"الكبير أوي" ملهاة معاصرة تُفكِّك شيفرة المجتمع
"الكبير أوي" ملهاة معاصرة تُفكِّك شيفرة المجتمع"الكبير أوي" ملهاة معاصرة تُفكِّك شيفرة المجتمع

"الكبير أوي" ملهاة معاصرة تُفكِّك شيفرة المجتمع

كسب الفنان المصري أحمد مكي رهانه في الجزء السادس من مسلسل "الكبير أوي"، باعتماده على أسلوب "الورشة الدرامية" في كل تفاصيل العمل، ابتداءً من "كَتيبة" كُتّاب السيناريو، مرورًا باهتمامه بأدق تفاصيل الكتابة، ومساندة زملائه الممثلين وتحويلهم إلى كاريكترات يُشار إليها بالبنان، وليس انتهاءً بتوضيب الرؤية الإخراجية مع المخرج أحمد الجندي.

لم يعتمد العمل على نجاحات الأجزاء السابقة، بقدر إمكانيته في تفكيك شيفرة المجتمع المعاصر، وتوضيب أفكار جديدة، رغم فنتازية طرحها، إلا أنها واقعية جدًا، وتمس الجمهور المصري والعربي عمومًا في يومياته، وإن كان ذلك عبر تقديمه نقدًا للثقافات والعادات عند مجتمع الصعايدة، ومثال ذلك ما جاء في حلقات "الأنفلونسر" و"المستريح".

وبالإمكان أن نصف هذا المسلسل بأنه "كباريه اجتماعي" أسوة بمسرح الكباريه السياسي الناقد، إذ يقدم بهرجة كبيرة، وبمجاميع فكاهية هائلة العدد، وبكاريكترات غاية في الروعة، في سبيل طرح قضاياه التي تنتقد المجتمع بأوسع شرائحه، مهما بلغت حساسية تلك القضايا.

واستطاع "الكبير أوي" في حلقاته الثلاثين أن يتخطى التوقعات الكثيرة التي تنبأت بفشله، أو على الأقل تراجعه عن سوية أجزائه السابقة، من خلال خلطة كوميدية لا تتردد في طرح أكثر القضايا المجتمعية تداولًا بأسلوب فكاهي قريب من القلب، وبمعالجة ذكية فيها من العمق الكثير.

مثلًا، داعب العمل مخيلة مرتادي الشبكة العنكبوتية، بتسليط الضوء على مشاكلها، وأوهامها، وذلك في الحلقة التي تم فيها قطع كابل الإنترنت عن قرية "المزاريطة"، لأن زوجته هدية تقضي وقتًا طويلًا في التصفح، خشية أن تفسد الأعمال الرومانسية التي تشاهدها هدية، حياته الأسرية، وحينها أطلق جملته التي باتت هاشتاغًا واسع الانتشار: "يقطع النت على النتيت على اللي هينتتوا عليه".

وفي هذا الموسم سلط "الكبير أوي" الضوء على انتشار صناع المحتوى والمؤثرين، ولهاثهم وراء المشاهدات مستخدمين سبلًا غير أخلاقية لتحقيق مآربهم، من خلال الصراع الذي نشب بين "هدرس" و"جوني" من أجل حصد أكبر نسبة من المشاهدات.

واتبع هذا العمل في بعض حلقاته على مداعبة ذاكرة الجمهور الدرامية، باعتماده على مقاربة بعض المشاهد من فيلم "وحيدًا في المنزل"، وفي حلقات أخرى ابتكر "لعبة "السبيط" المقتبسة بمعالجة كوميدية من المسلسل الكوري الشهير "لعبة الحبار" الذي عُرض على نيتفليكس.

كما غذّى تواجد نجوم كبار كضيوف على العمل، من خلال "مهرجان المزاريطة السينمائي" الذي كان بمثابة ذريعة لاستقبالهم، وإدراجهم ضمن خطة كوميدية، من شعبية العمل، ومن جماهيريته، التي تخطت الملايين على الشبكة العنكبوتية التي لم تسلم من انتقاداته، كما أسلفنا.

واعتمد هذا الجزء من المسلسل على شخصيات جديدة لم تكن موجودة في الأجزاء السابقة، لكنها استطاعت أن تلامس قلوب الجماهير، وتفاعلت معها مثل "مربوحة" و"نفادي" و"العترة"..

وبذلك حقق المسلسل تجددًا وحيوية، إضافة إلى القدرة العالية على إدغامهم ضمن مجتمع "المزاريطة" وهو ما يحسب لـ"مكي"، لعدم استئثاره بالبطولة وحيدًا.

ولم يكن ذلك ليتحقق لولا مجموعة من الممثلين الذين أجادوا أدوارهم، ومنهم: "رحمة أحمد.. مربوحة"، سماء إبراهيم.. الكبيرة فحت"، "حاتم صلاح.. نفادي"، "مصطفى غريب.. العترة"، الذين برعوا في تقمص شخصياتهم واللعب بأدائهم حتى استحوذوا على اهتمام الجمهور.

"الكبير أوي" أثبت أن "مكي" هو مشخّصاتي كبير، لا يعتمد على تاريخه، بقدر ما يضع عينه دائمًا على مستقبله، ويعتبر هذا العمل تأكيدا على أن الكوميديا التي يتبعها، ليست تهريجًا البتة، بل ملهاة معاصرة تمتلك جميع عناصر النجاح، وأهمها علاقتها مع متابعي القرن الواحد والعشرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com