معلمو جنوب اليمن يعانون بين مطرقة الأزمات وعشوائية النقابات
معلمو جنوب اليمن يعانون بين مطرقة الأزمات وعشوائية النقاباتمعلمو جنوب اليمن يعانون بين مطرقة الأزمات وعشوائية النقابات

معلمو جنوب اليمن يعانون بين مطرقة الأزمات وعشوائية النقابات

مضى شهر ونصف الشهر على بدء العام الدراسي الجديد في مدينة عدن وباقي محافظات الجنوب اليمني، بينما مازالت العملية التعليمية تترنح، في ظل استمرار إغلاق المدارس الحكومية بسبب إضراب نقابة المعلمين الجنوبيين.

ويأتي إضراب المعلمين، احتجاجًا على عدم التزام الحكومة اليمنية بتنفيذ مطالبها وصرف مستحقاتها المالية المتأخرة، وفقًا لبيانات صحفية متكررة صادرة عن النقابة.

وكانت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين أعلنت مطلع العام الدراسي الجديد، يوم الـ7 من آب أغسطس الماضي، بدء الإضراب الشامل وإغلاق المدارس الحكومية للعام الثالث تواليا، مرجعة أسباب ذلك إلى ما وصفته بتنصل الحكومة والسلطات المحلية عن مسؤولياتها ووعودها السابقة المتعلقة بالاستجابة لمطالب المعلمين والمحصورة في 6 مطالب رئيسة، منها إطلاق العلاوات السنوية المتأخرة وبأثر رجعي، وبدل طبيعة العمل، وتسوية مستحقات المتعاقدين والمتقاعدين وغيرها.

حلول مؤقتة

تدخل محافظ عدن أحمد لملس أخيرا، لحل المشكلة القائمة، من خلال لقائه بنقابة المعلمين في عدن، وهو ما أفضى إلى توافق مبدئي على رفع الإضراب مقابل صرف مبلغ 156 مليون ريال من ميزانية السلطة المحلية شهريا لمعلمي عدن البالغ عددهم نحو 10 آلاف معلم، كعلاوات وطبيعة عمل تضاف إلى مرتباتهم الشهرية، كحل مؤقت، إلى حين إطلاق الخدمة المدنية ووزارة المالية، العلاوات السنوية المتأخرة للمعلمين وبأثر رجعي، أسوة بباقي وحدات الجهاز الإداري للدولة، والتي سبق أن صدر بها قرار حكومي نهاية العام الماضي.

2022-09-FB_IMG_1663016074246
2022-09-FB_IMG_1663016074246

وهذا الاتفاق، تسبب في حدوث انشقاق بين المعلمين ونقابتهم، فبينما رفض عدد من المعلمين وعناصر في النقابة قرار استئناف الدراسة، وامتنعت عن استلام مخصصاتها واستمرت بالاضراب، معتبرة ذلك الإجراء انتقاصا لمطالبها، استجاب معلمون آخرون للقرار واستأنفوا العملية التعليمية وفتح المدارس.

الخلاف تطور إلى حد إصدار قيادة نقابة المعلمين بيانا أعلنت فيه تجميد عضوية الأمين العام للنقابة في عدن حسين الجعدني، الذي قام بالرد على ذلك الإجراء بإعلان استقالته من النقابة، معللا  ذلك بتعرضه لضغوط قوية، بينما استمرت النقابة بتنظيم وقفات وتظاهرات احتجاجية في عدن ولحج وباقي المحافظات.

المعلم يعاني

يشكو توفيق، وهو معلم في إحدى مدارس العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، منذ 18 عاما، من الحالة المعيشية الصعبة التي وصل إليها، كحال الكثير من المعلمين والمعلمات في جنوب اليمن، في ظل تدني القيمة الشرائية لمرتبه الشهري الثابت الذي لم يشهد أي زيادة منذ سنوات طويلة، وحرمانه مع باقي زملائه المعلمين من مستحقاتهم المالية المتأخرة.

2022-09-FB_IMG_1662813510746
2022-09-FB_IMG_1662813510746

ويقول توفيق، وهو معلم يدرّس مادة اللغة العربية لطلاب المرحلة الإعدادية، في حديث لـ"إرم نيوز" ، إن "راتبه الشهري يبلغ 79 ألف ريال يمني "70 دولارا"، ولا يعمل في أي مدرسة خاصة، ولديه ثلاثة أبناء "ولدان وبنت"، يدرسون في مدارس حكومية، كون حالته المادية لا تسمح بإدخالهم في مدارس خاصة، بعدما ارتفعت تكاليفها بشكل كبير ومبالغ فيه حاليا.

