لا تكسروا أحلام أطفالكم 

لا تكسروا أحلام أطفالكم 

الطفل كائن منبهر بشكل دائم، في الواقع  يمتلك الأطفال القدرة على إنشاء مساحات ساحرة غنية وأساسية لنموهم. إذا كسرنا أحلام أطفالنا فإننا نحرمهم من الانفتاح والازدهار، ونقيّد نموّهم الشخصي.

ما هي هذه المواقف التي نصنعها أحيانًا بشكل أخرق كأبوين والتي تجفف قلب الطفل الحالم؟ ما الكلمات التي يجب أن لا نقولها والتي تكسّر أجنحة حلم طفلك؟.

ماذا يحدث في دماغ الطفل عندما يحلم؟ لماذا يُعتبَر الخيال موردًا أساسيًا للحياة لنمو أفضل؟.

يولد كل طفل بزادٍ انفعالي وسيظهره بطريقته الخاصة بحيث يجعلك تتفاعل معه، سيكون بعض الأطفال أكثر "بساطة" من غيرهم، بمعنى أنهم لن يدفعوك بالضرورة إلى داخلك، لكنّ أطفالًا آخرين سيأتون للبحث عنا في أعماقنا، في حدودنا الإنسانية.

بعض الدراسات الحديثة تقول إن الطفل قبل أن يتجسد يختارك في طاقتك، فهذه الطاقة يمكن أن تساعده على شفاء نفسه وشفائك أنت أيضًا.

الطفل الذي يخطط للمستقبل نراه يبني في الوقت نفسه مهارات أساسية، فهو يضع نية قوية في قلبه حتى يتمكن من أن يصبح ما يريد أن يكون

وبالتالي قد يحدث أن تكون علاقتنا مع طفلنا معقّدة، وهنا نكون أحيانًا غير حاذقين، بل حتى "قساة " مع أطفالنا.

جروحنا التي يكشف عنها أطفالنا لجعلنا نتفاعل معهم من دون وعي هي التي توقظ فينا سلوكيات معادية، ويمكن أن تكون ضد طفلنا، ومتناقضة مع نموه الداخلي والخارجي.

يأتي طفلنا للتواصل مع طفلنا الداخلي، الطفل الداخلي الذي تألم، الطفل الذي جُرِح في داخله، إنه يؤلمنا ويخلق فينا سلوكيات تؤدي أحيانًا بحكم قوة الظروف إلى تحطيم أحلام أطفالنا بينما لا يكون هذا هو ما نريد أن نولده في نفوسهم.

أنواع الأحلام المكسورة

1. طفل يحلم بأن يصبح طبيباً، أن يكون فناناً معروفًا، رائد فضاء، رياضيًا عظيمًا...

إذا كنت لا تؤمن بقدراتهم وإذا قلت لهم إنهم لن ينجحوا أبدًا لأن الأمر صعب جدًا، وطويل جدًا، ولا يمكن الوصول إليه، وأنّ هذا الحلم لا يحق إلا لجزء من الناس، فأنت تطفئ ثقتهم وهكذا يتبخر حلمهم.

الطفل الذي يخطط للمستقبل نراه يبني في الوقت نفسه مهارات أساسية، فهو يضع نية قوية في قلبه حتى يتمكن من أن يصبح ما يريد أن يكون.

أخبار ذات صلة
عربة أطفال تستخدم الذكاء الاصطناعي للتحرك بأمان

2. طفل لم ينجح في المدرسة وارتكب حماقة

أنت تعاقبه وتقول له إنه لا يستحق عناقًا أو قبلة أو كلمة أحبك، أنت هنا تُظلم حلمَ الحب عنده إزاء الآخر، أنت ترسل إليه رسالة مفادها أنّ الحب يُستحَقّ عن جدارة، وأنه تسوُّل، في حين أنّ الحب علاقة حيّة لا علاقة لها بالمكافأة.

3. طفل يضع قائمة هدايا لعيد الميلاد

خلال موسم الأعياد مثلًا، يحلم الأطفال بأحلام مليئة بالقلوب، وكم من آباء يقولون لأطفالهم إن لم تستقم أخلاقكم فلن تحصلوا على كل الهدايا التي تتمنونها.

كل طفل يحمل أفكارًا لإنقاذ العالم، وإنقاذ الحيوانات المختفية، وخلق أشياء تكنولوجية لتحسين حياتنا

4. طفل يرسم أحلامه

يتمتع الطفل بقوة إبداعية هائلة، فهو يعبّر عن انفعالاته ورؤيته للعالم ومشاعره وحساسيته لبيئته في رسوماته عندما يكون صغيرًا، لذا إذا رسم شمسًا خضراء فلا تقل له إن هذه الشمس بهذا اللون لا وجود لها.

