الكويت.. هل يتحول انتحار "البدون" إلى وسيلة ضغط لحل قضيتهم؟
الكويت.. هل يتحول انتحار "البدون" إلى وسيلة ضغط لحل قضيتهم؟الكويت.. هل يتحول انتحار "البدون" إلى وسيلة ضغط لحل قضيتهم؟

الكويت.. هل يتحول انتحار "البدون" إلى وسيلة ضغط لحل قضيتهم؟

حظيت قضية المقيمين بصورة غير قانونية في الكويت، المعروفين بـ (البدون)، في السنوات الماضية، باهتمام رسمي وشعبي واسع، جعلها تتصدر حديث الإعلام والنشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي.

ويؤكد رواد مواقع التواصل على ضرورة حل هذه القضية بشكل جذري، في وقت يبلغ عددهم قرابة 100 ألف شخص، لكنهم يقولون إنهم أكثر من ذلك بكثير ويُصرون على أنهم كويتيو الأصل.

وعلت، خلال السنوات الماضية، أصوات نشطاء وحقوقيين من هذه الفئة ومناصرين لقضيتهم، شددوا على ضرورة حسم هذا الملف الذي واجهت الكويت بسببه انتقادات دولية؛ لفشلها في حله نهائيا طيلة العقود الماضية.

وفيما لجأ أبناء هذه الفئة، التي يشكو كثير منهم التمييز ضدهم على جميع الأصعدة وصعوبة التمتع بخدمات الدولة الأساسية من تعليم وسكن وعمل ورعاية صحية وغيرها، إلى تنظيم احتجاجات لتسليط الضوء على قضيتهم، اختار بعضهم إنهاء حياته كوسيلة احتجاج على تعسف السلطات بحل قضيتهم، وفق ما يؤكده النشطاء.

4 حالات انتحار عام 2021

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية حول أعداد "البدون" الذين أقدموا على الانتحار في الكويت، فإنه ووفقا لوسائل الإعلام والنشطاء، سجل البلد الخليجي عشرات المحاولات نجح الكثير منها، فيما باء بعضها بالفشل.

وخلال العام 2021، سجلت الكويت 4 حالات انتحار، أولها في شباط/ فبراير، حيث أقدم الطفل "علي خالد ياسر" على شنق نفسه داخل غرفته بمنزل ذويه في منطقة الصليبية بمحافظة الجهراء.

وقال والد الطفل حينها إن "العوز والحاجة المادية سبب انتحار نجله"، مبينا أن "علي البالغ من العمر 11 عاما، طلب منه قبل يوم من انتحاره 12 دينارا (نحو 40 دولارا) لإحضار بلاي ستيشن من ورشة التصليح إلا أن المبلغ لم يكن متوفرا لديه".

وفي آذار/ مارس، أقدم شاب يُدعى يعقوب مفرح عبدالله، وهو في منتصف العشرينيات من عمره، على الانتحار شنقا على غصن شجرة.

وذكر نشطاء أن الشاب "لا يعاني من أي مشاكل نفسية ويسكن في خيمة مع أخيه بالقرب من (شبرة) خضرة ويعمل ببيع الخضار، وتم العثور عليه معلقا على غصن شجرة في منطقة الصليبية".

وفي حزيران/ يونيو، أقدم مسن في الستينيات من العمر على سكب البنزين على نفسه وإضرام النار بجسده بقرب أحد المساجد في منطقة الصباحية بمحافظة الأحمدي.

وتم إسعاف الرجل إلى المستشفى بحالة حرجة نتيجة الحروق الشاسعة التي لحقت به، قبل أن يتم الإعلان عن وفاته.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، أقدم الشاب محمد الفضلي على إلقاء نفسه من أعلى جسر الشيخ جابر، حيث تحدثت وسائل الإعلام والنشطاء عن انتحاره من فوق الجسر، في الوقت الذي شكك والده بانتحاره، وأفاد بأن نجله تلقى تهديدات من آخرين.

كما شهد العام الماضي شروعا وتهديدات بالانتحار، أحدها لشاب هدد في كانون الثاني/ يناير، بالانتحار بالسكين وحرق نفسه، بسبب إزالة موظفي البلدية بقالته التي يعيل بها أسرته.

وفي آب/ أغسطس، أقدم شاب في الثلاثينيات من عمره يعمل موظفا في مستشفى الصباح على سكب مادة سريعة الاشتعال على نفسه، وتسبب بحرق 60 بالمئة من جسده.

