في الطابق الأرضي بأحد المتاجر الشهيرة بمدينة 6 أكتوبر التابعة لمحافظة الجيزة في مصر، وقفت إحدى السيدات وهي تضرب كفا بكف وترتسم على وجهها علامات الذهول مشيرة إلى فانوس معدني صغير الحجم، بألوان مبهجة، وهي تؤكد أن سعره كان قبل شهر واحد فقط 250 جنيها أما الآن فقد وصل إلى 600.
ويقيم المتجر خيمة رمضانية على مساحة واسعة لبيع جميع مستلزمات "زينة رمضان" حيث الإقبال شديد من المواطنين على الأحبال التي تضم مصابيح كهربائية صغيرة، ويتم تعليقها على مداخل البيوت وكذلك النجوم والأهلة المصنوعة من المعادن قماش الخيامية، أما ركن الفوانيس المعدنية التي تتراوح في أحجامها بين الصغير والمتوسط والضخم فلا يقربها أحد، إلا لمجرد إلقاء نظرة فضولية عابرة ثم مغادرة المكان سريعا.
وتبدأ الأسعار من 500 إلى 5000 جنيه بحسب الحجم، وتأتي خيبة الأمل من كون المتجر معروفا بأسعاره الاقتصادية التي تناسب مختلف الطبقات فيما يخص جميع متعلقات المنزل.
تذكار للجيل الجديد
وقالت " أم ولاء" وهي سيدة ثلاثينية جاءت إلى المكان بصحبة أولادها إنها اعتادت شراء فانوس جديد كل عام باعتباره عادة "ربنا ما يقطعها" خصوصا أن أطفالها يحطمون الفانوس على مدار الأشهر التي تلي رمضان ويصبح حتميا شراء فانوس جديد، مشيرة في حديث إلى "إرم نيوز" أنها مضطرة إلى الامتناع عن تلك العادة هذا العام بسبب الأسعار.
وأشارت إلى مجموعة من الأطفال الذين جاءوا بصحبة ذويهم وهم يتناوبون على التقاط الصور التذكارية مع فانوس يبلغ ارتفاعه مترين ونصف المتر، وقالت إنه من الواضح أن الفانوس سيصبح مجرد صورة وتذكار لدى الأجيال الجديدة.
ويعد الإقبال على شراء الفوانيس قبيل رمضان ظاهرة مصرية تضرب بجذورها في التاريخ وتعود إلى عصر الدولة الفاطمية، إلا أن الأزمة الاقتصادية الحالية أدت إلى تراجع حاد في تلك الظاهرة. وتتعدد خامات الفانوس ما بين المعدن " الصاج" والبلاستيك والقماش كما تعد شخصيات الكرتون والدمى الشهيرة مثل "فنانيس" و "بوجي" و"طمطم" أشهر النماذج التي يستلهمها صناع الفوانيس.
وفي منطقة " تحت الربع" وهي حي شعبي في وسط القاهرة، كان كساد المبيعات هو العنوان الأبرز في المكان الذي يعد موطن تصنيع وبيع الفوانيس في جمهورية مصر بأكملها.
10 فوانيس فقط
وقال عم "حجاج"، صاحب أحد المحلات، إن ذروة موسم المبيعات ليست أثناء شهر رمضان نفسه وإنما في الأسابيع والأيام القليلة التي تسبق الشهر الفضيل، كاشفا لـ "إرم نيوز" أنه اعتاد أن يبيع في تلك الفترة مئات الفوانيس، لكنه لم يبع هذا الموسم أكثر من 10 فوانيس حتى الآن.
وأوضح أن المبيعات أفضل في الفوانيس البلاستيكية صغيرة الحجم التي تأخذ شكل "ميدالية" تعلق في سلسلة المفاتيح أو تكون في حجم كف اليد، مشددا على أن صناعة الفوانيس لا تقوم على تلك الأحجام التي يقل هامش الربح فيها للغاية حيث يتراوح سعرها من 10 إلى 30 جنيها أما الفانوس الذي يصنع البهجة ويمنح الناس الفرحة فهو المعدني الملون كبير الحجم والذي انخفضت مبيعاته بشكل غير مسبوق.
"فوانيس رخيصة"
ويشير " أبو محمود"، صاحب ورشة لتصنيع الفوانيس، إلى أنه كان يستقبل عشرات "الطلبيات" الكبيرة من الفنادق والخيام الرمضانية والمجمعات السكنية الراقية "الكمبوند" لصنع فوانيس عملاقة توضع في مدخل المكان، إلا أن موجة الغلاء جعلت الجميع يحجمون عن الاتفاق معه ويستبدلون الفوانيس المعدنية بأخرى رخيصة الثمن تُصنع من القماش أو المجسمات الورقية.