لا يطمح فيلم The Beekeeper أو "النحال" الذي يُعرض حاليا في دور السينما العربية، من بطولة جيسون ستاثام وإخراج ديفيد آير، إلى تقديم قصة مختلفة بل يعزف صناعه على "ثيمة" مكررة وأحداث متوقعة للغاية وكأنهم يوجهون رسالة تحدٍ للجمهور مفادها "سوف نبهرك ونمتعك رغم أنك سبق وشاهدت مثل هذا العمل سابقا".
ويحكي الفيلم الجديد قصة "آدم كلاي"، هو شخص هادئ أراد توديع ماضيه الملوث بالدم والعنف فآثر العزلة وانسحب إلى منطقة نائية ليعمل "نحالا" حيث يعيش منطويا على نفسه بين أسراره الدفينة.
حياة آدم الاجتماعية تكاد تكون منعدمة، إلا من بصيص ضوء إنساني وحيد يتمثل في علاقته شديدة الرقة والعذوبة بجارته المسنة التي تعاني هي الأخرى من الوحدة، حيث تعيش بعيدا ابنتها التي تعمل شرطية في المباحث الفدرالية FBI.
وتتعرض الجارة لعملية احتيال إلكتروني ينتج عنها الاستيلاء على كل مدخراتها، التي تبلغ أكثر من مليوني دولار، جزء منها يتبع لإحدى الجمعيات الخيرية التي كانت تديرها، فتنتحر قهرا ليتحول "كلاي" إلى آلة انتقام غاضبة، حيث يتبين له أن من قاموا بالاحتيال ينتمون لتنظيم إجرامي متخصص في السطو على المسنين مستغلين ضعف علاقتهم بالتكنولوجيا.
ثغرات
الحبكة ليست فقط تقليدية يتردد أصداؤها في عشرات الأفلام الأمريكية لاسيما الجزء الأول من سلسلة "جون ويك" عبر أشرار يستفزون شخصا نبيلا، لكنها مليئة بالثغرات كذلك مثل عدم تعميق العلاقة الإنسانية بين البطل والمسنة، التي اقتصر تقديمها على مشهد واحد، وأيضا عدم تبرير نقطة التحول في حياة شخص من بارد المشاعر، غير مبالٍ، معتزل للبشر، إلى آخر يضع حياته على المحك من أجل فكرة نبيلة.
وراهن صناع الشريط السينمائي على رصيد النجومية لدى جيسون ستاثام، وكسبوا الرهان من خلال مشاهد الحركة والأكشن التي هيمنت على الشريط السينمائي بأكمله، وتم تنفيذها ببراعة شديدة في مواضع مختلفة مثل المخازن والملاهي الليلية ومحطات البنزين والمنتجعات الفاخرة، التي تطل على البحر، سواء على مستوى الأداء أو المؤثرات البصرية القوية مع موسيقى تصويرية توحي بالغموض والترقب.
ملامح البطل والعلاقة مع النحل
التجاعيد في وجه "ستاثام" والتي تشير إلى مرحلة عمرية متأخرة بدت سلاحا ذا حدين، فهي من ناحية أكسبته تعاطفا ومصداقية إنسانية لكنها على الجانب الآخر بدت غير متسقة مع بطل خارق للعادة يتساقط أمامه جميع أعدائه كأنهم حفنة من الدمى البائسة رغم أنهم من قوات النخبة.
وحاول صناع الفيلم إضفاء طابع العمق على العمل من خلال تترات المقدمة التي تتحدث عن علاقة البشر بالنحل في الحضارات القديمة كمصر والهند مع الإشارة المتكررة إلى أن الولايات المتحدة تشبه خلية نحل على نحو يتطلب تنظيما سريا من "النحلات المخلصات" يعمل خارج الأطر المعتادة مهمته حماية البلاد حتى لو اضطر إلى اتباع أساليب مرفوضة في سبيل تحقيق هذا الهدف.
وتطرق العمل كذلك إلى فكرة تبدو هاجسا ملحا في "هوليوود" بشكل عام وهي أن القانون الذي تمثله الضابطة ابنة الجارة المسنة والعدالة التي يمثلها البطل كثيرا ما يسلكان طريقين منفصلين.