المسلسل الأمريكي "مشاهد من الزواج".. معالجة نفسية لأسرار الحياة الزوجية
المسلسل الأمريكي "مشاهد من الزواج".. معالجة نفسية لأسرار الحياة الزوجيةالمسلسل الأمريكي "مشاهد من الزواج".. معالجة نفسية لأسرار الحياة الزوجية

المسلسل الأمريكي "مشاهد من الزواج".. معالجة نفسية لأسرار الحياة الزوجية

يقدم المسلسل الأمريكي "مشاهد من الزواج/ Scenes from a Marriage" الذي صدر جزؤه الثالث، منتصف أيلول/ سبتمبر 2021، عرضًا نفسيًا عميقًا لأسرار الحياة الزوجية وخفاياها، ليسلط الضوء على أبرز المطبات العاطفية.

وتدور أحداث العمل حول التحديات التي يتعرض لها الزوجان جوناثان وميرا، في قالب واقعي يعكس تفاصيل العلاقات الاجتماعية وما يقف حائلًا أمام نجاحها واستمرارها.

ونشهد في حلقات المسلسل كمية معاناة تترافق مع مغادرة ميرا وابتعادها عن زوجها وابنتها مع طرف ثالث، في حين يتخبط جوناثان ويحاول أن يستجمع قواه لينهض من صدمة الخيانة والغياب المفاجئ بعد حب دام لأعوام.

تساؤلات عميقة

وتبدأ أولى مشاهد العمل بجلسة حوارية للزوجين مع طبيبة نفسية، تجري دراسة أكاديمية عن تطور المعايير في العلاقات الإنسانية الحميمية لتطرح أسئلة مثيرة للجدل عن كيفية معرفة الفرد لذاته، وأبرز السمات التي يصعب تصور الذات دونها.

ومع عمق الأسئلة وصعوبة الإجابة عليها، يبدأ جوهر الشخصيات بالبروز، في ظل ملامسة محاور الدراسة لماهية النفس البشرية ومحاكاتها لطبقات الأنا، ليجد الفرد نفسه محاصرًا في مواجهة معقدة مع ذاته، ويكتشف مدى عجزه وقلة حيلته.

وأمام هذا الحصار النفسي، يلجأ الفرد إلى رد فعل دفاعي، متسلحًا بما يمتلك من مقومات مادية، وانتماءات عائلية واجتماعية، وربما طبقية.

اختبارات نفسية

وتطلب المعالجة النفسية من الزوجين، طرح ما يتبادر إلى ذهنيهما دون تفكير، ليبدأ جوناثان بتقديم نفسه وهويته المكتسبة بما تحمله من صفات وهمية وأدوار مؤقتة.

ويذكر البطل في البداية هويته الدينية، والجنسية، وعائلته، وطفلته، وعمله في السلك الدبلوماسي، فضلًا عن كونه أستاذًا في كلية الفلسفة، وتأييده للحزب الديمقراطي.

وبدورها تقدم ميرا كزوجة وأم وموظفة في المجال التقني، بوصفها نائب رئيس إدارة المنتجات في هورايزون.

وتركز الطبيبة على ماضي علاقة الزوجين وبداياتها، ليرويا بأسلوب سردي بسيط قصة تعارفهما ومشاركتهما السكن ثم تطور مراحل العلاقة وصولًا إلى الارتباط.

كشف المستور

وينقلنا المخرج إلى سهرة العشاء برفقة أصدقاء العائلة، في أجواء من التصنع والتركيز على المظاهر في التعامل بين الأزواج وسخريتهم في الوقت ذاته من الدراسة النفسية وخضوعهم لبحث تجريبي كنموذج عن العلاقات الناجحة.

ويشتد النقاش بعد حين مع ضيوفهم لتنكشف أوراقهم السرية وتنفجر الضيفة معلنة انهيار حياتها الزوجية.

ونجد أن هذه التفاصيل ليست غريبة عن أي أحد يُشاهد النقاشات الزوجية، والعلاقات الاجتماعية، والمشكلات العاطفية، ليشعر المتلقي بواقعية الحدث، وتجسيده لجانب كبير من الخلافات الكبيرة والصغيرة التي تواجه العلاقات.

وينقلنا المخرج إلى حياة جوناثان وطفلته بعد مرور عام على الانفصال، في حين عادت ميرا فاقدة لوظيفتها، مهتزة، وتعاني من الاغتراب الذاتي، وتشعر بالخيبة والشوق إلى ممتلكاتها السابقة.

وعمد المخرج إلى عكس الأدوار كنوع من العدل الإلهي، لتظهر "ميرا" في قمة ضعفها وهذيانها مع إصرارها المستميت على استعادة زواجها.

ولكن الغياب الطويل جعل جوناثان يتحرر من فكرة خسارتها أو بقائها، فلم يعد يكترث لوجودها بعد أن قضى أشهرًا عدة وهو يستنجد بالسماء ليستعيد محبوبته، وكأنه يعيش في كابوس مقيم.

رسائل

والعمل يحاول إيصال رسالة مفادها أن الانتظار مؤقت، ومع تأخر الشريك في العودة، يكون الوقت قد فات، بعد اندمال الجراح، فكل شيء قابل للتغير، ومكانة الأشخاص لا تبقى كما هي مع مرور الوقت.

وعلى الرغم من سلاسة السرد، جاءت الحوارات مؤثرة وعميقة، لتتناغم مع الشكل المتقن، الذي استند إلى موسيقى تصويرية عاطفية، فضلًا عن التركيز على الألوان الخافتة، ما يوحي بعمق المعاناة، والوحدة، والحزن.

وركز المخرج على حركة الكاميرا البطيئة، في إيقاع متناسب مع المشاهد الممتلئة بلقطات وحوارات مؤثرة دون الشعور بالحشو والإطالة.

أداء مقنع

وامتاز أداء الممثلين بالإقناع، ونجح العمل بخلق رابط بين المُشاهد والشخصيات الرئيسة، ليتحول كرهنا للزوجة الخائنة إلى تعاطف وشفقة.

وقدم الزوجان تجسيدًا متقنًا لما يُعرَف بالعلاقة السامة، فعلى الرغم من الشغف الكبير والعشق المتقد، فإن قسوة الغياب دفعت الآخر إلى عدم الغفران.

والعمل من إخراج وسيناريو هاجاي ليفي، وشارك في بطولته: أوسكار إسحاق، وجيسيكا شاستاين، ونيكول بيهاري، ومايكل ألوني.

يذكر أن المسلسل بمواسمه الثلاثة، مقتبس عن مسلسل سويدي قصير يحمل الاسم ذاته، من إنتاج العام 1973.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com