابة بأمراض صدرية نتيجة ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﻭﺍﻷﺩﺧﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ
الطبيب خالد الشيخ أحمد

مشاكل صحية

من جهته، يبين الطبيب خالد الشيخ أحمد (38 عامًا) مخاطر وسائل التدفئة البديلة، والمتمثلة بتأخير شفاء الأمراض البسيطة كالرشح والكريب وحدوث الربو والحساسية، إضافة إلى ظهور حالات من الوهن والتعب للوصول إلى الاختناق.

أخبار ذات صلة
سوريا.. معاناة للحصول على "التدفئة" خلال الشتاء

ﻭﺃﺿﺎﻑ أن "ﺍﻟﻀﺮﺭ في ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺪﻓﺌﺔ لا ينحصر ﺑﺨﻄﺮ ﺍﺷﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻳﺘﻌﺪﺍه إلى الإصابة بأمراض صدرية نتيجة ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ ﻭﺍﻷﺩﺧﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﺒﻌﺜﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، ﻓﻤﺜًﻼ يلاحظ أن بعض أنواع ﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻞ ﻳﻄﻠﻖ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻛﺮﻳﻬﺔ ﺗﺴﺒﺐ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺪﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﺢ".

وأشار الطبيب إلى أن "الإجراءات اللازمة لتلافي تلك المخاطر، هي التوعية الصحية للأهالي، ومحاولة تأمين مصادر الطاقة الأقل خطورة، إضافة لتأمين مواد أكثر سلامة ولا تنبعث منها روائح مؤذية".

أخبار ذات صلة
سوريا.. شركة تركية ترفع سعر استهلاك الكهرباء في إدلب

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com