اِصنع فرقًا بين الواقع الذي يمكنك أن تشرحه له من خلال إظهار صور حقيقية للشمس ومقارنتها بصور فنان رسم شمسًا بلون آخر.

يرتبط الإبداع ارتباطًا وثيقًا بأحلامنا الحميمة ويجب ألا ندمرها.

5. لطفل يريد إنقاذ العالم

كل طفل يحمل أفكارًا لإنقاذ العالم، وإنقاذ الحيوانات المختفية، وخلق أشياء تكنولوجية لتحسين حياتنا.

كآباء نحن نحطم أحيانًا أحلام الطفل بالحديث عن العالم كنهاية مقبلة، القول إنّ كل هذه الأحلام عديمة الفائدة هو تدمير رؤيته الطوباوية للعالم.

من خلال حصر الأطفال في الواقع المرير الذي هو عكس المدينة الفاضلة فإننا نحطم أحلام رؤيتهم وتخيلهم للعالم.

دعونا نستمع إلى رؤاهم وتصوّراتهم من خلال التواجد الكامل معهم، دعونا نشجع أفعالهم لإنقاذ العالم وجعله نسخة أقرب من حبهم وأحلامهم، هذه النسخة من الحب ضرورية لتنمية شعورهم بالانتماء إلى البيئة، إلى الأرض.

أن تقول لطفلك إنه سمين فأنت تركز هنا على هذا الانزعاج، ومن دون وعي تسجل فيه أن لا شيء يمكن أن يغيّره، هكذا تتم البرمجة في الدماغ ولا تشجع على التحوّل

6. الطفل فريد في أحلامه

كل طفل يولد متميزًا باختلافه، سواء كان معاقًا أو مفرط الحساسية فإنّ هذه الاختلافات الجسدية الظاهرة أو غير الظاهرة تجعله حساسًا مرتبطًا بأحلام تطوره ليصبح بالغًا، هذا الأفق مكتوب في داخله ويجب ألا نمنعه من التغيير بمرور الوقت.

على سبيل المثال إذا كان الطفل يتمتع بجسم مميز في مرحلة الطفولة فهذا لا يعني أنه سيبقى كذلك، في الواقع إذا كان الطفل ثخينًا أو قصيرًا بما يمكن أن نعتبره عيبًا في لغتنا الدارجة فهذا لا يعني أنه سيبقى كما هو.

لكنه سيظل كما هو إذا أنت حطمت حلمه الداخلي في التغيير، كلما كررت لطفل أنه سمين وأنّ هذه مشكلة في حياته، وأنه لن يكون قادرًا على فعل هذا الشيء أو ذاك بسبب سمنته، إلا وبرمجت فيه يقينًا يقلل من قدراته على تحقيق التغيير.

أن تقول لطفلك إنه سمين فأنت تركز هنا على هذا الانزعاج، ومن دون وعي تسجل فيه أن لا شيء يمكن أن يغيّره. هكذا تتم البرمجة في الدماغ ولا تشجع على التحوّل، دع الاختلاف يكون واسمح للطفل بالعثور على موارده الخاصة لتحقيق أحلامه في التغيير.

إذا كتب الطفل جملًا تبدو في نظرك بلا معنى فامنحه فرصة المرور بهذه المراحل المختلفة من الكتابة

7. الطفل يكتب أحلامه

الطفل يكتب منذ سنّ مبكرة، سوف تتطور خربشاته وهو في سنه الثالثة لتصبح كلمات لاحقًا، الدخول في الكتابة لا يأتي فقط في النسخ الواضح لجملة مصاغة بشكل واضح.

الطفل يكتب في وقت مبكر جدًا عندما يعيد إنتاج العلامات، ويضع الحروف المتجاورة، فهو في روحه الحالمة يقول شيئًا، يكتب رسالة.

على الخصوص لا تقل له إنّ ما يكتبه لا يعني شيئا، لأنه من خلال هذه الكتابة التي لا معنى لها بالنسبة لك يُعبّر الطفل عن انفعاله، يروي قصة خيالية، فهو يترك بصمة مكتوبة، لأنه يعرف في أعماق ذاته أنّ الكتابة طريقة للتعبير عن داخليته، مساحته الحساسة.

ووفقًا للتقرير الذي نشره موقع lesmotspositifs فإنّ الكتابة معالِجُ الروح، لقد فهم الأطفال هذا جيدًا لأنهم في كثير من الأحيان عندما يدخلون في تخطيط رسمٍ بالكتابة يخلقون حميمية من خلال هذا التعبير ويشهدون على جراحهم الصامتة.

وحتى في وقت لاحق إذا كتب الطفل جملًا تبدو في نظرك بلا معنى فامنحه فرصة المرور بهذه المراحل المختلفة من الكتابة. هذه الخطوة الأولى مِلكه وتخصه بشكل وثيق وتتحدث إليه شخصيًا، فالطفل يعالج أسئلته ويشفي جروحه في الكتابة. الكتابة نوع من المرآة في هذه الحالة.

