فستان الفلامنكو.. تقليد أندلسي يعود إلى الواجهة في عالم الموضة (صور)
في قلب مدينة إشبيلية، تعج ورشة عمل مصمم الأزياء الإسباني "لويس فرنانديز" بالنشاط، وبين حفيف الأقمشة المكشكشة والأقمشة المنقطة ذات الألوان الزاهية، يتبع العملاء بعضهم بعضًا في التجهيزات للعثور على فستان الفلامنكو الخاص بهم، وهو أحد الرموز التقليدية لإسبانيا.
تحت العين الساهرة لصانع القبعات، الذي يقرص الدبابيس بين أصابعه لضبط الزي، ترتدي النساء الإسبانيات هذا الفستان الكلاسيكي للغاية، مع كشكشة على الأكمام، ثم فستانًا أزرق فاتحًا مع شال مطابق، وآخر أحمر، كلها شفافة تكشف عن الساق بالكامل.
من جانبه، قال مصمم الأزياء الإسباني لويس فرنانديز لقناة "فرانس 24" الفرنسية: "في الوقت الحالي، هناك فوضى، الورشة مقلوبة رأسًا على عقب"، مضيفًا أن "هذه هي التعديلات الأخيرة قبل أن يتسلم العملاء فساتينهم من إشبيلية".
ويستقطب مهرجان"فريا" الذي يستمر أسبوعًا مئات الآلاف من الأشخاص كل عام إلى العاصمة الأندلسية حيث يلتقي الدراجون بالملابس التقليدية و"الفلامنكو"، وينتهي يوم السبت.
ويعود تاريخ هذا الفستان المجهز للغاية، مع الكشكشة على التنانير والأكمام، إلى أكثر من قرن. وترتديه المرأة مع شال على كتفيها وأقراط وأساور وشعرها مربوط في كعكة بها زهرة ضخمة.
ويعتبر الفستان رمز المرأة الأندلسية، وأصبح إحدى صور إسبانيا ونسخته الحديثة وهو إحدى الهدايا التذكارية التي يعود بها السياح الأجانب في حقائبهم.
وأضاف مصمم الأزياء الإسباني "يُبرز هذا الفستان أجمل ما في المرأة"، برقبته الواسعة، "شكل الساعة الرملية هذا"، بين هذا "الخصر الضيق"، الأرداف والصدر، بحيث "تشعر المرأة" بأنها بارزة حقًّا "و" جميلة ".
من جانبها، قالت فيرجينيا كواريزما، إن هذا التصميم من الفساتين يسهم في "إدامة التقاليد الأندلسية" والبقاء "على اتصال" مع جدتي الراحلة فيرجينيا، التي صنعت لي بعضًا منها عندما كانت صغيرة.
المشاعر المعادية لفرنسا
وعندما بدأ مصمم الأزياء الإسباني لويس فرنانديز في تصميم الأزياء في عام 2012، كان من الواضح لهذا الإشبيلي المهووس بهذا التصميم، أنه سيكرس نفسه لملابس الفلامنكو.
ويقول إنه الزي الإقليمي التقليدي الوحيد "الذي يتطور مع الموضة، والوحيد الذي يقبل الاتجاهات الجديدة".
بدورها، قالت عالمة الأنثروبولوجيا روزا ماريا مارتينيز إن "فستان الفلامنكو موروث من ملابس "الماجو" التي كانت ترتديها في الأصل الطبقات العاملة في مدريد وخُلدت في لوحات فرانسيسكو دي غويا (1746-1828)".
ومع ظهور الفرياس في إشبيلية في منتصف القرن التاسع عشر، تم تبني الزي من قبل الطبقات الأكثر ثراءً في الوقت الذي كان فيه رفضُ الفرنسيين وأزيائهم الأرستقراطية قويًّا جدًّا في إسبانيا.
ثم تستمد هذه الفساتين إلهامها أيضًا من الفساتين ذات الكشكشة التي ترتديها النساء الغجريات اللاتي يبعن الكعك في هذه الفريسيات.
وفي القرن العشرين، اتخذ اللباس شكله الحالي وأصبح شائعًا للغاية، ولا سيما بفضل إضفاء الطابع الاحترافي على الفلامنكو وانتشار مدارس الرقص الأندلسية، حيث تعلمت النساء الإيماءات والأشكال التي تسمح لهن بالتألق.
صورة إسبانيا
في ستينيات القرن العشرين، استخدمت دكتاتورية فرانسيسكو فرانكو (1939-1975)، الذي أراد "بيع إسبانيا كوجهة سياحية"، "صورًا نمطية شعبية" مثل فستان الفلامنكو الذي "بدأ يُعرف بأنه صورة إسبانيا" في الخارج.
وفي الآونة الأخيرة، ألهم اللباس الأندلسي، "الثنائي بين التقليد والحداثة"، "مصممي الأزياء العظماء" مثل ديور، التي نظمت دارها عرض أزياء فلامنكو كبيرا في إشبيلية قبل عامين.
وفي إشبيلية، أصبح القطاع الآن احترافيًّا والمصممون، الذين يتبعون "اتجاهات باريس وميلانو" وفقًا للويس فرنانديز، يقيمون أسبوع أزياء الفلامنكو الدولي منذ عام 1995.
وفازت العلامة التجارية لفرنانديز وشريكه مانويل جورادو بجائزة مصممي الأزياء الشباب هناك في عام 2016.
يمكن أن يتكلف فستان من فرنانديز ما بين عدة مئات إلى أكثر من ألف يورو، ولكن هناك خيارات أكثر اقتصادًا من المتاجر الرخيصة.
