آخرها مقتل نيرة أشرف.. ماذا وراء تزايد جرائم الشارع في مصر؟

آخرها مقتل نيرة أشرف.. ماذا وراء تزايد جرائم الشارع في مصر؟

أثارت جريمة مقتل فتاة تدعى نيرة أشرف على يد زميلها في جامعة المنصورة، أمس الاثنين، تساؤلات حول أسباب تزايد جرائم الشارع في مصر خلال الفترة الماضية، مع تسجيل أكثر من حادثة قتل واعتداء.

وقبل أشهر قليلة شهدت مصر جريمة مروعة حين أقدم شاب على ذبح مسن في عرض الشارع في محافظة الإسماعيلية شرقي البلاد أمام المارة، وعرفت إعلاميا بحادثة سفاح الإسماعيلية.

وأمس الاثنين قُتلت الفتاة نيرة أشرف على يد زميلها المدعو محمد عادل ذبحا باستخدام سكين أمام الجامعة، لتلفظ أنفاسها الأخيرة داخل المستشفى فور وصولها.

وظهر القاتل في مقطع فيديو وهو يقترب من الضحية عقب نزولها من الحافلة ثم باغتها بذبحها، وسط ذهول الطلاب الموجودين في محيط سور الجامعة الذين تمكنوا من الإمساك به وتسليمه لأجهزة الأمن.

السينما

ومع انتشار خبر الجريمة ومقاطع فيديو من موقع الحدث، تفاعل المصريون على منصات التواصل الاجتماعي بكثافة مستدعين الجرائم السابقة المشابهة، ومحاولين إيجاد تفسير لهذه الظاهرة التي باتت تؤرق الأسر المصرية في كل المحافظات.

وعزا معلقون كثر انتشار تلك الجرائم لتأثر الشباب بما يقدم في أفلام السينما من إبراز لشخصية "البلطجي" على أنه بطل وشهم وصاحب صفات مثالية، مستذكرين في ذلك عدة أعمال للفنان محمد رمضان ظهر فيها بشخصيات "عبده موتة" و"حبيشة" وغيرهما.

وعلق المذيع بقناة الأهلي محمد فارس: "في أجيال طالعة تربية محمد رمضان مش تربية أبلة فضيلة ولا تربية فؤاد المهندس كلمتين وبس ولا محمد صبحي يوميات ونيس. ولا إذاعة القرآن الكريم وبرنامج طلائع الإيمان. ولا أصلا هما عارفين حد من الناس اللي أنا كاتبهم دول"، في إشارة إلى برامج كانت تمثل مصدر إلهام لجيل الثمانينيات والتسعينيات.

وقال معلق باسم "عبدالرحمن صديق": "كل العنف في المجتمع المصري مسؤول عنه السينما المصرية وأفلام البلطجة والمخدرات والدعارة وكل ما تبنيه الأسرة من قيم ومبادئ يضيعه محمد رمضان في ساعتين".

وفي هذا السياق رأى الناقد السينمائي المصري سمير الجمل أن الدراما التليفزيونية هي السبب بنسبة 90 % مما يحدث الآن، لأنها تخل كل البيوت المصرية، ويشاهدها الأطفال اللذين يتخذون أبطالها قدوة لهم.

وأوضح الجمل لـ "إرم نيوز": "لو تحدثنا عن نماذج الأعمال التي تعرض خلال الـ 20 سنة الماضية فسنجد إبراهيم الأبيض، عبده موتة، أولاد رزق، ملوك الجدعنة، الاسطورة، وغيرها من الأعمال التي تظهر البلطجي والخارج على القانون على أنه بطل شعبي يجب الاقتداء به".

وأضاف الناقد المصري: "لو تأملت هذه الأعمال فستجد الابن الذي حرق والده في مسلسل ابن حلال، وغادة عبد الرازق حينما قامت بحرق شخص اغتصبها، ومحمد رمضان في الأسطورة الذي قتل عائلة بأكملها لأن أحد أفرادها قتل شقيقه، فماذا تنتظر من مردود هذه الأعمال التي تدخل كل البيوت".

المشاكل الاجتماعية 

وبعيدا عن السينما، يعيش المجتمع المصري مؤخرا موجة من المشاكل الاجتماعية المتصاعدة التي تتجلى في تزايد حالات الطلاق بشكل غير مسبوق والتحفز المتبادل بين النساء والرجال وادعاء كل طرف أنه يعيش مظلومية مجتمعية ولا يحصل على حقوقه.

