أعضاء من الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة خلال إحدى جلسات الاستماع
أعضاء من الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة خلال إحدى جلسات الاستماعمتداول

المغرب.. خطبة العيد حول "مدونة الأسرة" تثير جدلا واسعا

انتقل الصراع المحتدم حول مراجعة "مدونة الأسرة" في المغرب إلى منابر المساجد والمصليات، وسط مطالب سياسية وحقوقية بعدم استغلال هذه المنابر لـ"التحريض" أو نشر خطاب "الكراهية" ضد الأصوات التي تُنادي بمراجعة شاملة للمدونة.

وفجّرت خطبة عيد الفطر، في أحد المصليات التي تناولت موضوع مراجعة "مدونة الأسرة"، جدلاً واسعاً بين التيار المحافظ والحداثي في المملكة.

ووصف الشيخ إبراهيم بقلال في خطبة عيد الفطر المطالبين بإدخال عدة تعديلات على المدونة بـ"الشرذمة" و"الفشلة"، متهما إياهم بأنهم "يريدون تشتيت الأسرة المغربية وإفساد الأبناء"، مستدركاً: "صرنا في بلاد عمّر فيها الإسلام نناقش الربا والزنا واللواط والإرث الذي أحكمه الله في كتابه بنصوص واضحة.. ما يرد هؤلاء إلا الإفساد".

ووجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن "فيدرالية اليسار الديمقراطي"، سؤالاً كتابياً إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بشأن "التدابير التي تعتزم الوزارة القيام بها من أجل مواجهة هذا الخطاب الراديكالي، لا سيما في منصات المساجد والمصليات".

وقالت البرلمانية إن "تصريحات صدامية وعدائية قد برزت من محسوبين على التيار الإسلامي ضد الفعاليات الحقوقية والسياسية الداعية لرؤية حداثية ترسخ قيم المساواة"، مضيفة أن "المثير للاستغراب هو استغلال منابر المساجد في مناسبة دينية من أجل التحريض ضد هذه الفئة".

خطورة استغلال المنابر

وقال أحمد عصيد، الكاتب والناشط الحقوقي، إن "استغلال منابر المساجد ومصليات العيد لتمرير خطابات الكراهية والتطرف، سلوك مضاد للقانون ويخرق مبدأ حياد أماكن العبادة".

وأضاف عصيد، لـ"إرم نيوز"، أن "ما حدث في صلاة العيد أثار تنديدا كبيرا من قبل الفاعلين المدنيين والسياسيين، ويستدعي تدخل وزارة الأوقاف بصفتها وصية على المنابر الدينية، التي بمجرد ما يستعملها طرف ما خارج الوظائف المعتادة لها تصبح مصدرا للفتنة، وتهديدا للسلم الاجتماعي".

وأردف: "لقد اتخذت الدولة مبادرة مراجعة مدونة الأسرة، واستدعت جميع الأطراف للإدلاء بآرائها ومقترحاتها للهيئة المشرفة على عملية المراجعة، وهي المبادرة التي أطلقت نقاشا عموميا حول نص المدونة ومشاكل الأسرة المغربية".

واستطرد: "النقاش أبان عن وجود تيارين مختلفين، أحدهما يترافع من أجل تعديل جميع المواد التي أدت إلى التمييز أو هدر الكرامة أو المس بالمصلحة الفضلى للطفل، بينما يقوم الثاني بالتهديد بالفتنة وبالحرب الأهلية إذا ما تم تعديل النص في أمور يعتبرها أحكاما دينية قطعية، من دون أي اكتراث بمصلحة الأسرة، ومن دون تقديم أي حل لمشاكل النساء والأطفال، مثل الولاية والحضانة والنفقة والإرث والتعصيب وتزويج الطفلات وتعدد الزوجات وغيرها".

وتابع: "إذا كان هذا التيار قد فشل في إقناع المجتمع بالفوضى كما ينادي بذلك، فليس من حقه استغلال منابر العبادة لإشاعة الكراهية والتحريض ضد كل من يقترح حلولا عملية لإصلاح ثغرات المدونة، التي أبان عنها العمل بها على مدى عشرين سنة ماضية".

ورأى عصيد أن "تيار التطرف السلفي والإخواني أقلية صغيرة ما زالت غير مندمجة لا في الدولة الحديثة ولا حتى في العصر كله، وشعورهم بالغربة يجعلهم أحيانا يعتقدون أن تهديد الدولة والمزايدة عليها بالتطرف الديني سيجعلها تتراجع عن الوفاء بالتزاماتها السياسية والدستورية".

المنبر متنفس للتعبير

من جهته، اعتبر الباحث والمفكر الدكتور إدريس الكنبوري أن الخطيب من واجبه التحدث في قضايا الناس، مشيراً إلى أن مراجعة مدونة الأسرة هي من أبرز القضايا التي تهم الأمة المغربية في الوقت الراهن، ولا مانع من مساهمة خطباء المساجد بآرائهم.

وأوضح الكنبوري، لـ"إرم نيوز"، أن "منبر الخطابة في المغرب متنفس مهم للتعبير عن الآراء وليس مكاناً لخلق الفتنة كما يروج البعض"، لافتاً إلى أن "الخطيب الذي فجّر هذا النقاش في خطبة عيد الفطر تحدث برزانة ودافع عن ثوابت البلاد".

ونوه إلى أنه "إذا منعنا الخطباء من التعبير عن آرائهم في منابر المساجد سيؤدي ذلك إلى مشكلة أكبر؛ إذ سيشعر الناس بأنهم ممنوعون من التعبير عن آرائهم؛ ما سيولد الفوضى"، متسائلا: "ماذا يزعج هؤلاء إذا تحدث الخطيب على المنبر"، مشيرا إلى أن "هذا الانزعاج يؤكد أن منبر المسجد له تأثير كبير في نفوس المغاربة، وأن المنبر يعكس رأي فئة واسعة في البلاد، في المقابل، فإن الأصوات المنزعجة هي قلة قليلة جداً، ومتخوفة من الرأي العام المغربي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com