سراييفو جوهرة البلقان تنتفض من تاريخها المؤلم وتفتح أبوابها للسيّاح
قد لا تكون سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك التي توصف بجوهرة البلقان، ضمن قائمة الدول التي يتمنّى عشاق السفر زيارتها عند التخطيط لقضاء عطلة في أوروبا، نتيجة ما مرت به من حروب.
لكن هذا الأمر كان في الماضي، بحسب ما يقول خبراء السياحة الذين يشددون على ضرورة السفر إلى البوسنة ولو لمرة واحدة فقط للاستمتاع ببيئتها الطبيعية، والتّعرف إلى تراثها الثقافي الموروث من 6 حضارات، فضلًا عن أنها الوجهة المفضلة في الوقت الحالي لمن يريدون السفر بميزانية محدودة.
شعبية سراييفو
بدأت العاصمة البوسنية تشهد هذا العام ازديادًا ملحوظًا في عدد السياح، بهدف التعرّف إلى المدينة التي يلتقي فيها الشرق بالغرب، حيث تعكس الأساليب المعمارية المختلفة تاريخها المختلط.
وخلال جولة في البلدة القديمة المعروفة باسم "باشجارشيا" التي بناها العثمانيون في القرن الخامس عشر، نجد جامع "غازي خسرو بك" أحد أقدم مساجد البلقان الذي تمّ ترميمه بعدما تعرّض لقصف عنيف خلال الحرب في التسعينيات.
ومن المعالم المهمة أيضًا متحف "سراييفو" الموجود على الجسر اللاتيني حيث موقع اغتيال وريث العرش النمساوي الأرشيدوق فرانز فرديناند عام 1914 على يد الصربي القومي جافريلو برينسيب وهو الحادث الذي أشعل فتيل الحرب العالمية الأولى.
أما في الحي التركي في البلدة القديمة، فيمكن زيارة المكتبة الوطنية البوسنية التي أعيد بناؤها في أعقاب حرب 1992- 1995 بعدما دمّرها القصف الصربي بالكامل، وأسفر عن حرق نحو 90 في المائة من الكتب القديمة فيها.
أفضل طريقة للاستكشاف
يُنصح بالتجول في العاصمة الصغيرة سيرًا على الأقدام برفقة مرشد سياحي يسرد التاريخ الفريد للمدينة، كما يعطي الزائر نصائح عن أفضل الأماكن التي يُمكن تجربتها أو تجنّبها.
وبحسب المتخصصين، فإن أفضل وقت للسفر إلى سراييفو هو في أشهر أيار/مايو وحزيران/ يونيو وأيلول/سبتمبر.
أما إذا أردتم الذهاب في يوليو وأغسطس وشعرتم خلال تجوالكم في شوارع المدينة بالحرّ والعطش، فستجدون العديد من نوافير المياه الصالحة للشرب وأشهرها نافورة "سبيلج" الخشبية المصممة على الطراز العثماني، إذ تفيد أسطورة محلية حولها بأن من يشرب منها سيعود إلى المدينة في المستقبل.
وفي حال القيام بجولة في السيارة بعيدًا عن وسط العاصمة، يجب التوجّه إلى نفق "سبازا" أو ما يُعرف باسم "نفق الأمل" الذي حفره المواطنون تحت مدرج المطار خلال حصار سراييفو بهدف إيصال إمدادات الأدوية والمواد الغذائية والاحتياجات الأساسية الأخرى للبوسنيين المحاصرين خلال الحرب.
وعلى بعد نحو 12 كيلومترًا من وسط المدينة، بإمكان محبي الطبيعة ورياضة المشي عبور مسارات تؤدي إلى جبل "تريبيفيش" الشهير الذي يبلغ ارتفاعه 1628 مترًا، والذي يمكن الوصول إليه أيضًا في التلفريك.
مدينة موستار
تستغرق الرحلة نحو ساعتين في القطار من سراييفو إلى موستار المدينة التاريخية الواقعة جنوب البوسنة عاصمتها الثقافية.
ومن معالم موستار الشهيرة "Stari Most" أو الجسر القديم الأثري الواقع على نهر "نيريتفا" والذي يربط بين شطري المدينة.
بُني هذا الجسر في عام 1566 بأمر من السلطان سليمان القانوني، ويعتبر من أعظم الجسور التي خلّفتها الدولة العثمانية في منطقة البلقان.
في الـ8 من تشرين الثاني/نوفمبر 1993 انهار جزء كبير من الجسر، بعد تعرضه لقصف مدفعي عنيف من القوات الكرواتية، وخضع لعملية إعادة إعمار انتهت عام 2004، كما أُدرج على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي.
هذا ويشتهر الجسر الذي يرتفع 24 مترًا عن النهر في العصر الحالي، باستقطاب هواة القفز في المياه من مسافات عالية.
وبالقرب من الجسر القديم يقع جامع "كوسكي محمد باشا" الذي بني عام 1617، ويتميّز بأنه الوحيد الذي حافظ على ألوانه الأصلية وزخرفته وقبّته ونوافذه الملونة، ويتمتع بإطلالة رائعة على النهر والبلدة القديمة.
ويمكن إنهاء الجولة في "موستار" بعبور الجسر إلى الضفة الشرقية، حيث يوجد العديد من البازارات ومتاجر الحرف التقليدية والنحاس والسجاد والمطاعم.
المصدر: موقع "Euronews"
