وفقًا لعلماء النفس العصبي، تؤثر الموسيقى على قدرات الدماغ المرتبطة بالسمع واللغة والانفعالات، وبالتالي فإنها تحفز القشرة السمعية الأولية في نفس الوقت، والمخصصة لسماع الأصوات البسيطة، ثم القشرة السمعية الثانوية التي تحلل الإيقاع والتناغم المعقد، والتي تحتوي أيضًا على مركز اللغة، لكن تأثير الموسيقى لا يقف عند هذا الحد.
يتم التعرف على الانفعالات الموسيقية على الفور، وبسرعةِ إشارةِ خطر، وبالتالي فإن للموسيقى قيمة تكيفية، فهي تعزز التماسك الاجتماعي بشكل خاص.
ووفقًا لدراسة كندية حديثة، فإن قائمة الأغاني المفضلة عندنا تقول الكثير عن شخصيتنا وبشكل أكثر تحديدًا عن الطريقة التي نتصرف بها في علاقاتنا.
الاستماع إلى Adele أو The Weeknd أو Edith Piaf ليس له نفس التأثير على حبنا وصداقتنا وحياتنا الأسرية. في الواقع تعكس كلمات الأغاني المفضلة لدينا أنماط التعلق الفردية لدينا، وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة العلاقات الشخصية Personal Relationships
الأغاني تخبرنا عن علاقاتنا بالآخرين
يقول الباحث الدكتور رافين علائي: "أنا مهتم بالدور الذي تلعبه الموسيقى في حياة الناس. منذ أن بدأ البشر في صنع الموسيقى منذ عشرات الآلاف من السنين، كانت الأغاني عبر الثقافات تركز دائمًا على العلاقات – بناء علاقة، أو الاحتفاظ بعلاقة أو كسرها - لذلك تساءلتُ عما إذا كان الناس يستمعون إلى الموسيقى التي تعكس تجاربهم في العلاقات؟.
اكتشف رافين علائي وزملاؤه أن أنماط التعلق لدى الناس تتطابق مع كلمات أغانيهم المفضلة. بمعنى آخر نحن نميل دائمًا إلى سماع الألحان التي تشرح ما نعيشه في علاقة معيّنة، في السراء والضراء.
يشرح الدكتور رافين علائي ذلك قائلًا: "يمكن أن تساعد كلمات أغانيك المفضلة حول العلاقات في التحقق من صحة أفكارك ومشاعرك، ولكنها قد تكشف أيضًا عن أشياء حول تجارب علاقتك التي ربما لم تكن قد حققتها - شيء تمر به مرارًا وتكرارًا، وتظل تصطدم به بلا انقطاع".
أنماط التعلق الأربعة
ميز الباحثون بشكل تخطيطي عام بين 4 أنماط من التعلق:
• التعلق القلق / الاندماجي (يخشى الناس من التعرض للرفض ويسعون كثيرًا لطمأنة نفوسهم).
• التعلق المتحفظ / الوجل (الأشخاص في هذا النمط أكثر "انغلاقًا" واستقلالية، ويميلون إلى الكثير من التخوف السلبي بشأن علاقاتهم، ويظهرون القليل من انفعالاتهم).
• التعلق الآمن (الأشخاص في هذا النمط يملكون إلى حد ما نظرة متفائلة إلى العلاقات، ومنفتحون على التواصل والثقة بشركائهم).
• التعلق المختلط / الفوضوي (أشخاص هذا النمط من التعلق لديهم توقعات مشوشة ويمكن أن يكونوا في بعض الأحيان متشبثين بتعلقهم، ولكنهم شديدو البرودة أيضًا).
غربلة 570 شخصًا و 7000 أغنية
سجل الباحثون الأغاني المفضلة لـ 570 شخصًا وقاموا بتحليل 7000 أغنية عن كثب؛ من أجل تصنيفها حسب "أسلوب التعلق"، ووفقًا للكلمات التي تحتويها.
وكانت النتيجة حسب التقرير الذي نشره موقع doctissimo النفسي، يوم الأربعاء، أن الأشخاص الذين واجهوا صعوبة في التعلق بشركائهم، والذين يضعون مسافة في علاقاتهم، يفضلون الموسيقى التي تتحدث عن الاجتناب والتحاشي.
أما الأشخاص القلقون، فقد أفسدوا وأربكوا التخمينات، إلا أن الباحثين لم يكتشفوا بعد ما إذا كان الاستماع إلى أي نوع من الموسيقى يساعدنا أو يؤثر سلبًا على علاقاتنا مع الآخرين.
كما أنهم يؤكدون أن الموسيقى لا تزال "محركًا مفاقِمًا قويًا للغاية؛ لأنها تحفّز انفعالاتنا العميقة وذكرياتنا".