رجل تونسي يتصفح كتابا في محل لبيع الكتب المستعملة يسمى "مغارة علي بابا" في العاصمة تونس
رجل تونسي يتصفح كتابا في محل لبيع الكتب المستعملة يسمى "مغارة علي بابا" في العاصمة تونسأ ف ب

رواية "2160".. شيء من الأدب وكثير من الخيال العلمي

اختار الكاتب التونسي "الهادي جاء بالله" الغوص في الخيال واستشراف المستقبل بأسلوب أدبي يندر الكتابة به، في روايته "2160" الصادرة حديثا عن دار "عليسة" للنشر والتوزيع.

وتُعتبر كتب الخيال العلمي نادرة في إنتاج دور النشر التونسية، لا سيما الأدب باللغة العربية، لكن "الهادي جاء بالله" آثر أن يسلك هذا الطريق الوعر واستخدم الأرقام في “2160” التي تتصور ما سيحدث في العالم في السنوات والعقود المقبلة.

وبعد روايتين سابقتين "الدرواس" و"موسم الرزاز"، يقدم الهادي جاء بالله هذه الرواية الجديدة التي تسيطر عليها الأرقام مستشرفة مستقبل عالم تهيمن عليه الآلات، وتبدأ إثارة اهتمام القارئ من العنوان وترحل به إلى عالم الخيال.

غلاف الرواية
غلاف الروايةدار عليسة للنشر
أخبار ذات صلة
"الزيروويت".. رواية تونسية تحكي وجع المهمّشين

وتقع مشكلات البيئة وتغير المناخ في قلب الرواية وخاصة مخاطرها على السكان، ومنذ الصفحات الأولى يحدد المؤلف ملامح العالم في العقود القادمة.

وستكون الأرقام لغة المستقبل وسيقترب الإنسان أكثر فأكثر من الآلة وستتم برمجة حياته، ويختصر الكاتب كلّ ذلك بتأكيده: "نحن في الحقيقة في عالم الذكاء الاصطناعي".

والرواية عبارة عن انغماس في هذا الكون لاستكشاف أسراره، وتنطلق بسيل من الأسئلة المثيرة للاهتمام.

وبين السرد الكلاسيكي والخيال العلمي وبين الماضي البعيد والحاضر والمستقبل، ينجح المؤلف في تحقيق مزيج جميل باستخدام لغة أدبية بسيطة في تعبيرها وواضحة في معناها دون الكثير من الزخرفة.

ودون تجاهل الحاضر وتعقيداته، تخصص الرواية جزءًا كبيرًا للتكوين الفيزيولوجي للإنسان قبل عام 2160، وفي هذه الصفحات الـ 120، يصوّر الكاتب رحلة رجل المستقبل الذي سيدفع ثمن الكارثة التي لحقت بالطبيعة والبيئة.

ويقوم المؤلف بالدمج بين الواقع والخيال ويستخدم الرمزية للتعبير عن عدم قدرة الإنسان على إيجاد هوية جديدة بعد الكارثة التي تشهدها الأرض، حيث أصبح مصيره الآن مرتبطاً بالتكنولوجيا وكل ما يتعلق بالتكنولوجيا الرقمية لدرجة فقدانه لمشاعره وأحاسيسه لمتعة الحياة وكذلك فقدان هويته وقيمه الإنسانية.

ودون ثرثرة في السرد ودون إسراف لغوي قالت الرواية ما يجب أن يقال في انسيابية الرواية وفي صرامة العلوم.

أخبار ذات صلة
"الأضرار الناعمة".. رواية تونسية تغوص في متقلبات الحياة

وتقدّم رواية "2160" سردًا متفجرًا حيث يتم نقل خصوصيات الحياة الجديدة التي يعيش فيها السكان في منازل تحكمها الأزرار، يحدث فجأة وباء غامض يدمر كل شيء في طريقه، حيث يمثّل اكتشاف علاج للقضاء على هذه الكارثة والعودة إلى الحياة الطبيعية أمرا صعبا.

وجاء في الصفحة 22 من الرواية: "لقد أكدت مخابر العلوم الطبية منذ النصف الأول للقرن التالي للحادثة أن إفرازات الحادثة الكبرى الانفجارية في أجزاء مهمة من شمال الكرة الأرضية تمثلت في مادة نتجت جراء التفاعل الكبير الذي تداخل وفقه الفضاء الخارجي وجزء من باطن الأرض وعمق البحار، هذا التداخل العجيب أنتج مناخا هوائيا جديدا احتوى على مادة جديدة توسطت "الهيدروجين والأكسجين" وهي المادة التي استنشقتها الكائنات التي بقيت على قيد الحياة والتي كانت مادة وراء تغيير كلي لجسم الإنسان وغرائزه ومذاقاته وجسر حياته المفترض...".

وتبدو نهاية الرواية بمثابة جرس إنذار يحذر القارئ من نهاية الإنسانية من خلال التذكير بسلسلة حالات الاختفاء التي عاشتها البشرية على مر القرون، ويحاول المؤلف إبعاد القارئ عن خطر الاعتماد المفرط على الآلات وإهمال وسوء معاملة الطبيعة والبيئة. 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com