يعد مشروب "العرقسوس" من أشهر المشروبات المرتبطة بشهر رمضان لدى المصريين، وذلك لعدة أسباب منها أنه يحافظ على الماء في الجسم، وهو ما يخفف الشعور بالعطش في ساعات الصيام، فضلًا عن كونه مفيدًا لمرضى السكري.
ويعتبر "العرقسوس" من أقدم المشروبات لدى المصريين، إذ أثبتت الدراسات أنه كان موجودًا في عصر الفراعنة، إذ وجِدت رسومات تدل على أن النبات المصنوع منه المشروب كان موجودًا في العصر القديم، واستخدمه الأطباء في علاج عدة أمراض، وكانوا يجعلون منهم شرابًا للملوك.
"العرقسوس" أو "نبات السوس" كما ذكر العديد من كتب التاريخ، هو نبات عشبي معمر ينبت في كثير من بقاع العالم، مثل: سوريا ومصر وآسيا الصغرى وأواسط آسيا وأوروبا، ويستخلص من جذوره مادة "العرقسوس"، وهي أكثر حلاوة من السكر العادي ويمكن مضغها، كما إنها تضاف لبعض المشروبات، مثل: المواد الغازية، وغيرها.
وللعرقسوس فوائد طبية جمة، واستخدمه المصريون القدماء للتداوي من عدة أمراض، وكان ينادي عليه البائع قديمًا بالقول: "شفا وخمير يا عرقسوس" لِما له من تأثير شافٍ للعديد من أمراض الجهاز الهضمي، مثل: علاج حالات قرحة المعدة، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن العرقسوس يحتوي على مادة الجلسرهيزين التي يُشتقُّ منها مادة كاربن أوكسالون التي تساعد علي التئام قرحة المعدة والأمعاء.
وذكر ابن سينا مشروب العرقسوس في "القانون" قائلًا: "عصارته تنفع في الجروح وهو يليّن قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق وينقي الصوت ويسكن العطش ويُفيد في التهاب المعدة والأمعاء وحرقة البول".
وذكره ابن البيطار بالقول: "أنفع ما في نبات العرقسوس عصارة أصله وطعم هذه العصارة حلو كحلاوة الأصل مع قبض فيها يسير ولذلك صارت تنفع الخشونة الحادثة في المريء والمثانة وهي تصلح لخشونة قصبة الرئة إذا وضعت تحت اللسان وامتص ماؤها".
وأضاف "إذا شرب أوقف التهاب المعدة والأمعاء وأوجاع الصدر وما فيه والكبد والمثانة ووجع الكلى، وإذا امتص قطع العطش وإذا مضغ وابتلع ماؤه ينفع المعدة والأمعاء، كما ينفع كل أمراض الصدر والسعال ويطري ويخرج البلغم ويعالج الربـو وأوجاع الكبد والطحال وحرقة البول، ويدر الطمث ويعالج البواسير ويصلح الفضلات كلها".
وفي عهد الفراعنة كان يقتصر شراب العرقسوس على الملوك، ووجدت جذور هذا النبات داخل مقبرة "توت عنخ آمون"، حتى جاء الفاطميون وأقبل عليه الناس وأصبح شراب العامة.
وكانت مهنة "بائع العرقسوس" متداولة فى مصر القديمة، وحتى الآن، إذ له زي خاص، ويقوم بالعزف على أطباق معدنية تمنحه لحنًا خاصًّا معروفًا لدى العامة، وتعتبر هذه المهنة من فلكلور الفن المصري، لا سيما أن صوره قد نقشت على بعض المعابد المصرية.
ورغم كل الفوائد التي ذكرناها للعرقسوس، فإن تناوله بكثرة يسبب أمراضًا عديدة، مثل: ارتفاع الضغط، وارتفاع الصوديوم، ونقص البوتاسيوم، وعدم انتظام ضربات القلب، كما إن تناول جرعات مفرطة منه تعتبر حالة تسمم، وتؤدي إلى الفشل الكلوي وتراكم السوائل في الرئتين.