"مذكرات البارون كوسيل".. أسرار تُنشر لأول مرة عن الاحتلال البريطاني لمصر

كشفت مذكرات "البارون كوسيل" الذي عاش في مصر، في الفترة 1863 حتى 1887، عن أسرار تُعلن لأول مرة حول الاحتلال البريطاني لمصر، والذي دام أكثر من 7 عقود في الفترة من 1882 حتى 1956.

وذكر "البارون" أنه أثناء عمله مديرًا للجمارك بميناء الإسكندرية التقى الزعيم الوطني "أحمد عرابي" وجهًا لوجه وعلم بحكم موقعه الوظيفي بوجود محاولة لتهريب شحنة متفجرات متطورة تعمل تحت الماء استقدمها "عرابي" من الولايات المتحدة لتفجيرالسفن البريطانية التي تحاصر شواطئ الإسكندرية والتي تستعد لإنزال قواتها على الأراضي المصرية واحتلال البلاد.

وأوضح أنه تمكن من إحباط عملية التهريب التي لو كانت نجحت لكان من الممكن جدًا أن تحول دون سقوط مصر في قبضة الاحتلال.

وردت هذه التفاصيل في أول ترجمة عربية للمذكرات والتي صدرت في طبعة جديدة عن دار "إشراقة" في القاهرة في كتاب يحمل عنوان "ربع قرن في مصر- مذكرات البارون كوسيل"، ترجمة محمد على ثابت، تحقيق ودراسة وليد كساب.

وكشف صاحب المذكرات كذلك عن معلومة تُطرح للمرة الأولى وهى أن الأسطول الأمريكي في البحر المتوسط ساعد نظيره البريطاني في مهمة حصار شواطئ الإسكندرية وضربها ومن ثم احتلال المدينة الساحلية.

و"البارون كوسيل" هو "صمويل ليسيج كوسيل" الذي نشأ كشاب إنجليزي بمدينة ليفربول حيث كان الطبيب المصري"مصطفى" يعيش في المدينة ويصادق والد "كوسيل" واستطاع نقل الخبرة البريطانية في حلج القطن إلى مصر من خلال مصنع أنشأه في مدنية " الزقازيق" وهي المدينة المصرية، التي انتقل إليها الشاب البريطاني ليعمل في المصنع بناءً على نصيحة الطبيب المصري.

وأثناء سنوات إقامته المديدة في مصر، انتقل "كوسيل" بين العديد من المدن والمناصب قبل أن يعود إلى أوروبا ويحظى بلقب "بارون" وأصبح شاهد عيان على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمصريين، كما عاصر بشكل مباشر أحداثًا كبرى مثل افتتاح قناة السويس العام 1869، وافتتاح "أوبرا عايدة"، ونقل مسلة "تحتمس الثالث" إلى لندن، كما قدم شهادة تفصيلية عن أحوال الفلاح المصري، ووباء الكوليرا الذي ضرب البلاد آنذاك.

"جملة حقائق مهمة"

وقال المؤرخ والباحث المصري الدكتور خالد عزب إن المذكرات تكشف عن جملة من الحقائق المهمة منها أهمية البعثات التي أرسلها محمد علي و خلفاؤه من حكام مصر إلى بريطانيا حيث الكلام دومًا عن نظيرتها التي ذهبت إلى فرنسا بينما يغفل المؤروخون الدور الذي لعبه المبتعثون إلى بريطانيا.

وأشار في تصريح خاص لـ"إرم نيوز" إلى أن الكتاب يجيب عن تساؤلات تؤرق المؤرخين منها السر وراء هزيمة الزعيم أحمد عرابي، رغم أنه كان في موقف جيد نسبيًا من الناحية العسكرية.

وأوضح "عزب" أن المذكرات تكشف كذلك بوضوح عن مدى توغل الأجانب في الاقتصاد المصري في ذلك الوقت على حساب المصريين، كما توضح حجم التواطؤ الدولي لتسهيل مهمة المحتل البريطاني بما في ذلك الدور الذي لعبه السلطان العثماني.