الفنانة سلافة معمار
الفنانة سلافة معمار مسلسل أولاد بديعة

دراما موت المؤلف في سبيل شركات الإنتاج

بدأت ظاهرة موت المؤلف الدرامي في سبيل شركات الإنتاج تتضح، وذلك من خلال انصياع الكثير من الكتاب لشروط المنتجين كي يشتروا أعمالهم. فعدا عن أنهم يوقعون عقداً حين شراء العمل، يتضمن بنداً يسمح للمنتج بإجراء التعديلات التي يراها مناسبة على النص.

والواضح من مسلسلات الموسم الرمضاني الحالي والمواسم السابقة، أن الدراما تورطت بثقافة "التريند" لجذب الجمهور، وهذا عمّم التبرير التاريخي للأعمال الرديئة القائل "الجمهور عايز كده".

نقطة أخرى، دقّت مسمارها في نعش المؤلف الدرامي، وهي ورشات العمل الجماعي في كتابة النصوص، ويُتبع هذا الأسلوب غالباً من قبل المنتجين بهدف توفير المال المخصص للسيناريو، فيتم تسليم الخطوط الدرامية لمجموعة من الكتاب المغمورين لينجز كل واحد منهم خطاً.

أخبار ذات صلة
"بنات لحديد".. دراما اجتماعية تثير الجدل في المغرب

ويقول الكاتب سامر محمد إسماعيل لـ"إرم نيوز" "الكتابة عمل فردي.. أما محاولة جعلها ورشاً جماعية، فنوع من الالتفاف على مهنة الكاتب ومحاولة للتخلي عنه وعن دوره، بل وتصفيته".

ويعتقد المنتجون أن كتابة النص مسألة سهلة، وبعضهم يحكي للكاتب القصة التي يفكر بتحويلها لمسلسل، ليعمد المؤلف إلى كتابتها بغض النظر عن القيم التي تسوقها. ولأن المؤلفين يعانون الفاقة، يقبلون ذلك في سبيل لقمة العيش.

موت المؤلف الدرامي، وولادة عمّال السيناريو

لا يكتفي السيناريست إسماعيل، بالموافقة على مقولة "موت المؤلف الدرامي"، بل يضيف "يمكن الحديث عن ولادة عمال السيناريو.. عمال الفورمات والأعمال المعربة ومسلسلات الخيانة الزوجية".

ومن الأعمال التي وقع فيها السيناريو بالكثير من المطبات، كان مسلسل "الحشاشين"، حيث استغرب الكثيرون تورط عبد الرحيم كمال بعمل "غير موثق" يسبّب الفرقة بين العرب المشرذمين أصلاً.

وكتب المفكر الدكتور محمد حبش، أستاذ الفقه الإسلامي في جامعة أبو ظبي، مقالاً فنّد فيه هذا السيناريو استناداً إلى مراجع التاريخ.

ويقول حبش "لا أدري كيف ستمضي حلقات هذا المسلسل الصاخب، وكل ما أرجوه ألا يكون ذراعاً أسود لنزاعات الكراهية في المنطقة، وأن يقدم الصورة الممكنة من التاريخ، بحياد ودقة، وألا يحقق لدعاة الكراهية مزيداً من الحجج".

ربما يكون هذا المسلسل، أحد تجليات غياب التنوير عن الأعمال الدرامية، رغم هروب مؤلفه كمال من الاتهامات بذريعة أن المسلسل مستوحى من التاريخ، وليس وثيقة تاريخية.. لكن استيحاء التاريخ لم يكن ليعني تشويهه..

أخبار ذات صلة
"البوم".. دراما إماراتية في مستوى ملحمة عالمية شهيرة

"حرمة شهر رمضان"

وتنضم مسلسلات الجريمة والخيانة الزوجية والفضائح، إلى قافلة السيناريوهات المتورطة، بلا عذر، في هدم الذائقة أو إيقاظ الأحقاد، ومنها المسلسل السوري "ولاد بديعة" لكاتبيه علي وجيه ويامن الحجلي، اللذين قدما العديد من الأعمال المهمة سابقاً، ولم يجد النقاد عذراً لهما على هذا العمل.

ويقول الناقد الفني وسام كنعان لـ"إرم نيوز" "مسلسل ولاد بديعة، صور البلد وكأنها كباريه.. وأريد سؤال صناعه إن كانوا يقبلون مشاهدته مع أبنائهم في البيت؟ شهر رمضان له حرمته وكانه يفترض الابتعاد عن الإسفاف".

ويضيف كنعان "الجرأة شيء، والانحطاط والابتذال الذي يتم إقحامه بقصد تسوّل التريند، شيء آخر تماماً".

ولم تنجُ سيناريوهات مسلسلات أخرى من مطبات مشابهة، عزلت النصوص عن قضايا الجمهور، وجعلت الكتاب مشغولين بالبحث عن التريند إرضاء للمنتجين المشغولين بالتسويق والربح.

ويؤكد كنعان "ما يحتاجه الجمهور السوري واضح: أعمال لا تدير ظهرها لآلام الناس وأوجاعهم وقضاياهم الصغرى! إذ لن يفيد أن نشاهد "أولاد بديعة" وهم يتقاتلون على الميراث، ولا بطولات "عبدو العربجي" الفانتازية، ولا ذكريات الراقصات المتقاعدات في "الصديقات".

منتجون أميّون!

ويقرّ الجميع بأن الكاتب هو الحلقة الأضعف في العمل الدرامي، لأنه مضطر للمراعاة وتنفيذ أوامر المنتج، لأن الموضوع بالنسبة إليه "أكل عيش".

ويقول الكاتب سامر محمد إسماعيل "بعض المشرفين على الإنتاج أميّون، فهؤلاء لا يعنيهم سوى استقطاب النجوم، واستعراض ديكورات وأزياء فخمة داخل الكادر التلفزيوني، وهذا قد يحقق صورة تفيد الفيديو كليب، لكن الدراما شيء مختلف".

ولا تبدو مبررات "تسلية الجمهور" مقنعة إبداعياً عند النقاد، خصوصا عندما تأخذ منحى يؤدي إلى تشويه المشاهد وليس تسليته.

ويضيف إسماعيل "الشركات تختص اليوم بإنتاج الدراما الرجعية أو ما اصطلح على تسميته بأعمال البيئة الشامية أو كتابة مسلسلات بوليسية عن المافيا وتجار الرقيق الأبيض. مسلسلات غايتها الوحيدة الترفيه، وتنفيذ ما يطلب منها للمحطات التلفزيونية الكبرى في العالم العربي".

وآثام الكثير من أصحاب رؤوس المال، تبدو كبيرة في شطب الإبداع من مهنة كتابة السيناريو، وتحويل الكاتب إلى موظف يمكن استبداله إن غرد خارج السرب.

ويرى إسماعيل أن كثيراً من رؤوس الأموال الجاهلة، تستغل الدراما لتبييض أموال الحرب والفساد.

ويضيف "لا يمكن سؤال هؤلاء عن النص، ولا حقوق الكاتب، معنوية كانت أم ماديّة، فهؤلاء لا يعنيهم سوى رضا النجوم وتقديم ميزانية لهم تفوق الوصف، دون أن يرف لهم جفن".

ويرى الناقد وسام كنعان، أن التردي الدرامي تعدى المعقول، ويضيف "مرض نفسي خطير يقبع وراء الابتذال الدرامي الذي نُقصف به كل مساء. مرض يفترض بالأخصائيين البحث فيه وأخذ هذه النماذج عيّنات لتشخيصه، عساه يسمى مجازاً اللهاث وراء التريند!".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com