الرباط
الرباطSergio Formoso

الرباط.. حوار مثمر بين الثقافات والقرون (صور)

قد يعتقد البعض أن الرباط تشتهر بكونها اليوم، عاصمة المملكة المغربية، لكن صداها تعدى الآفاق بسبب تاريخها العريق الذي تشهد عليه الآثار المترامية في أرجاء هذه المدنية التي أنشأت على موقع مثالي مطلٍّ على المحيط الأطلسي من جهة، وعلى الضفة اليسرى من مصب نهر بورقراق.

ويتميز المشهد الحضاري للرباط، بحواره المثمر والفريد بين الثقافات والقرون، انطلاقا من العصور القديمة مع الفينيقيين والرومان، مرورا بمختلف العصور الوسطى مع البورغواطيين، والمرابطين، والموحدين، والمرينيين، والسعديين، ثم العلويين في العصر الحديث والمعاصر.

تراث الرباط
تراث الرباطمتداول

وقال الباحث في التاريخ والتراث، يوسف المساتي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "مصب نهر أبي رقراق عرف تأسيس مواقع وحضارات مختلفة بسبب أهميته الاستراتيجية، أهمها شالة وسالا، إضافة إلى تأسيس رباطات مرابطية (نسبة للمرابطين وهي سلالة حكمت المغرب)".

وأضاف المساتي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه "خلال النصف الثاني من القرن 12 سيتم تأسيس رباط الفتح واتخاذها عاصمة ثالثة للدولة الموحدية، تربط بين عاصمتهم الأولى مراكش والثاني في إشبيلية، إذ استمر بناؤها نحو 50 سنة تضمنت قصبة وقناة مائية ومساجد وقيساريات، قبل أن يشيد يعقوب المنوص مسجد حسان وأغلب معالم المدينة الكبرى".

تراث الرباط
تراث الرباط متداول

القصبة نواة الرباط

وكانت قصبة المهدية (الأوداية) النواة الأولى لمدينة الرباط الإسلامية في القرن 12، إذ يذكر ابن حوقل في كتابه "معجم البلدان"، أن "المصامدة (يقصد الموحدون) بنوا على ساحل البحر مما يلي مراكش مدينة عظيمة سموها رباط الفتح، كان الذي اختطها أبو يعقوب يوسف بن عبد المومن وأتمها ابنه يعقوب، وقيل إنما بنوها بأمر ابن تومرت إياهم بذلك".

وتحيط القصبة بسور خماسي غير منتظم يضمن حمايتها، وعلى الجانب المحاذي لوادي أبي رقراق، يساير السور طبيعة تضاريس الموقع، ويعتبر الباب الكبير؛ أي البوابة الكبرى للقصبة، أحد جواهر العمارة العسكرية والفنية الموحدية، إذ كان يسمى في الماضي باب القصر.

تراث الرباط
تراث الرباطمتداول

رباط جهاد وفتح

وترجح بعض المصادر التاريخية، أن تكون الرباط سميت كذلك لكونها كانت مربطا لجيش ملوك الإسلام المترددين على فنائه، ولا سيما جيوش المرابطين الذين كانوا يجاهدون ضد البورغواطيين.

يقول ابن حوقل في "معجم البلدان": إن "الرباط كان قبل بنائه عبارة عن بقعة فسيحة متسعة ينزل بها جيوش الإسلام ذهابا وإيابا، فكونها كانت رباط الملوك سميت بذلك، وبقي هذا الاسم يطلق عليها حتى بعد بنائها مدينة، وقيل فيها رباط الفتح تذكارا للفتح الأندلسي الذي كان بناؤه من غنائمه، ولأنه إنما بني لغرض الجهاد والفتح وبه فتح على الموحدين".

تراث الرباط
تراث الرباط متداول

تعاقب على الإعمار

وسجل الباحث في التاريخ والتراث، يوسف الموساتي، أن "الرباط ستعرف بعد وفاة يعقوب المنصور تراجعا في الأهمية، قبل أن تتعرض لمحاولات طمس لمعالمها الموحدية من طرف سلالة المرينيين التي حكمت المغرب، ثم بدأ الاهتمام من جديد بالرباط خلال الفترة السعدية، بعد أن استقرت بها الجاليات الموريسكية لتشهد نهضة عمرانية".

وأبرز الموساتي، أنه "في فترة الدولة العلوية سيتزايد الاهتمام بالمدينة، حيث سيشيد السلطان الرشيد العلوي قلعة عسكرية عرفت بحصن المولى الرشيد (سجن لعلو سابقا، وشيد عددا من الأسوار، على أن تحظى بأهمية خاصة في زمن المولى محمد بن عبد الله".

وأوضح الباحث في التاريخ، أن هذا السلطان العلوي "اتخذ الرباط عاصمة ثالثة بعد فاس ومراكش، وبنى بها قصرا لإقامته، وشيد عدة أبواب وعددا من المساجد؛ منها مسجد السنة، ومسجد أهل فاس، ومسجد مولينة، وحصنها بسور وأبراج وسقالات على المستوى البحري لحمايتها، علاوة على قصبة مخزنية معروفة بتواركة".

الرباط
الرباط متداول

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com