وتضاف حالات الانتحار الأربعة، إلى خمس حالات انتحار وقعت في عامي 2019 و2020، وثق النشطاء أسماء 3 منهم، وهم: عايد حمد مدعث، بدر الفضلي، وزايد العصمي.

أسباب الانتحار

ورغم تباين الرواية الرسمية والشعبية بشأن أسباب انتحار هؤلاء الأشخاص، الذين تحدثت بيانات رسمية أن بعضهم من أصحاب السوابق أو يعانون من مشاكل نفسية، يصر النشطاء على أن "الظروف المعيشية والتضييق عليهم وحرمانهم من حقوقهم، وتعقيد قضيتهم؛ هو ما دفعهم للانتحار".

وسبق أن أكد مراقبون ومتابعون قبل أعوام أن "الانتحار رسالة صريحة من البدون إلى السلطات الكويتية بأن قضيتهم لم يبقَ أمل في حلها إلا باللجوء إلى الطريقة التي لجأ إليها مواطنون من دول عربية ضد حكوماتهم قبل عقد من الزمن احتجاجا على الظلم الواقع عليهم وهو ما عرف بالربيع العربي".

ومع كل حالة انتحار تعود قضية "البدون" إلى الواجهة مجددا، رغم تأكيد كثير من النشطاء "أن الانتحار لن يحل قضيتهم وأن الأفضل هو مواصلة المطالبة بحقوقهم".

وسبق أن قدم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم وعدد من نواب مجلس 2016، قوانين قالوا بأنها تضمن حلا جذريا لهذه القضية، إلا أن أيًا منها لم يتم إقراره.

أصل البدون

وتُعتبر قضية "البدون" من القضايا الشائكة منذ عقود في البلد الخليجي الملقب "ببلد الإنسانية".

والبدون هم "أهل البادية" الذين لم يحصلوا على جنسية دولة الكويت منذ استقلالها عام 1961، وتعتبرهم الحكومة مقيمين بصورة غير قانونية، حيث إنهم لا يمتلكون أي وثائق تثبت انتماءهم للكويت.

وبحسب تقارير، "فإن بعض هؤلاء البدون هم من عائلات كانت مقيمة في الكويت، إلا أنهم لا يحملون أوراقا ثبوتية، والبعض الآخر هم مواطنون من بلاد عربية أخرى انتقلوا للكويت عقب اكتشاف النفط وأخفوا هوياتهم الأصلية وزعموا أنهم من البدون؛ طمعا في الحصول على الجنسية".

وحتى مطلع التسعينيات، كان يتم معاملة "البدون" في كثير من الحالات كمعاملة المواطنين وتم تجنيس كثير منهم، وشغل معظمهم وظائف في السلك العسكري والشرطة حتى فترة الغزو العراقي للكويت، حيث بدأت الحكومة بالتضييق عليهم، بعد أن عاد كثير منهم إلى دولهم الأصلية بسبب ظروف الغزو.

ويعتبر إحصاء 1965 الإحصاء الرسمي المعتمد في الكويت لتعداد المواطنين والمقيمين، والحد الفاصل بين من يتم منحهم الجنسية أو حجبها عنهم.

وتتأثر قضية "البدون"، الذين تم تقييد قسم منهم في الإحصاء الشهير، في حين لم يتم تقييد القسم الأكبر منهم والذين يقولون تكرارًا إنهم مواطنون، في حين تخالف السلطات الرسمية هذه الأقوال، وتقول بأنهم مواطنون لدول أخرى وأخفوا جنسياتهم الحقيقية، وفقًا لتقارير محلية.

وأنشئ الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع ”البدون“ بمرسوم أميري سنة 2010 لمدة 5 سنوات، ثم تم تمديده سنة 2015 بمرسوم آخر لمدة سنتين، تبعه عام 2017 مرسوم آخر لتمديده 3 سنوات، تبعه مرسوم آخر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بالتمديد لعام واحد، ليصدر مرسوم آخر في آب/ أغسطس الماضي، بتمديد عمله لمدة عامين آخرين.

وكشف الجهاز المركزي قبل أسابيع، أن أكثر من 18 ألف شخص من "البدون" تم تعديل أوضاعهم خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2011 و2021، ويعني تعديل الوضع أنه تم الكشف عن جنسيتهم الأصلية للجهاز مقابل الحصول على إقامة مستمرة ومزايا أخرى مشابهة لما يتمتع به المواطنون الكويتيون.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com