قصة تطويع المعادن القديمة.. تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية
قصة تطويع المعادن القديمة.. تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنيةقصة تطويع المعادن القديمة.. تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية

قصة تطويع المعادن القديمة.. تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية

ترتبط كلمة "خردة" بأشياء مهملة ولا قيمة لها، وترمز إلى الأدوات التي تم التخلص منها بعد أن فقدت وظيفتها، لكن الشاب التونسي يامن العبدلي تبدو علاقته بـ"ركام الحديد والخردة وبقايا الآلات الحديدية" عالمًا خاصًا وجد فيه دافعا للإبداع والابتكار والشهرة.

داخل ورشة صغيرة وضيقة يقف يامن - 41 عاما، وسط مئات القطع الحديدية المهملة التي كانت قطعا لمكونات سيارات أو دراجات أو آلات مختلفة، ينحني يامن على طوق قديم لعجلة سيارة، غطاه الصدأ وتآكلت بعض جوانبه، ثم يرفعه بإحكام ودقة نحو آلة صقل الحديد بغاية تسويته..

تحتاج العملية إلى بضع دقائق ليتحول ذلك الطوق إلى محور مصقول سيتم اعتماده في صنع مجسم من الحديد يحاكي جسد الإنسان.



ويجد يامن، النحات التونسي المتخصص في صنع التحف والمجسمات بالاعتماد على الخردة والمعادن المهملة، متعة لا يضاهيها أي شعور آخر وهو يطوع الحديد ويصقل بعض القطع إما يدويا وإما باعتماد آلة كهربائية، لكنه ينتهى إلى ابتكار أشكال بديعة من المجسمات الفنية التي تحولت مع مرور السنوات إلى نشاط حرفي قائم الذات.

وبينما يواصل تنظيف قطعة حديدية كستها طبقة من الغبار، يكشف يامن أن تحويل الحديد والمعادن تحول من مجرد هواية كان يمارسها خلال أوقات فراغه إلى نشاط يأخذ من وقته وجهده الكثير.



ويقول يامن، وهو يعمل في الأصل مستشار تدريب وتكوين مهني، في اختصاص التركيب المعدني "منذ الصغر كنت مولعا بالفن التشكيلي والرسم، وكبر عشقي للفن في المدرسة، ولكن بمرور الاعوام بدأت الفكرة تخامرني في استغلال الخردة ومكونات المواد الحديدية المهملة وتحويلها إلى مجسمات بسيطة".

ويضيف يامن، في حديثه لـ"إرم نيوز": "رغم أني كنت مبدعًا في الرسم التشكيلي، فإني قررت في نهاية الأمر أن أحول نشاطي كليا إلى فن نحت المعادن، كانت البداية في عام 2010، عندما صنعت مسجمين اثنين وشاركت في أحد المعارض الفنية في المدينة القصرين التي أقطن بها".

وتابع: "أذكر أن أول عمل قمت به هو مجسم المحارب، وهو عبارة عن جندي روماني يحمل سلاحا، أما العمل الثاني فكان الموسيقي، وهو عازف على آلة القيتار، حيث كانت مكونات المجسمين ومن بقايا أبواب حافلة مهملة".



وأضاف: "نالت أعمالي إعجاب الزائرين في أول عرض أشارك فيه، ومن ثمة تلقيت عروضا للمشاركة في معارض أخرى، وبدأت منحوتاتي تجد رواجا في المعارض والملتقيات الفنية خصوصا أنها تبدو تجربة غير رائجة في تونس".

وأوضح أن "قصة عشقي لتطويع المعادن القديمة تكبر يوما بعد يوم رغم أن الأمر صعب ومرهق وتدوم عملية صنع مجسم واحد أسابيع بأكملها".

ويبحث يامن، عن قطع الخردة والحديد في الشوارع أو لدى "الميكانيكيين" للحصول على المواد الأولية، مضيفا أنه "يحصل في العادة على تلك القطع مجانا، لكنه بالمقابل يؤكد أن مجسماته لا تباع في العادة بل يقتصر الأمر على المشاركة في المعارض والملتقيات".



وتختزل مجسمات يامن، جوانب من الحياة اليومية أو من معاناة أصحاب المهن الشاقة مثل عمال المناجم كما يختار مجسمات لأنواع من الطيور المهاجرة إلى تونس، أو أخرى للتعبير عن معاناة الشباب العاطلين من العمل أو الفقر، فقد صنع مجسما لـ"عامل نظافة" للدلالة على نبل تلك المهنة والصعوبات التي يعاني منها عملة النظافة بشكل عام.

وشارك يامن، في عديد المعارض بتونس وأبرزها معرض تونس للإبداعات في مدينة الثقافة بالعاصمة التونسية، عندما تم تكريمه من قبل وزير الثقافة التونسي وذلك في العام 2020، كما شارك في مهرجانات وفعاليات أخرى وحصلت أعماله على جوائز عدة.



ويقول "هذا الفن لا يوفر لي المال الكثير، لكنه يمنحني فرصة الخلق والإبداع، أطمح للمشاركة في معارض عالمية للنحت على المعادن وتطويع الحديد، والانفتاح على تجارب أخرى رائدة في فن النحت".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com