"أعيش حياة مثلك".. الحب والزواج والأبوة في حياة أصحاب الهمم

يكشف الكاتب النرويجي "يان جرو" الكثير من ملابسات وكواليس حياة ذوي الاحتياجات الخاصة (أصحاب الهمم) بما فيها الحب والزواج والأبوة من وحي تجربته الشخصية كشخص مقعد يستخدم كرسيًّا متحركًا، إثر إصابته بالضمور العضلي النخاعي وهو في الثالثة من العمر.

وأوضح " جرو" في كتاب " أعيش حياة مثلك " I Live a life like yours الذي صدرعن دار "العربي" بالقاهرة، أنه تعرف إلى زوجته " إيدا" حين التحق الاثنان عام 2009 بدورة للكتابة الإبداعية في "مدرسة كتابة" تديرها دار النشر النرويجية "أسكهاوج" وظلا يلتقيان مرة كل أسبوع لمدة عام كامل وهما يناقشان الروايات والأعمال الأدبية المختلفة.

وولد يان جرو 1981 في العاصمة أوسلو وهو روائي يكتب للكبار والأطفال، كما إنه أكاديمي يلقي المحاضرات حول العالم واعتبر كتابه " أعيش حياة مثلك " علامة فارقة في أدب السيرة الذاتية وهو أول كتاب غير روائي يتم ترشيحه لجائزة " المجلس الشمالي للأدب" منذ 50 عامًا.

وقال الكاتب النرويجي إنه محاصر طوال الوقت بأسئلة عن حياته الزوجية من نوعية: كيف تسافران؟ ومن يتولى إعداد الطعام؟ وماذا عن العلاقة الحميمة بينكما؟ مشيرًا إلى أن مثل تلك التساؤلات حين تصدر عن الكبار يتجاهلها عادة لأن ما بينه وبين زوجته أكبر من أي إجابة، أما في حين تصدر عن أطفال، فيوضح ببساطة أن الزواج هو بالمحصلة النهائية عبارة عن تواجُد شخصين في حيز جغرافي ضيق يتسم بالحب وهو ما ينطبق عليه.

ولفت " جرو" إلى أنه في بدايات التعارف والحب مع زوجته تعمد ألا يسألها أسئلة خاصة مثل علاقاتها السابقة حتى لا تطرح عليه الأسئلة نفسها في المقابل، مشيرًا إلى أن مثل تلك الموضوعات تمثل حساسية كبيرة بالنسبة له، وهو ما استشعرته زوجته منذ بدايات تعارفهما مشددًا على أنها تعاملت مع الأمر بذكاء.

الأبوة

وحول تجربة الأبوة، روى قصة مؤثرة تتمثل في أنه استعان بصديقة زوجته "ماري" حين دخلت زوجته مرحلة المخاض قبيل الفجر، وحين وصلت سيارة الأجرة لأخذهما إلى المستشفى، وذكر كيف اضطر لقطع الشوارع المظلمة الباردة ليلًا لمسافات طويلة بمفرده من على الكرسي المتحرك، حتى يلحق بزوجته، إذ عاش لحظات من الفرح والرعب التي تكللت في النهاية بقدوم ابنه " ألكسندر".

من جانبه أشار الناشط الثقافي إسلام وهبان الذي وضع مقدمة الكتاب، وهو أيضًا من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أنه كاد في البداية يعتذر عن وضع تلك المقدمة؛ لأنه لا يريد أن يوضع في سياق ذوي الاحتياجات الخاصة ليس خجلًا منهم، ولكن لأنه يعتقد أن أي إنسان يجب تعريفه بما ينجزه ويبرع فيه وبالتالي أراد أن يتم تعريفه كصحفي مصري متخصص في الشأن الثقافي، لكنه عدل عن رأيه حين قرأ مسودة العمل كاملة واكتشف أنه أمام كتاب رائع ومختلف يتسم بالجرأة والصدق والبعد عن الزوايا المعتادة في هذا السياق.

وقال إسلام وهبان في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" إن الكتاب يعد من أهم ما كُتب عن عالم الكراسي المتحركة وأصحابها من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ اتسم بعمق الرؤية واللغة الأدبية الرفيعة والمزج بين فنون السيرة الذاتية والتنمية البشرية والتأملات الفلسفية.