آخرها قضية بلقاسم.. لماذا تنتشر ظاهرة الشعوذة في تونس؟
آخرها قضية بلقاسم.. لماذا تنتشر ظاهرة الشعوذة في تونس؟آخرها قضية بلقاسم.. لماذا تنتشر ظاهرة الشعوذة في تونس؟

آخرها قضية بلقاسم.. لماذا تنتشر ظاهرة الشعوذة في تونس؟

لا تزال حادثة معاشرة مشعوذ تونسي جنسيا لنحو 900 امرأة بدعوى علاجهن من العقم أو تخليصهن من السحر، تثير الكثير من ردود الأفعال في الأوساط الاجتماعية والقضائية في تونس، وتطرح أسئلة حول تفشي ظاهرة تردد التونسيين وخصوصا من النساء على محلات المعالجين الروحانيين، والذين تكاثرت أعدادهم ولقي نشاطهم رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة.

وتشهد ظاهرة المعالجين الروحانيين والمشعوذين انتشارا لافتا، في الأحياء الراقية للعاصمة تونس وعدد من المدن الأخرى، بعد أن كان أغلبهم ينشط في الأوساط الشعبية والمناطق التي تقطنها الفئات الاجتماعية الفقيرة؛ وذلك نتيجة تزايد الإقبال عليهم والاعتقاد في قدرتهم على شفاء الكثير من العاهات والأمراض، وإيجاد الدواء للأمراض المستعصية.

وشغل أحد المعالجين الروحانيين منذ أسبوعين الرأي العام في تونس؛ عندما أعلنت الجهات القضائية والأمنية عن اعتقاله بعد بث تقرير تلفزيوني تضمن شهادات واعترافات لنساء كن ضحايا لاعتداءات جنسية على يدي ذلك المشعوذ الذي يدعى بلقاسم، باستعمال الحيلة، حيث كان يوهم ضحاياه بأن علاجهن من العقم أو عدم الإنجاب وتخليصهن من أعمال السحر والعراقيل يتطلب حصصا في المعاشرة الجنسية لاستخراج الجن العاشق، حسب زعمه، بمعدل حصة واحدة في الأسبوع مقابل مبلغ يتجاوز 200 دينار شهريا (نحو 70 دولارا).

وأثار التقرير التلفزيوني الذي بثته قناة "الحوار التونسي" الخاصة، ضجة كبيرة في الأوساط الاجتماعية فيما أزاح النقاب في الآن نفسه عن ظاهرة اجتماعية متفشية بشكل خطير بين كل الفئات على اختلاف مستوياتهم المادية والثقافية والأكاديمية، حيث جاءت اعترافات الضحايا لدى خضوعهن للتحقيق صادمة.

وتزايدت ظاهرة اللجوء إلى المعالجين الروحانيين أو ما يعبر عنهم في تونس بـ"العرافين" بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وانتشرت محلاتهم بكثرة في المناطق الشعبية على وجه الخصوص، إذ يدعون قدرتهم الفائقة وامتلاكهم قوة خارقة للعلاج إما باستعمال تعويذات وطقوس غريبة وغامضة أو باعتماد الأعشاب والنباتات الطبيعية أو بتنويم الضحايا إذا كن من النساء وإغوائهن بغاية الاعتداء عليهن جنسيا.

وفي 2016، أوقفت السلطات القضائية بقرار من محافظ منطقة بن عروس، جنوب العاصمة تونس، مشعوذا روحانيا يدعى كمال المغربي، كان يزعم قدرته على علاج عديد الأمراض باستعمال طقوس غريبة من بينها النفخ في إبريق من المياه الساخنة.

واعتقلت السلطات المعالج الروحاني، كما أغلقت المحل الذي ينشط به، فيما كانت طوابير طويلة أمام مدخل المحل تنتظر دورها لتلقي حصص في العلاج من عدة أمراض.

وخلال العامين الماضيين، سعت تونس إلى مكافحة ظاهرة انتشار محلات العلاج الروحاني، وأعلنت إيقاف عشرات المعالجين الروحانيين وإغلاق محلاتهم، لكن ذلك لم يضع حدا للظاهرة بسبب اعتقاد فئة كبيرة من التونسيين في قدرة أولئك المعالجين على إيجاد الحلول لمعاناتهم وأمراضهم.

وكشف الأستاذ الباحث في علم الاجتماع زهير العزعوزي، أن "الاعتقاد الراسخ من قبل الكثيرين في قدرة المعالجين على تخليصهم من الهواجس التي تستبد بهم أو علاجهم من شتى الأمراض، هو الدافع الأول للانتشار المهول لمحلات العلاج الروحاني الذي يزعم أصحابه أنه ناجع".

وقال العزعوزي لـ“إرم نيوز"، إن "الكثير من التونسيين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والعلمية يلجؤون إلى هذا الصنف من المعالجين بهدف تجاوز مشكلة اجتماعية أو مادية أو صحية أو أي نوع من المشاكل، وإن تفشي الظاهرة يعود أساسا إلى الدعاية التي يوفرها المعالج أو مدعي الخدمة، إما ذاتيا عبر خلق هالة توهم الناس بقدرته على حل كل المشاكل، وإما من خلال ما يوفره حرفاء (زبائن) سابقون من رواج لتلك الخدمات وادعاء قدرته على توفير العلاج".

واعتبر الأستاذ في علم الاجتماع أن "ظاهرة اللجوء إلى المعالجين الروحانيين أو العرافين مثلما يعرفون في تونس أصبحت تشمل كل الأطياف الاجتماعية، ولكن بحسب عديد الدراسات فإن رواجها يكون أكثر في أوساط اجتماعية متدنية أو في مناطق شعبية يعتقد سكانها في قدرة المعالجين الروحانيين على مساعدتهم على تجاوز مختلف المصاعب التي يعانون منها".

وفي ضوء تعدد محلات المشعوذين وانتشارهم بشكل عشوائي وأحيانا سري، لا يمكن إحصاء عدد هؤلاء المعالجين، لكن أستاذ علم الاجتماع زهير العزعوزي أشار في دراسة أعدها حول تفشي الظاهرة إلى أنه يوجد في تونس نحو 145 ألف مشعوذ، وأن في العاصمة تونس ينشط مشعوذ واحد عن كل 100 مواطن، وهذا يعني أنّ التونسي يؤمن بالشعوذة وبالغيبيات ومن ثمة وجد المشعوذون الأرضية الخصبة للانتشار بشكل سريع جدا.

وكشف العزعوزي أنه "من الصعب حصر عدد المشعوذين بدقة، فحتى الدولة لم تستطع أن تحدد عددهم، ولكن من المؤكد أن انتشارهم يتزايد بشكل مهول".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com