كشف تقرير جديد، أن الولايات المتحدة حلّت ثانية بعد الفلبين في الأضرار الناجمة عن الطقس، وهو ما يحمّل الدولة فاتورة باهظة تُقدر بأربعة في المئة من ناتجها السنوي.
ووفق التقرير، فإن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث الأضرار الاقتصادية المترتبة على الكوارث المناخية، وعند مقارنة تكلفة الأضرار المرتبطة بالطقس بحجم اقتصاد البلاد، تواجه الولايات المتحدة واحداً من أعلى الأعباء الاقتصادية في العالم، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، التي سلّطت الضوء على أبرز ما تضمنه التقرير الذي أصدرته أواخر الشهر الماضي شركة إعادة التأمين العملاقة "Swiss Re" ومقرها زيوريخ، وحلّلت من خلاله نقاط الضعف والأضرار في 36 دولة مختلفة.
عبء على الاقتصاد
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، حذّر التقرير من أن الكوارث المناخية قد تصبح عبئا ثقيلا على الاقتصاد الأمريكي، لا سيما مع انسحاب شركات التأمين بشكل متزايد من المناطق الخطرة.
وتؤدي هذه الكوارث إلى ارتفاع أسعار التأمين، ما يؤدي إلى تفاقم التضخم، وزيادة تكاليف المعيشة المرتفعة أصلا بالنسبة للأمريكيين.
ووجد التقرير أن الأضرار التي لحقت بالممتلكات بسبب الأعاصير والعواصف الشديدة والفيضانات والعواصف الشتوية تكلّف ما يقرب من 0.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سنويا، وهذا الرقم أعلى بكثير مقارنة بالأضرار التي شهدتها دول أخرى، مثل الصين وكندا.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تواجه مجموعة واسعة من التهديدات المناخية القاسية، بما في ذلك العواصف الرعدية والأعاصير، وذلك بسبب تضاريسها الجغرافية المتنوعة. وبرغم ثرواتها وازدهارها الاقتصادي، تظل الولايات المتحدة معرضة لخطر الكوارث الجوية على نحو كبير.
28 كارثة طبيعية
ووفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، شهدت البلاد العام الماضي ما يقرب من 28 كارثة طبيعية، من بينها حرائق الغابات في لاهينا بهاواي، والعواصف الثلجية في تكساس. وقد كلفت الكوارث الـ28 مجتمعة ما يُقدر بنحو 93 مليار دولار.
ويؤكد هذا الرقم الخسائر المالية الهائلة التي يمكن أن تفرضها الكوارث المرتبطة بالطقس على الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والممتلكات وسبل العيش.
إعاقة النمو
من جهته، يحذر "جيسي كينان"، أستاذ العقارات والتخطيط الحضري بجامعة "Tulane"، من أن الكوارث المرتبطة بالطقس لديها القدرة على إعاقة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بالمستقبل، فحتى مع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي المتواضعة بنسبة 2 إلى 3 في المئة، فإن 0.4 في المئة من خسائر الناتج المحلي الإجمالي المنسوبة إلى العواصف وحدها يمكنها أن تعيق بشكل كبير التقدم الاقتصادي الشامل، وتحدّ من المقدرات الاقتصادية الأمريكية.
كما أشار "كينان" إلى أن تقرير "Swiss Re" لم يتناول النطاق الكامل للخسائر المرتبطة بالمناخ، لأنه شمل فقط الأضرار التي لحقت بالممتلكات، مشيرا إلى تعرض الولايات المتحدة أيضا إلى خسائر جسيمة في السيارات والمركبات إبّان حدوث الفيضانات، وهي خسائر تعادل في قيمتها الخسائر في الممتلكات.
ويواجه الأمريكيون تحدياً آخر عندما يتعلّق الأمر بالظواهر الجوية القاسية، وهو الحصول على تعويضات عن خسائرهم. فقد أشار التقرير إلى أن نصف الأضرار التي لحقت بالممتلكات بسبب الأحداث المناخية القاسية الأخيرة في الولايات المتحدة تم التأمين عليها فقط. في الوقت نفسه، بدأت شركات التأمين الكبرى في وقف سياسات التأمين على العقارات الواقعة في المناطق المعرضة للفيضانات أو حرائق الغابات.
ارتفاع التأمينات
وقد أدى هذا التوجه إلى ارتفاع أقساط التأمين بشكل كبير، مع اختيار بعض أصحاب المنازل التخلي عن التأمين تماما، الأمر الذي يزيد من مخاطر الكوارث.
علاوة على ذلك، أدى غياب الأنظمة والتشريعات الوطنية التي تمنع البناء في المناطق المعرضة للكوارث إلى تفاقم المشكلة. إلا أن ارتفاع تكاليف السكن، ومحدودية الدخل تدفعان الأمريكيين إلى العيش في أي مكان يمكنهم العثور فيه على خيارات ميسورة التكلفة. وهذا يعني أنه يتم ضخ الأموال المخصصة للبنية التحتية والإسكان في المناطق التي قد تدمرها حرائق الغابات أو الفيضانات أو الأعاصير لاحقًا.
وفي حين تتحمّل الولايات المتحدة والفلبين العبء الأكبر من الأضرار المرتبطة بالطقس، يؤكد تقرير "واشنطن بوست" أن كل دولة تواجه مثل هذه المخاطر. سواء في سويسرا أو الولايات المتحدة أو الصين، فلا توجد دولة محصنة ضد تأثيرات تغير المناخ.