سلطت دراسة حديثة، أجرتها مجموعة من الخبراء التربويين، ونشرها موقع psypost، الضوء على أهمية النهج المتوازن الذي يتضمن مشاركة الوالدين في الحياة الرقمية لأطفالهم بدلاً من مجرد الإشراف. وقد قدمت الدراسة رؤى قيمة حول الإستراتيجيات الأبوية الفعالة لمعالجة مشكلة استخدام الهواتف الذكية بين المراهقين.
فهم مشكلة استخدام الهاتف الذكي
يتميز الاستخدام الإشكالي للهواتف الذكية بالاستعمال المفرط الذي يتعارض مع الحياة اليومية، ما يؤثر في الصحة والعمل والتفاعلات الاجتماعية. ويتعرض المراهقون، على وجه الخصوص، لهذه المشكلة، التي من الممكن أن تتسبب بتعطيل أنماط النوم، وتقليل الإنتاجية، وتوتر العلاقات. ومن الممكن أن يؤثر ذلك أيضًا سلبًا على الأداء الأكاديمي والتنمية الاجتماعية.
أهداف الدراسة والمنهجية
هدفت الدراسة إلى استكشاف كيفية تأثير ديناميكيات الأسرة ومشاركة الوالدين على الاستخدام الإشكالي للهواتف الذكية بين المراهقين. وقد قام الباحثون بفحص 1187 عائلة ثلاثية، بما في ذلك الأم والأب والمراهق الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما، مع جمع البيانات والمتابعة لمدة ستة أشهر، وذلك لتحليل التغييرات مع مرور الوقت.
النتائج الرئيسة: تعزيز التواصل
ركز البحث على التفاعلات بين الوالدين والمراهقين، مع تقييم كيفية تأثير المناقشات حول استخدام الهاتف الذكي ودعم الوالدين على الاستخدام الإشكالي للهواتف الذكية. وقد أشارت النتائج إلى أن تحسين التواصل بين الآباء والأبناء قلل إلى حد بعيد من الضغوط الاجتماعية المتعلقة باستخدام الهواتف الذكية، والاعتماد العاطفي على الهواتف الذكية مع مرور الوقت. ومن الجدير بالذكر أن التواصل العام الأفضل مع الآباء أسهم أيضًا في هذه التخفيضات، في حين أن زيادة الدعم العاطفي من الأمهات قلل من الاعتماد العاطفي على الهواتف الذكية.
وقد حددت الدراسة أربع إستراتيجيات رئيسة لتدخل الوالدين:
التدخل المقيد: ويتضمن وضع القواعد والحدود فيما يتعلق باستخدام الهاتف الذكي، مثل تحديد وقت الشاشة أو تقييد الوصول إلى تطبيقات معينة. ويؤكد هذا النهج على التحكم لمنع الاستخدام المفرط دون الحاجة إلى شرح الأساس المنطقي وراء القواعد.
التدخل السلبي: ويركز على رفض الوالدين للاستخدام المكثف للهواتف الذكية. وتتضمن هذه الإستراتيجية تسليط الضوء على الجوانب السلبية لاستخدام الهواتف الذكية، مثل مخاطر الصحة العقلية أو الانحرافات الأكاديمية، بهدف تثبيط سلوكيات معينة من خلال التحذيرات والنقد.
التدخل الإيجابي: ويشجع على الاستخدام البناء للهواتف الذكية، حيث يقوم الآباء الذين يستخدمون هذه الإستراتيجية بتوجيه أطفالهم نحو التطبيقات التعليمية، ومناقشة المحتوى بشكل نقدي، وتعزيز الاستخدام المتوازن، وتعزيز علاقة صحية مع الأجهزة الرقمية من خلال التعزيز الإيجابي والمشاركة الداعمة.
تدخل الاستخدام المشترك: ويستلزم مشاركة الآباء في استخدام الهواتف الذكية مع أطفالهم، مما يجعله منهجا تشاركيا. وهذا يسمح للآباء بالإشراف المباشر على أطفالهم والتفاعل معهم في الفضاء الرقمي، ما يوفر أساسًا لمزيد من المناقشات المستنيرة حول العادات الرقمية.
وقد كشفت الدراسة أن التدخل المقيد من قبل كلا الوالدين ارتبط بانخفاض كبير في الاستخدام الإشكالي للهواتف الذكية والضغط الاجتماعي. كما أدت قواعد الآباء الأكثر صرامة إلى تقليل المكاسب العاطفية من استخدام الهواتف الذكية. ومع ذلك، كانت للتدخل السلبي آثار ضارة غير مقصودة، حيث زاد من حدة الإدمان عند استخدامه من قبل الأمهات وزيادة الضغط الاجتماعي عندما استخدمه الآباء. وعلى العكس من ذلك، أدى التدخل الإيجابي من قبل الأمهات إلى تقليل الاعتماد العاطفي على الهواتف الذكية. أما الاستخدام المشترك فقد أدى إلى انخفاض الضغوط الاجتماعية، ما يشير إلى أنه يمكن أن يخفف من الآثار الاجتماعية للاستخدام المفرط للهواتف الذكية.
وبهذا، يتصور الباحثون إنشاء أدوات عملية للآباء في جميع أنحاء العالم لمساعدة أطفالهم على التنقل في العالم الرقمي بشكل أكثر صحة، مؤكدين أهمية النظم المجتمعية والتعليمية في دعم الأسر ومساعدة الأطفال على تطوير عادات رقمية آمنة.