نزلاء السجون معضلة الحكومات في أزمة كورونا
نزلاء السجون معضلة الحكومات في أزمة كورونانزلاء السجون معضلة الحكومات في أزمة كورونا

نزلاء السجون معضلة الحكومات في أزمة كورونا

تمثل السجون أزمة إنسانية، في ضوء الأوضاع التي يعيشها السجناء، مع التكدس الشديد، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المنتشر في العالم.

ويشكل التعامل مع السجناء في ظل هذا الوضع معضلة لعدد حكومات العالم، التي تخشى تفشي الفيروس بين النزلاء، وفي نفس الوقت يصعب عليها إطلاق سراحهم.

تلك المعاناة ظهرت بوضوح في حالات الإصابة التي تعرض لها العديد من نزلاء سجن "هارفي وينشتين" في نيويورك، والتي وصلت إلى 6 حالات.

وعرضت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير نشرته اليوم الخميس، طرقا عدة تعاملت بها الحكومات حول العالم مع السجناء.

تباين في التعامل

وأشار التقرير إلى تباين التعامل مع أوضاع السجناء في ظل كورونا بالقول: "لا يوجد أمام السجناء بدائل سوى الاعتماد على رحمة القائمين على السجون، تلك الرحمة قائمة بالفعل في بعض الأماكن، ولكن هناك أماكن أخرى لا تطبق هذا المعيار".

وقال التقرير إنه في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، فإن بعض الحكومات أطلقت بالفعل سراح بعض السجناء الذين لا يمثلون خطورة، وكبار السن، وقررت تأجيل تنفيذ أحكام الحبس على المحكوم عليهم مؤخرا.

وبتلك الإجراءات فقد أنقذت تلك الدول حياة الكثير من الأشخاص، ووفرت أموالا كان سيتم إنفاقها على هؤلاء السجناء الجدد في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة حاليا.

وأضافت "فورين بوليسي": "في نفس الوقت، فإن معظم الدول غير الديمقراطية مثل روسيا، وهي رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السجناء، اتخذت مسارا مختلفا".

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين روس قولهم إنهم سيقومون بإلغاء العفو السنوي عن نزلاء السجون، والذي يتم بالتوازي مع الاحتفال بذكرى الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وهو ما يعني استمرار حبس 23 ألف شخص كان من المقرر الإفراج عنهم.

وتعزو الصحيفة لنائب مدير المجلس الرئاسي للمجتمع المدني وحقوق الإنسان، قوله: "الناس يخشون من نزلاء السجون، يعتقدون أن هناك الكثير من الأمراض في السجن، وأنه في حالة الإفراج عن هؤلاء المساجين فإن العدوى ستنتشر".

بطبيعة الحال، فإنه لا توجد دولة تفكر في فتح أبواب سجونها، وتطلق سراح الجميع، ولكن هنا بعض الدول الديمقراطية التي درست كيفية حماية صحة نزلاء السجون.

بعض تلك الدول عززت المساعدات الطبية للمساجين، وبعض السجون في الولايات المتحدة قامت بإلغاء الرسوم الإلزامية للعلاج الطبي، وقام بعض مديري السجون بفرض إجراءات صارمة، مثل العزل الاجتماعي، ومحاولة تخفيف الآثار السلبية.

وبين التقرير أن نزلاء السجون في فرنسا يحصلون حاليا على 40 يورو شهريا للإنفاق على الاتصالات عبر الهواتف الخلوية، وسمحت هولندا بالمزيد من الوقت في إجراء الاتصالات الهاتفية واستخدام الإنترنت.

وتابعت: "في الدول الأقل ديمقراطية، فإن المساعدات الطبية لنزلاء السجون زادت قليلا. الكثير من السجون في الاتحاد السوفيتي السابق لا تضع الأطباء ذوي الكفاءة ضمن فرق العمل بها. ووفقاًلسياسة العزل في تلك السجون، فإن النزلاء لا يجدون فرصة للاتصال بعائلاتهم، وهو ما يجعل الحياة في تلك السجون أكثر صعوبة".

رشوة السجانين في العراق

وفي العراق، حيث ينتشر فيروس "كورونا" بشدة، فإن السجناء يدفعون أموالا لحراس السجون كي يتم نقلهم في زنازين انفرادية، بعيدا عن التجمعات الكبيرة، بينما هؤلاء الذين لا يستطيعون توفير تلك الأموال يستمرون في الزنازين المكدسة، التي عادة لا توجد فيها أماكن كافية للنوم.

هذه الظروف الخطيرة، لا يمكن تحملها، ولكنها تظل مستمرة، في العراق قام نزلاء السجون بالدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على الظروف التي يعيشون فيها، وقاموا بإعداد فيديوهات يطالبون فيها الحكومة أو أي شخص بالتدخل.

وتقول سلطات السجون في العراق إن السجناء يخططون للهروب، هناك سجون في البرازيل وتشاد وكولومبيا شهدت اضطرابات وعمليات هروب في ظل تلك الأزمة.

كورونا وسيلة دفاع

وهناك بعض السجون التي لم تشهد بعد تلك الأحداث بدأت في الاستعداد لمثل هذه السيناريوهات؛ ففي العاصمة السورية دمشق يقومون بتعزيز الإجراءات الأمنية في السجون بمساعدة من الميلشيات الممولة من إيران وروسيا.

ولكن من غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحسين الأوضاع؛ إذا لم يتغير الوضع فإن السجناء سيصبحون أكثر يأسا مع مرور الوقت، وسيخاطرون بمواجهة الموت خلال الهروب بدلا من الموت بالفيروس.

في نفس الوقت فإن حراس السجون من المتوقع ألا يتدخلوا ضد الاضطرابات التي يمكن أن يثيرها السجناء، وذلك خوفا من العدوى بالفيروس خلال أعمال شغب أخيرة في سجون روسيا قام سجناء مصابون بفيروس "الإيدز" بشق معصميهم، لأن حراس السجون يفضلون الابتعاد عنهم بدلا من ملامسة دمائهم الملوثة.

وقررت إيران التي تعتبر واحدة من أكثر الأنظمة القمعية في العالم، الإفراج عن 70 ألف سجين بصورة مؤقتة، بعد الانتشار واسع النطاق لفيروس "كورونا" في البلاد، وفعلت البحرين والسودان نفس الشيء.

وكلما سارعت الدول بالسير على نفس النهج فإن ذلك سيكون أفضل بالنسبة للسجناء، وأكثر أمنا لحكومات الدول التي يتكدس النزلاء في سجونها.

ويختم التقرير بنصيحة لتلك الحكومات، معتبرا أن الوسيلة الوحيدة أمامها لضمان الوصول إلى الحد الأدنى من الاستقرار في سجونها خلال تلك الأوقات العصيبة، هي اتباع نصائح منظمات حقوق الإنسان، المتمثلة في إطلاق سراح بعض السجناء، وتحسين العلاج الطبي، وتخفيف وطأة العزل قدر الإمكان على السجناء.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com