بالنسبة للطلاق، تشير الإحصائيات إلى وجود حالة طلاق كل دقيقتين في مصر، مع تزايد مطرد في الحالات.

وقبل أيام ذكر رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، خيرت بركات، في تصريح تلفزيوني، أن أهم المؤشرات الخاصة بالطلاق والزواج في السنوات الأخيرة تكشف أن بيانات الطلاق في عام 2020 جاءت بنحو 222 ألف حالة، ثم ارتفعت بنسبة 13% لتبلغ 245 ألف حالة خلال 2021، وأنه بحسب بيانات 2020 تحدث حالة طلاق كل دقيقتين.

ومن ناحية أخرى، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي نشاطا مكثفا لمجموعات نسائية تقول إنها تدافع عن حقوق المرأة، رغم أن خطابها يراه الرجال متطرفا ويتخطى مجرد الدفاع للهجوم على الرجال عموما ومحاولة إخضاعهم؛ ولهذا السبب نشط في المقابل تيار ذكوري كانت آخر تجلياته تأسيس أول جمعية "للدفاع عن حقوق الرجال"، وتم إشهار الجمعية باسم "الجمعية المصرية للدفاع عن حقوق الرجل والأطفال في قانون الأسرة المصري".

ضغط الاقتصاد

ثالث العوامل التي قد تكون سببا في تزايد معدل الجرائم، بنظر مراقبين، يتمثل في الضغط المتزايد الذي يسببه تراجع القدرة الشرائية للمواطنين مع ثبات الدخول وارتفاع معدلات التضخم.

وتشير الأرقام إلى أن تضخم أسعار المستهلكين في مصر ارتفع إلى 13.5 % في مايو الماضي على أساس سنوي وهو أعلى مستوى له منذ مارس 2019.

ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية نهاية فبراير الماضي ضربت موجة غلاء مرتفعة الأسواق المصرية، فيما زاد خفض قيمة العملة أمام الدولار من تأثير الأزمة على قدرات المواطنين.

انهيار قيم الأسرة

في مقابل ذلك، رأى الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة أن الوضع الاقتصادي والسينما ليس هما العامل الرئيسي الذي أدى إلى انحدار قيم وأفكار المجتمع المصري إلى ما وصل إليه الحال الآن.

وأضاف أستاذ علم النفس المصري، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز"، أنه عمره فاق الـ 60 عاما، زامن خلالها العديد من المراحل والأطوار والأزمات التي مرت على مصر، ولم يحدث في مصر مثل هذه الجرائم التي تحدث الآن،مشيرا إلى أنه في وقت حرب الاستنزاف كانت الظروف الاقتصادية والمعيشية أسوأ من الآن بكثير، لكن لم يكن يحدث مثل الذي يحدث الآن.

وأكد "فرويز" أن الوضع الاقتصادي ليس سببا فيما يحدث، كذلك السينما و"الميديا" بشكل عام، وإن كانت تساهم بشكل غير مباشر لكنها ليست السبب، مدللا على كلامه بأن قديما كانت تعرض أعمال مثل "ريا وسكينة" وغيرها ممن تحتوي على مشاهد قتل، ولكن لم تحدث الجرائم التي تحدث الآن.

وأشار الدكتور جمال فرويز أن المشاهد والمتلقي هو من اختلف، فأصبح الشاب يشاهد الأعمال ويسعى لتطبيقها على نفسه، وتغيرت أفكاره إلى أنه لابد أن يكون "بلطجي" حتى يستطيع أن يدافع عن نفسه وعن أسرته، مثل فيلم "سلام يا صاحبي" الذي ينتصر في النهاية للبلطجة، وأن الحق لابد أن تقتنصه بيدك لا بالقانون.

وعن الأسباب التي أدت إلى تغيير قيم المجتمع المصري أكد "فرويز" أن انهيار القيم الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة هي السبب الرئيسي، فلم نعد نرى احترام الصغير للكبير، ولا تبجيل التلميذ للمدرس، وأصبح كل شخص يغلق بابه ليلا وهو متوجس من يحدث له مكروه، وقديما كان الجميع ينام ويترك بابه مفتوحا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com