منذ متى ولون البحر أزرق؟

لم يلوَّن البحرُ باللون الأزرق إلا في القرن السادس عشر، أوّلًا على الخرائط، ثم على اللوحات الفنية، وأخيرًا في أذهاننا. لأنه لفترة طويلة لم يكن اللون الأزرق موجودًا حقًا.

وفي العصور القديمة كانت الألوان الخمسة الرئيسة، هي: الأبيض، والأصفر، والأحمر، والأخضر، والأسود، و"لم تكن هناك كلمة تشير إلى اللون الأزرق"، كما تقول عالمة اللغة آني مولارد ديسفور، مؤلفة كتاب "الأزرق" Le Bleu.

المصطلح اليوناني kuaneos يعني الأزرق الداكن أو الأسود المزرق أو اللامع، وكان مصطلح Glaukos يشير إلى ظل شاحب، أخضر مزرق، رمادي.

ووفقًا لتقرير نشره موقع "caminteresse"، يوم الخميس الماضي، ففي اللاتينية أيضًا كانت الكلمات غير دقيقة، مع تداخل الألوان فيها، لكن لا وجود لأي أثر لزرقة البحر في الأدب القديم الذي كان يصف الأمواج بالأحرى بعبارات مثل قاتمة أو ساطعة، بينما على الخرائط كانت البحار تمثَّل باللون الأخضر.

لماذا هذا الغياب؟ هل كان أسلافنا يعانون من نوع من الدلتونيّة، وهي شكل من أشكال عمى الألوان يتميز بعدم إدراك اللون الأزرق؟ لا، هذا الشذوذ الوراثي نادر للغاية.

التفسير بالأحرى من أصل ثقافي

خلال العصور القديمة كان اللون الأزرق قليل الاستخدام، بل كان الناس ينتقصون من قيمته، لأنه كان مرتبطًا بالشعوب البربرية (لون عيونهم ورسومات المحاربين التي كانوا يضعونها على أجسادهم). دون كلمة لتسمية هذا اللون. بالفعل، كما أوضح الباحثان دافيدوف وديبي روبرسون Jules Davidoff و Debi Roberson  فإن الطريقة التي تصنف بها اللغة الألوانَ تؤثر على إدراكهم.

وخير دليل على ذلك قبيلة الهيمبا Himbas في ناميبيا التي تسمي الألوان بخمسة مصطلحات، لا يميز أي منها اللون الأزرق عن الأخضر. على الرغم من البصر الطبيعي عندهم إلا أنهم غير قادرين على التمييز بين الألوان. وتؤكد آني مولارد-ديسفور أن "اللون بناء مكوّن من 3 عناصر: الضوء، المستقبِل والثقافة، مع هذه الكلمات التي تلعب على الإدراك".

ومع ذلك، ففي أوروبا لم تظهر كلمة الأزرق (bleu بالفرنسية)، وهي من أصل جرماني إلا في القرن الثاني عشر. في الوقت نفسه أصبح اللون تدريجيًا إلهيًا وملكيًا، لأنه حيوي، ومضيء ونيّر، حملته مريم العذراء، وأثبت نفسه كمصطلح إيجابي. إنه حتى اليوم اللون المفضل عند الفرنسيين.