"مبارزة كباش العيد" بالجزائر.. تتراجع رغم إصرار عشاقها على إحيائها
"مبارزة كباش العيد" بالجزائر.. تتراجع رغم إصرار عشاقها على إحيائها"مبارزة كباش العيد" بالجزائر.. تتراجع رغم إصرار عشاقها على إحيائها

"مبارزة كباش العيد" بالجزائر.. تتراجع رغم إصرار عشاقها على إحيائها

الجزائر- لم تعد ظاهرة "مبارزة الكباش" تصنع الحدث في الجزائر، قبيل عيد الأضحى، وقد تراجع الحديث عنها العام الجاري بين الناس وفي وسائل الإعلام، بفعل تحذيرات الأئمة والمختصين الاجتماعيين منها، ورغم ذلك يصرّ عشاق هذه الممارسة على عدم التخلي عنها، عبر تنظيم مهرجانات ومسابقات في العاصمة ومدن أخرى.

وقد مثّلت مدينة سوق أهراس (600 كلم أقصى شرق العاصمة الجزائر) بداية فكرة "مبارزة الكباش"، حيث بدأ بعض مربي الكباش تنظيم مبارزات محلية تسبق عيد الأضحى بأيام، لتسويق بضاعتهم، وقد لاقت إقبالًا جماهيريًا كبيرًا.

ومن سوق "أهراس" انطلقت مسابقات في عنابة والعاصمة ووهران، وبعد نجاح الفكرة، خلص عشاق المبارزة إلى تنظيم بطولة وطنية في العاصمة، تُجرى قبيل كل عيد أضحى.

لكن هذه البطولة لا تجد التسويق الإعلامي اللازم، حيث يتحاشى الإعلام أن يجعل منها مناسبة وطنية أو "رياضة شعبية"، خاصة وأنها لا تجد ما يوافقها في الإسلام، بل على العكس، إذ هي محلّ نهي بنص آيات وأحاديث نبوية، وكثيراً ما يتدخّل الأئمة لزجر الناس بخصوصها.

ويًطلق على هذه المبارزة اسم "الدڤة"، من اللفظة العربية "الدقّ"، وتعني بالعامية الجزائرية المُناطحة، ويلجأ المختصون في هذا النشاط إلى تربية كباشهم وترويضها لتصبح "متوحشة" جاهزة لهذا الهدف.

ومن التقنيات المستعملة في ترويض الحيوان على القتال، ربط الكبش بسلسلة حديدية، وعزله عن الكباش الأخرى، لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات، وهي كافية لأن تجعله شرساً، بحسب مختصين.

ويحرص المروّضون على تقديم نوعية جيدة من الشعير والتبن للكبش، حتى يتغذى بصفة سليمة، كما يُعرض الحيوان على البيطري بصفة منتظمة، ويُطعّم بلقاح "بي 12" لوقايته من الأمراض التي قد تصيبه.

ويُولي أصحاب الكباش المخصصة للمبارزة، عناية خاصة بمظهرها الخارجي، فيجزون صوفها بطريقة تجعلها تبدو كالأسود، حيث يُجز الصوف من ظهر الكبش فيما يُترك حول رقبته، وهناك من يخضّب كبشه بالحناء، ومنهم من يرسم عليها أشكالاً من قبيل مخالب أو نسر، أو نمر، وكل ما من شأنه أن يجعلها مُهابة.

ويقول أصحاب هذه الكباش إن أسعارها ترتفع لتصل إلى 70 مليون سنتيم (أكثر من 7000 دولار)، ويؤكدون أنه "لا شيء مضمون"، فقد يهوي سعرها إلى أقل من 10 ملايين سنتيم (أقل من ألف دولار) في حال خسارتها نزالاً.

وتخضع معادلة المبارزة إلى قاعدة "كلما فاز الكبش ببطولة غلا ثمنه"، لكن أصحاب هذه الكباش يرفضون بيعها، لأنها تدرّ عليهم أموالاً مصدرها المراهنات التي تسبق كل مسابقة.

وقد جلبت قضية المراهنة والقمار على الكباش كثيراً من الانتقادات من جانب أئمة المساجد والدعاة ، فضلاً عن معارضتهم للظاهرة، كونها تتعارض مع الإسلام الذي يحرّم التحريش بين الحيوانات.

وكان للمختص الاجتماعي والأستاذ بجامعة البليدة (45 كلم شرق الجزائر)، يوسف حنطابلي، حديث إلى الأناضول، حول هذه الظاهرة، حيث وصفها بـ"الممارسة الاجتماعية التي وجدت صداها لدى بعض الجزائريين في مناسبات معينة".

وقال: "الكبش يعبّر عن الجماعة، فهو ينوب عنهم كما ينوب فريق ما عن حيّ ما أو شارع ما، وكلما فاز الكبش يعني أن هذه الجماعة فازت".

وأشار حنطابلي إلى أن "الممارسة الاجتماعية أفقدت البعد الديني عمقه ومعناه فيما يخص الأضحية"، مضيفاً: "من ناحية أخرى، الكبش يعبّر عن مكانة اجتماعية أيضاً لدى أي مجتمع، فالأقرن السمين من الكباش يعبّر عن ميسوري الحال الأغنياء وهم الذين يحبون استعراض أضاحيهم للتفاخر بها، وهذا أيضاً قضى على البعد الديني والروحي للمناسبة".

وقد شهدت الظاهرة تراجعاً في العاصمة، حيث كانت ميادين أحياء "حي الجبل"، و"البحر والشمس" تحتضن منافسات يحضرها أعداد من الجماهير، ولم يعد للمبارزة ذلك الأثر الكبير، وهو ما سجّله سكان هذه المناطق.

ويقول علي بن سبايحي، أحد سكان حي الجبل للأناضول: "المبارزات التي كانت تسبق العيد بأسابيع، باتت نادرة، ولم يعد يحضرها جمع غفير، ما يعني أن الناس بدأوا يهجرونها، وهو ما أعجبني أنا شخصياً".

وفي السياق ذاته، قال الشيخ كمال بوعروة، وهو إمام بمسجد الشيخ العربي التبسي في "حي البحر والشمس"، للأناضول إن "الظاهرة وإن قلت في بعض المناطق، فإنها لا تزال حاضرة في مناطق أخرى، من جهتنا كأئمة حذّرنا الناس منها بنص الآية والحديث، وقد ساهمت هذه النداءات في التقليل منها".

وأضاف: "لقد قلنا للناس في خُطب الجمعة وفي المواعظ، إن النطيحة محرّمة، وإن المناطحة لا تجوز، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفق بالحيوان، أما ما يحدث من مناطحة بين الكباش فهو تعذيب للحيوان وهذا حرام".

من جهتها، استنكرت رئيسة جمعية "الرفق بالحيوان الأليف" في الجزائر، حورية يانس، الظاهرة، ودعت في تصريحات صحفية في عدة مناسبات، إلى تجنيب الحيوانات كل ما من شأنه أن يضرها، واستغربت ما أسمته "تلذّذ" أصحاب كباش المبارزة برؤية حيواناتهم وهي تتناطح، فيكسر بعضها قرون بعض، ويشج بعضها رؤوس بعض.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com