الفقر وغياب المعيل يفاقمان عمالة الأطفال في سوريا
الفقر وغياب المعيل يفاقمان عمالة الأطفال في سورياالفقر وغياب المعيل يفاقمان عمالة الأطفال في سوريا

الفقر وغياب المعيل يفاقمان عمالة الأطفال في سوريا

تفاقمت ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا خلال السنوات الماضية، بسبب الفقر وغياب المعيل وانخفاض مستوى الدخل عند أغلب العائلات.

ويقول تقرير لليونيسيف صدر العام 2015، إن الأطفال يساهمون في دخل ثلاثة أرباع الأسر السورية التي شملتها دراسة للمنظمة الدولية خلال السنوات الأولى للحرب.

ورغم أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية وقعت مع منظمة العمل الدولية سنة 2018، مذكرة تفاهم لإطلاق مشروع يتصدى لعمالة الأطفال، إلا أن هذه الظاهرة مازالت منتشرة بشكل كبير.

وتظهر عمالة الأطفال بشكل واضح في الشوارع والأسواق وورش السيارات والخياطة والأبنية قيد الإنشاء.

مهن خطيرة

ويقول الطفل عامر لـ"إرم نيوز": "أعمل في نقل البضائع بين سوق الحميدية ومدحت باشا؛ لأساعد والدتي في مصروف البيت بعد أن رحل والدي منذ عامين".

ويشكل غياب المعيل إلى جانب انتشار الفقر، أهم الأسباب التي تدفع عددا كبيرا من الأطفال للانخراط في مهن خطيرة لا تناسب أعمارهم الصغيرة.

ويؤكد عامر أن نقل البضاعة أدى إلى آلام في عموده الفقري.

يقول: "لولا وجود عربة النقل اليدوية، لما تمكنت من الاستمرار في العمل، والصعوبة الكبرى تكمن في تحميل الصناديق وتنزيلها".

وتعترف منظمة العمل الدولية بعدم وجود بيانات دقيقة لعدد الأطفال العاملين في سوريا.

وسبق لإدارتها الإقليمية أن قدرت العدد بعشرات الآلاف، خلال الورشة التي أقيمت مع وزارة الشؤون الاجتماعية بدمشق العام 2020.

وتعتبر بسطات الشوارع من المهن المفضلة عند الأطفال. وانطلاقا من منطقة البرامكة إلى الحلبوني وشارع النصر، يمكن مشاهدة باعة "الكرواسان" و"المعروك" و"الجرابات" و"العطور" موزعين بشكل دائم على الأرصفة.

ويقول سمير إنه يكسب نحو ثلاثة آلاف ليرة (1 دولار) يوميا من بيع "المعروك" للعابرين.

ويضيف: "صحيح أن المرابح ضعيفة، لكن الحظ يحالفني أحيانا فأكسب خمسة آلاف ليرة (نحو دولارين) أعود فرحا بها إلى المنزل وأنا أحمد الله".

ورغم أن سورية موقعة على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182 المتعلقتين بمكافحة عمالة الأطفال، إلا أن الحد من هذه الظاهرة بدا صعبا بسبب الحرب وانتشار الفقر والغلاء وانخفاض قيمة الليرة.

ويقول محمد صاحب بسطة إكسسوارات لأجهزة الموبايل في منطقة الحلبوني: "أنا مضطر للعمل كي أساعد والدي في تأمين متطلبات البيت، الحمد لله أننا بخير ونمتلك الصحة التي تساعدنا على العمل".

راتب خريج الجامعة لا يكفي

ويشير تقرير مشترك لمنظمة العمل الدولية واليونيسف، العام 2021، إلى وجود 160 مليون طفل عامل في العالم، بزيادة قدرها 8.4 مليون طفل عن السنوات الأربع السابقة.

ويدفع بعض الأهالي أبناءهم إلى سوق العمل؛ كي يتعلموا مهنة يعتاشون منها في المستقبل، وليس بهدف الاستفادة المادية من عمل الطفل.

ويقول أبو خالد لـ"إرم نيوز": "الصنعة أضمن لمستقبل الولد من الدراسة، خاصة أن راتب خريج الجامعة لا يكفي سوى أسبوع واحد، أما المهنة فتدر عليه ذهبا إذا أتقنها بشكل صحيح".

وتفرض القوانين السورية إلزامية التعليم حتى سن الخامسة عشرة، لكن ظاهرة التسرب من المدارس تفاقمت بعد الحرب والنزوح؛ فذهب الكثير من الأطفال إلى سوق العمل.

وتشير أرقام وزارة التربية إلى وجود أكثر من 1100000 متسرب من المدارس، يعمل معظمهم في مهن مختلفة.

الاستعانة بالصبر

ويقارن الطفل سمير عمله في بيع المعروك مع خريجي الجامعات، فيقول: "أخي الأكبر تخرج من الجامعة لكنه لا يجد فرصة عمل منذ سنتين؛ لذلك أجد العمل في السوق أفضل".

ورغم إقرار اتفاقية حقوق الطفل عالميا، العام 1989، إلا أن تطبيقها بشكل كامل في سورية يبدو صعبا في ظل الحرب والوضع الاقتصادي السيء؛ حيث يرزح نحو 90% من الناس تحت خط الفقر تبعا لأرقام الأمم المتحدة.

ويختم الطفل عامر بالقول: "نأمل أن تتحسن الظروف ونعود كي نعيش حياتنا بشكل طبيعي. وحتى يحدث هذا، فإننا صابرون".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com