بوستر الفيلم على أحد المباني
بوستر الفيلم على أحد المبانيGetty Images

بعد فوزه في الأوسكار.. أين يكمن السر في جاذبية "أوبنهايمر"؟

في قاعة فسيحة بإحدى دور السينما في مصر، لم يكن ثمة مقعد فارغ وأغلبية المشاهدين الذين اصطفوا أمام شاشة عملاقة من الشباب صغير السن الذي تستهويه عادة أفلام الكوميديا والأكشن، لكنه يجلس هذه المرة مشدوهًا أمام دراما الرعب النووي وكواليس صناعة الموت الذري.

هكذا كان المشهد حين طُرح فيلم "أوبنهايمر" للمرة الأولى بالتزامن مع موجة عالمية من الترقب والجدل، ثم جاءت الإيرادات الضخمة لتجعله في المركز الثالث بنهاية عام 2023.

وحين اكتسح العمل جوائز الأوسكار في دورتها الأخيرة وحصد "أفضل فيلم" و "أفضل ممثل" و "أفضل مخرج" و" أفضل ممثل مساعد"، بدا الأمر متوقعًا وتحصيلًا حاصلًا، فأين يكمن السر في جاذبية هذا الفيلم الاستثنائي؟

مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم أوبنهايمر

تقوم الحبكة الدرامية في الشريط السينمائي الطويل، 3 ساعات، على مزيج ثلاثي من التشويق المرافق لمرحلة صناعة أول قنبلة نووية في التاريخ والأجواء البوليسية حين يتصاعد الاشتباه في تعاطف البطل مع الشيوعية التي كانت بمثابة كابوس يؤرق أجهزة الأمن الأمريكية، لا سيّما في حقبتي الأربعينيات والخمسينيات، فضلًا عن التحولات النفسية الحادة داخل الشخصية الرئيسة. هنا يجد المشاهد نفسه يلهث وراء الحدث ولا يلتقط أنفاسه إلا في مشاهد محاكمة الشخصية الرئيسة لاحقًا بتهمة التآمر والخيانة في مفارقة كبرى.

ويأتي العمل في إطار "الوصفة" المجربة لمخرجه البريطاني كريستوفر نولان، والتي تقوم على ميزانية ضخمة وإنتاج كبير وصورة بصرية مبهرة مع فريق تمثيلي يضم نخبة من نجوم الصف الأول، وهم هذه المرة: مات ديمون، وروبرت داوني جونيور، وجاري أولدمان، وإميلي بلانت، وفلورنس بيو، ورامي مالك.

وينتمي الفيلم إلى دراما السيرة الذاتية، التي ترصد أبرز المحطات بحياة الفيزيائي روبرت أوبنهايمر "أبو القنبلة الذرية" مستندًا إلى كتاب للمؤلفين "كاي بيرد" و"مارتن ج. شيروين" ويحمل عنوان "بروميثيوس الأمريكي: انتصار ومأساة جي روبرت أوبنهايمر".

أخبار ذات صلة
كيليان ميرفي ونولان يحصدان الأوسكار بفضل "أوبنهايمر"

وجاء في حيثيات فوز الكتاب بجائزة "بوليتزر" العالمية المرموقة: نحن أمام كتاب نتعمق من خلاله فى شخصية أحد الوجوه البارزة في القرن العشرين، وهو فيزيائي لامع قاد جهود بناء القنبلة الذرية لبلاده في زمن الحرب، والذي وجد نفسه في وقت لاحق في مواجهة العواقب الأخلاقية للتقدم العلمي.

هنا تكتمل جميع عناصر صناعة قصة سينمائية مبهرة: اختراع يقرب البشرية من حافة الفناء ، وتعطش للمجد، ثم السقوط في البئر السحيقة للشك والندم. لكن هذه العناصر لم تكن لتكتمل إلا برؤية ذكية للمخرج كريستوفر نولان الذي لم يقم بإدانه بطله بشكل صريح، ولم يتطوَّع بالوقت نفسه للدفاع المجاني عنه وغسل سمعته، وإنما جعل الصراع النفسي هو جوهر النقاش، ولب القضية من منظور فني جمالي.

وأجاد النجم الأيرلندي كليان ميرفي تجسيد شخصية بطل مأزوم بنظرات شاردة وعيون زائغة وأفكار مضطربة تضعه على حافة العبقرية كما تجعله قاب قوسين أو أدنى من الجنون. عالم نابغة يحلم بتحقيق مجد لم يسبقه إليه أحد من العالمين، لكن الندم يسحقه بعد أن يرى عشرات الآلاف من الضحايا يتبخرون في الحال بمجرد الضغط على زر ثم يتضاعف العدد لاحقًا بعد احتساب من لقوا حتفهم جراء الإصابة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com