"الاضطراب العقلي" حيلة للإفلات من العقاب في مصر
"الاضطراب العقلي" حيلة للإفلات من العقاب في مصر"الاضطراب العقلي" حيلة للإفلات من العقاب في مصر

"الاضطراب العقلي" حيلة للإفلات من العقاب في مصر

فتحت فاجعة مقتل إمام مسجد في مصر على يد أستاذ جامعي ادعى "جنونه العقلي"، الملف الشائك الذي يسلكه عدد من المدانين بوقائع فجة، وبمعاونة محامين مهرة للإفلات من العقاب الذي يصل في بعض الأحيان للإعدام، أو على الأقل إطالة أمد التقاضي لتقليل العقوبة المقررة.

جدل مجتمعي

الواقعة التي شغلت الرأي العام في مصر خلال الساعات الماضية بالنظر إلى بشاعتها، تحولت إلى مثار جدل آخر عندما ادعى المتهم بأن قواه العقلية غير سليمة وأنه يملك "شهادة معاملة أطفال"، لكن المتابعين للسلك القضائي تحدثوا عن تكرار هذا الادعاء في عدة قضايا، بغرض تخفيف العقوبة عن المتهم أو تبرئته كليًا.

ووفق القانون المصري فإن المدعي بعدم سلامة قواه العقلية يخضع للجنة طبية تحددها الدائرة القضائية التي تنظر القضية، قبل أن تبدأ مراحل التقاضي، بيد أن إثبات الجنون يختلف عن الاضطراب النفسي، فالأول يُسقط المسؤولية عن أفعال صاحبه، أما الثاني فلا يسحب العقاب، باستثناء أن يضع القاضي في اعتباره هذا الجانب في الشخصية المتهمة لدى نظر الأوراق.

من السجون للجنون

وعن "موضة" الهروب من السجن إلى "مستشفيات الطب النفسي"، قال المحامي بالنقض، عمرو عبدالسلام، إن ادعاء الجنون أو المرض النفسي أصبح حلمًا يراود عددًا من الجناة في الجرائم الخطرة، خاصة جرائم القتل التي قد تصل عقوبتها للإعدام شنقًا، اعتقادًا منهم بأن الطب النفسي قد يكون بوابة خلفية للهروب من العدالة.

وأشار عبد السلام في تصريح لـ "إرم نيوز" إلى أن القانون المصري حدد مفهوم المريض النفسي بأنه الشخص الذي يعاني من اضطراب عصبي أو ذهني، والذي ينتج عنه اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية، ولا يشمل من لديه الاضطرابات السلوكية.

وأضاف أن المادة الثانية من قانون العقوبات رقم 71 لسنة 2009 أسقطت المسؤولية الجنائية عن الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة اضطرابًا نفسيًا أو عقليًا يفقده الإدراك أو الاختيار.

اختبار قضائي

وعن المراحل التي تسلكها جهات التحقيق فور ادعاء المتهم بأنه مريض نفسي، أشار المحامي بالنقض إلى أن وكيل النائب العام يقرر بسرعة عرضه على مستشفى الأمراض العقلية والنفسية الحكومية، والتي بدورها تقوم بإيداع المتهم لديها تحت رقابة لتقييم حالته النفسية والعقلية، ما قد يستغرق أسبوعين، ويصل أحيانًا بناء على قرار المحكمة إلى 45 يومًا قبل كتابة تقرير للنيابة.

غير أن عبد السلام عاد ليشير إلى أن "المحكمة غالبًا تستجيب لإيداع المتهمين تحت الملاحظة الطبية بناء على طلب المحامين كإحدى ضمانات المحاكمة وحقوق الدفاع، ولكن التقرير النهائي للجنة الفحص الطبية غير ملزم نهائيًا لهيئة المحكمة في إصدار حكمها، باعتباره تقريرًا استشاريًا للمحكمة.

شهادة معاملة الأطفال

وفي ناحية أخرى من ظاهرة المزاعم الجنونية، أشار المحامي أيمن محفوظ إلى أن جملة "يحمل شهادة معاملة الأطفال" انتشرت بشكل كبير في القضايا الخطرة، لافتًا إلى أن المتهمين يلجأون لمستشفى أو طبيب خاص لتحرير شهادة تفيد بأن صاحبها غير مسؤول عن أفعاله، وأنه فاقد الإدراك العقلي.

غير أن محفوظ أشار إلى أن تلك الشهادة "كأن لم تكن"، إذ لا تعفي صاحبها من العقاب في حد ذاته، لكنها تلفت بال السلطات للتعامل مع حاملها بالحرص اللازم، لكن، عند وقوع جريمة من صاحب الشهادة، فإن سلطات التحقيق تعرضه على لجنه طبية لتحديد قدرته العقلية.

وأشار إلى أن هناك فرقًا بين المرض النفسي والعقلي، فالأول ليس مانعًا من العقوبة في حد ذاته، بخلاف الجنون الذي يسقط أي مسؤولية جنائية، حيث يخرج الجاني عن سيطرته على تصرفاته بشكل مطلق.

وأوضح أن بعض المحامين يخدعون موكليهم بأن أنواعًا معينة من الاضطراب السلوكي كفيلة بتخفيف أو إلغاء العقوبة، وهو أمر غير صحيح، على غرار الاكتئاب السوداوي، أو الوسواس القهري، فهي أمراض نفسية يُسأل فيها الجاني عن أفعاله.

حيلة قانونية

ولفت المحامي المصري إلى أن ثمة زاوية أخرى يسلكها بعض المحامين لإسقاط عقوبة الجناة، ويؤيدها القانون، تتمثل في فقدان الإدراك العقلي وقت ارتكاب الجريمة، وليس بالضرورة أن يكون المتهم فاقدًا في المطلق لهذا الإدراك، وهو ما اعتبره المدخل الأكثر سهولة لإلغاء المسؤولية الجنائية عن بعض المتهمين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com