بعد "الموجة الغبارية".. مشروع "الحزام الأخضر" في العراق يعود إلى الواجهة
بعد "الموجة الغبارية".. مشروع "الحزام الأخضر" في العراق يعود إلى الواجهةبعد "الموجة الغبارية".. مشروع "الحزام الأخضر" في العراق يعود إلى الواجهة

بعد "الموجة الغبارية".. مشروع "الحزام الأخضر" في العراق يعود إلى الواجهة

تجددت المطالب الشعبية بإنجاز مشروع الحزام الأخضر، في العاصمة العراقية بغداد، عقب موجة غبارية اجتاحت أغلب مناطق البلاد، قبل يومين، وما زالت مستمرة.

وتوفي أربعة أشخاص، الجمعة، وأصيب عشرات آخرون بحالات اختناق؛ إثر العاصفة الترابية، وذلك في محافظة كركوك.

كما سجلت المحافظة ذاتها، يوم أمس، أكثر من 200 حالة اختناق جديدة، حيث استُنفرت الكوادر الصحية وردهات الطوارئ لاستقبال المرضى.

وتوقعت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي استمرار تأثر المناطق الوسطى والجنوبية، السبت، بموجات الغبار، في حين يتغير الطقس في المنطقة الشمالية.

وقالت الأرصاد العراقية إن "موجة غبار أخرى تتجه نحو مدينة كربلاء والنجف والعاصمة بغداد والفرات الأوسط".

وتركزت تلك الموجة في المناطق الغربية والشمالية، وفي منسوب أقل بالعاصمة بغداد، في حين برزت تساؤلات عن مشروع الحزام الأخضر الذي تعتزم الحكومة العراقية إنشاءه، وتأخر منذ عدة سنوات.

14 مليار شجرة

ويسمع العراقيون منذ عدة سنوات بمشروع "الحزام الأخضر"، الذي يسعى لزرع مئات الدونمات المحيطة ببغداد بالأشجار المعمّرة؛ بهدف مقاومة التغيرات المناخية، وصد الموجات الغبارية، وتحسين البيئة في العاصمة التي تحتضن نحو 10 ملايين نسمة.

وتقول وزارة الزراعة العراقية إن البلاد بحاجة إلى نحو 14 مليار شجرة للقضاء على التصحر الذي وصل إلى مراحل متقدمة، في ظل اقتراب التصحر من المدن مع اندثار بساتين النخيل.

وتعرضت الحماية الطبيعية لبغداد للإهمال خلال عقود من الزمن، فضلاً عن تجريف آلاف الدونمات الزراعية، وتحويلها إلى قطع سكنية، لمواجهة أزمة الإسكان.

بدوره، يرى الخبير البيئي أحمد صالح أن "الحزام الأخضر سيساهم في تقليل حركة الرياح، التي تتسبب بتحرك القشرة الأرضية، وهو أيضاً من المرسبات للغبار بنسبة بسيطة وبذلك تقل العواصف الترابية".

وأضاف صالح، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الحزام الأخضر يجب أن يتألف من نباتات عالية، وغابات تغطي محيطات المدن، ومساحات خضراء"، مشيراً إلى أن "الحزام موجود في بعض المدن العراقية".

ولفت إلى أن "السبب الرئيس في فقدان حزام بغداد هو تجريف البساتين، وإنشاء مدن مكانها، مع غياب التدخل الحكومي في وقف تلك الظاهرة، التي أهلكت الزراعة في البلاد".

وبدأت فكرة الحزام الأخضر في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها دول عربية بمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى.

ويتكون الحزام الأخضر من مصدات خضراء، منها أشجار الكالبتوس والصفصاف والأثل وغيرها التي تستطيع تحمل الجفاف وملوحة الأرض. وتزرع المصدات بشكل متداخل وعلى شكل صفوف في مناطق هبوب الرياح الصحراوية حول المدن؛ للتخفيف من حدتها وتأثيراتها السلبية على البيئة والسكان.

وتقول وزارة البيئة في العراق إن قلة التخصيصات هي العائق الأساس في إنشاء مشروع الحزام الأخضر، بالإضافة إلى قلة الموارد المائية التي يجب أن توفر لهذه المساحات الشاسعة؛ بسبب الشح المائي الذي يعاني منه البلد خلال العقد الأخير.

وقال مدير عام الدائرة الفنية عيسى الفياض، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن "التغيرات المناخية عامل أساسي في زيادة موجات الغبار، وبحسب الإحصائيات المسجلة من قبل الهيئة العامة للأنواء الجوية، ارتفع عدد الأيام المغبرة من 243 يوماً إلى 272 يوماً في السنة لفترة عقدين من الزمن، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050".

وأشار إلى أن "نحو 70% من الأراضي الزراعية في العراق متدهورة أو مهددة بالتدهور، نتيجة التغيرات المناخية، وبالتالي فقدان الغطاء النباتي الذي يعتبر العامل الرئيس لتثبيت التربة".

لا جدية سياسية

ويشير خبراء إلى تقلص إيرادات العراق من المياه بأكثر من الثلث، منذ الربع الأخير من القرن العشرين، وانحسرت الأمطار عن معدلها نتيجة لارتفاع معدل حرارة سطح الارض، وقد تزامن انحسار المياه والأمطار عن العراق مع سيطرة دولة الجوار على منابع الأنهار عن طريق بناء سدود كبرى أضرت بالثروة المائية العراقية.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، طالب مدونون ونشطاء باستئناف مشروع الحزام الأخضر وإنجازه، وتوفير المتطلبات اللوجستية والفنية له.

في هذا الإطار، أكد مسؤول في وزارة البيئة أن "عدم الجدّية السياسية هي التي تحول دون إنجاز هذا المشروع، فليس هناك جهة نيابية تلتزم هذا المسار، حتى تحقق النجاح، خاصة وأن هناك صعوبات مالية وفنية بحاجة إلى حزم وقوة في تبنيها مشروع الحزام الأخضر، وصولاً إلى أن يرى النور".

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"إرم نيوز"، أن "المشروع بحاجة إلى نحو مليار دولار، وهو رقم كبير، في ظل عدم إدراك المزاج السياسي لأهمية هذا الأمر، ما يقف حاجزاً كبيراً أمام تنفيذه".

ولفت إلى أن "الكوادر المحلية لديها القدرة على إنجاز نصف هذا المشروع، مثل زراعة الأشجار، وتهيئة الأراضي، والإدامة الفنية، لكن تبقى هناك مستلزمات أخرى بحاجة إلى تعاقدات، مثل أنظمة الري، وتوفير الطاقة، وغير ذلك".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com