ثم تأتي اللحظة التي سيشعرون فيها بكتابة أحلامهم كرحلة حميمة وحيوية لتحقيق أهدافهم. سوف يتعلمون في المدرسة الكتابة بطرق مختلفة، ولكن إذا حافظوا على مساحة الكتابة الإبداعية هذه فسيظلون مرتبطين بأرواحهم وكتاباتهم الشخصية.

التحفيز مفيد لنمو الطفل الحركي والجسدي والاجتماعي والانفعالي. بفضل هذا التحفيز يكون الطفل في قلب إمكاناته الإبداعية

فلندعهم يكتبون، ويسردون أحلامهم أيضًا بالكتابة، حتى لو لم نفك شفرة كل ما يدور في أرواحهم. الطفل الذي يحلم طفل ينمو بشكل طبيعي. في الواقع للحلم قوّة على دماغ الطفل.

أدمغة الأطفال الحالمين

للحديث عن دور الأحلام يأتي السؤال: ما الذي يحدث في دماغ شخص يحلم؟

يحاول علم الأعصاب كشف هذا اللغز في الدماغ أثناء نوم الحالم. في الليل من المفترض أن يكون الدماغ في حالة راحة، ولكن العلماء أظهروا أنّ المناطق الحسيّة تظل في حالة نشاط مرتفع.

فهذه المناطق هي التي تخلق الطريق نحو أحلامنا الليلية. في هذه اللحظات الدقيقة تترابط وتتواصل الانفعالات والصور التي يُنشئها الدماغ والذاكرة وتجرّ النائم إلى الحلم.

لو قارنا هذا مع ما يحدث في الدماغ عندما يكون الطفل منسجمًا مع مخيلته فسنجد أوجه تشابه قوية تحفز وتولد نموًا مهِمًّا في دماغ الطفل ولذا من الأفضل ألا نكسر هذا النمو.

عندما يكون الطفل في عالمه الخيالي المخترِع يمتلئ دماغه بهرمونات تسمى الإندورفين الوإنكيفالين. هذه الهرمونات تقلل بشكل كبير من مستوى التوتر النفسي والتوتر العصبي. وبفضل هذا الجنون الكيميائي داخل الدماغ يكون الطفل هادئًا. هذا الهدوء خلال اللعب يدعو الطفل للحوار مع أحلامه.

هناك إذن شيء آخر يحدث في الدماغ. في الواقع، ففي لحظات اللعب هذه يغزو السيروتونين دماغ الطفل. هذا الهرمون له دور في توازن وتنظيم المزاج. اللعب يضع الأطفال في مزاج جيد!.

يمكن لكل خطوة في حياته أن تجد نصيبها من التجارب التي يجب المرور بها، وإذا كان كل هذا مغلّف بسحر الحلم

ستلاحظ أيضًا من خلال ملاحظة أطفالك أنهم شديدو التركيز عندما يلعبون. في الواقع، خلال نشاط اللعبة يفرز الدماغ  مادة الأسيتيل كولين. تعمل هذه المادة على تدريب تركيز الطفل وتخلق أرضية مواتية للذاكرة والتعلم.

هذا التحفيز مفيد لنموه الحركي والجسدي والاجتماعي والانفعالي. بفضل هذا التحفيز يكون الطفل في قلب إمكاناته الإبداعية. يكون في القالب الملائم للخيال، ومن الرائع أن نراه على هذه الحال.

كآباء، نتحمل هذه المسؤولية في عدم تحطيم أحلام أطفالنا، الأحلام عصارة ازدهارهم وتطورهم وسحرهم وانبهارهم بالحياة.

تهدف المؤسسة الكندية "حلم الأطفال" "Rêve d’enfants" والجمعية الفرنسية "أحلام" "Rêves" إلى تحقيق أكبر حلم لكل طفل مريض. بالفعل من الضروري أيضًا المساهمة في إسعاد الأطفال الذين لا تتاح لهم أحيانًا فرصة اللعب والتعبير عن أنفسهم.

أخبار ذات صلة
النظام الغذائي النباتي يعيق نمو الأطفال

في عيون كل طفل يجب أن يكون الحلم قادرًا على التألق، دعونا لا نكسر أحلام أطفالنا، يمكن لكل خطوة في حياته أن تجد نصيبها من التجارب التي يجب المرور بها، وإذا كان كل هذا مغلّف بسحر الحلم، أو رؤية حساسة لِما يمكن أن يحدث ويتحقق، لذلك دعونا نترك عقولهم تسافر، إنها مسؤوليتنا كأشخاص كبار. 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com