وتابع  "أنا معلم، وضد آلية الإضراب الحالية، وقلبي يقطر دماً على جميع الطلاب، ولكن أتساءل، كيف لي أن أدرّسهم في المدارس الخاصة وأنا لم أجد ما يكفيهم قوت يومهم، ناهيك عن الإيجار والملبس والتطبيب.. إلخ؟".

خلل في نقابة المعلمين

وترى صفاء علي، وهي إحدى المعلمات المتعاقدات في عدن منذ العام 2011 ، أن "هناك خللا في النقابة الخاصة بالمعلمين، وبشكل عام عملها ليس نقابيا وحسب، على الرغم من المطالب والحقوق المشروعة للمعلمين، لكن بعض قرارات القائمين على النقابة خاطئة، وأساءت للمعلم وجعلت منه خصما صريحا أمام المواطن".

وأضافت أن "هذا نتاج طبيعي لعمل النقابات العمالية بصورة عامة في عدن وجنوب اليمن منذ ما بعد العام 1994، التي فقدت أهميتها ومكانتها وفاعليتها وتاثيرها، وأيضا ضاع العمل النقابي بين الصراعات والسياسات، بعكس ما كان عليه عمل النقابات ماقبل العام 1990".

النقابة بعد الوحدة

ومرت نقابة المعلمين في جنوب اليمن بتغيرات عدة على مر تاريخها؛ إذ تغير اسمها من نقابة المهن التعليمية إلى نقابة المعلمين بعد الوحدة التي تمت بيت دولتي اليمن في 1990، لكن فاعليتها وأهميتها تضاءلتا كثيرا منذ ذلك الوقت.

2022-09-FB_IMG_1663016489392
2022-09-FB_IMG_1663016489392

بهذا الشأن، يقول خالد أمان النقابي السابق والقيادي في الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب الذي تشكل في العام 2012  "كان مصير نقابة المهن التعليمية وكافة النقابات العمالية بعد العام 1990، كباقي مؤسسات الدولة في الجنوب، التي تعرضت لعمليات تفكيك وخلخلة وطمس ونهب وفصل وإنهاء خدمات بشكل كلي، وبالتحديد بعد العام 1994، إذ طال الفصل التعسفي العديد من القيادات النقابية ومنهم رئيس الاتحاد العام للنقابات راجح صالح ناجي وأكثر من 22 آخرين في الجنوب، فضلا عن تدمير منشآت نقابية وتخريب بيئة العمل النقابي ومنها المبنى التاريخي للنقابات في عدن الذي بني في الخمسينيات".

ويرى أمان أنه "لم يعد هناك عمل نقابي حقيقي بعد العام 1994، فقد تحولت النقابات إلى أدوات للأحزاب، وبات القائمون عليها محصورين في هذه الأحزاب، ومنها نقابة المعلمين التي تم تفريخها إلى ثلاث نقابات، وفقدت مكانتها، ولم تعد بيئة نقابية حقيقية تناصر المعلمين وتدافع عن حقوقهم، وهو الأمر الذي أسهم في تدهور العملية التربوية والتعليمية في مدارس عدن والجنوب عامة، حتى وصلت الحال إلى ما هي عليه اليوم" حسب قوله.

 لا مقارنة

ولفت أمان إلى أنه "لا مقارنة بين النقابات والعمل النقابي في الجنوب ما قبل الوحدة وما بعدها، فقد كان للنقابات العمالية ومنها نقابة المهن التعليمية، دور متميز في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي على المستويين المحلي والخارجي، ويمكن التأكيد أن نقابة المهن التعليمية كانت تضم العديد من القيادات والكوادر التربوية والتعليمية، برئاسة التربوي مراد علي أحمد اسماعيل، رئيس النقابة، وكذلك الشخصية التربوية عبدالجبار سلام، وراجح صالح ناجي رئيس الاتحاد العام للنقابات وغيرهم الكثيرين".

وأكد أن " الدولة الجنوبية السابقة، حققت إنجازات عديدة في قطاع التعليم، إذ سبق أن أعلنت منظمة اليونيسكو في العام 1985 عن تحقيق جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية المراتب الأولى بالتعليم في المنطقة، وتقلصت نسبة الأمية إلى نحو 2%".

يشار إلى أن مستوى التعليم في اليمن تدنى وتدهور كثيرا خلال العقدين الماضيين، وارتفعت نسبة الأمية القرائية في الأرياف إلى نحو 70% وفي المدن إلى 40%، بينما تحدثت تقارير غير رسمية عن ارتفاع نسبة عدد المعلمين ممن لا يحملون شهادات أو يحملون شهادات ثانوية عامة إلى 18 و 30% تواليا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com