كيف نجنب أبناءنا الآثار السلبية لقرار الطلاق؟
كيف نجنب أبناءنا الآثار السلبية لقرار الطلاق؟كيف نجنب أبناءنا الآثار السلبية لقرار الطلاق؟

كيف نجنب أبناءنا الآثار السلبية لقرار الطلاق؟

يعتبر انفصال الوالدين من أكبر المشكلات التي تواجه الأطفال وذويهم على حد سواء، إذ أن تداعيات الطلاق غالبا ما تنتهي بشكل سلبي على الأطفال.

لذا، فإن أهم خطوة على الوالدين اتخاذها قبل وبعد قرار الطلاق، هي كيفية تجنيب أبنائهم أكبر قدر ممكن من الآثار السلبية لتداعياته، وفقا لخبراء في التربية.

المراحل الأولى من عمر الطفل

وفق المدربة المعتمدة والناشطة في مجال التربية الأسرية والحاصلة على دبلوم استشاري أسري، لانا قاعاتي، فإن تجاوب الأطفال مع قرار مثل الطلاق يختلف بحسب الفئة العمرية، إذ إن الأطفال في سن 6 سنوات وما دون يفتقرون إلى الوعي الكافي لفهم مثل هذا القرار.

وتقول التربوية قاعاتي إن الأطفال في هذه المرحلة العمرية لا يدركون معنى هذا القرار أو عواقبه، كما أنهم لا يملكون بعد القدرة الكافية للتطور والتكيف النفسي للتعبير عن مشاعرهم، لذا يتوجب على الأهل أن يتعاملوا مع الموقف كل يوم بيومه، وتفسير القرار بأبسط قدر ممكن لهم.

وتضيف أنه مثلا يمكن أن نقول للطفل "إن ماما لن تكون موجودة بسبب مسؤوليات أخرى في الوقت الحالي، أو بابا مشغول وسيكون موجودا في يوم الإجازة"، لافتة إلى أنه مع الوقت سيعتاد الطفل أكثر على المرحلة الجديدة ويبدأ في فهم القرار بشكل أكبر.

وشددت لانا قاعاتي أن الطفل في مراحل عمره الأولى يكون أكثر عاطفية، وهو بحاجة دائمة لوجود الأب والأم إلى جواره، لذلك فإن غياب أحدهما سيخلق له عدم توازن في عالمه الخاص.

وعليه، من المهم أن يقوم الوالدان بتنظيم حياتهما الجديدة وفق روتين معين ومستمر، وإجابة أسئلة الطفل بشكل بسيط ومباشر، وإعطائه مساحة كافية ليسأل هو بنفسه عن ما يجول بذهنه بشأن القرار.

من 12 سنة فما فوق

بحسب التربوية لانا قاعاتي، تبدأ قدرات الأطفال بالتطور انطلاقا من 12 سنة، إذ يبدأ وعيه الخارجي بالتشكل بشكل أكبر، خاصة مع مقارنته العلاقات بالصداقات، لذا تصبح قدرتهم على فهم وجود مشكلات بين الأبوين أكبر.

ولفتت إلى أنه من الضروري في هذه المرحلة العمرية الانتباه إلى أن حكم الطفل على الأمور يكون على مبدأ أبيض وأسود، لذا غالبا ما يلقي الأطفال في هذه المرحلة باللوم على أنفسهم عند وقوع الطلاق.

وتوضح أن الطفل في هذه المرحلة حين يشاهد شجارا بين والديه قد يعتقد أنه السبب، وحين تحدث مشكلات بين والديه يظن أنه السبب، لذا من المهم منح الأطفال في هذه المرحلة العمرية الأمان العاطفي، والتأكيد لهم بأنهم ليسوا سببا في الانفصال، وأن "محبتهم لن تتغير بعد الطلاق".

وتضيف لانا قاعاتي أنه مع دخول الطفل مرحلة المراهقة، يصبح أكثر قدرة على التحكم بمشاعره، لذا يمكن أن يصبح الحوار معه أكثر وضوحا وعمقا بشأن أسباب الانفصال، ويمكن الأخذ برأي الأبناء في مرحلة المراهقة بشأن نظرتهم إلى مستقبل حياتهم، وتخييرهم بالعيش سواء مع الأب أو الأم بعد الانفصال، والأخذ بالاعتبار لما يتصورون عليه الحياة بعد الطلاق.

تداعيات الانفصال على الأطفال

ترى التربوية لانا قاعاتي أن الانفصال أشبه بهزة أرضية في حياة الطفل، تختلف درجتها من ضعيفة إلى قوية حسب البيئة العائلية التي يعيش فيها، وبحسب طريقة تعامل الأهل مع قرار الطلاق.

وتوضح أن الانفصال يترك أثرا نفسيا عميقا في حياة الأطفال، فقد يصبح لدى الطفل خوف دائم، أو شعور بنقص حب والديه له، وأن مصدر أمانه قد اختفى.

كما أن بعض الأطفال يعانون من مشكلة التبول اللا إرادي وقضم الأظافر بعد الانفصال، إضافة إلى التراجع في المستوى الدراسي، كما أن البعض منهم قد يلجأ إلى السرقة أو العنف كرد فعل على طلاق والديه.

وتؤكد أن اتخاذ قرار الانفصال من قبل الوالدين بأكبر قدر ممكن من الهدوء بعيدا عن الانفعال والعصبية له تأثير مهم على الأطفال، ويسهم في تجنيبهم العديد من الآثار السلبية، إذ من الضروري أن يبقى كل من الأب والأم صامدين عقب اتخاذ القرار، لأن ذلك ينعكس على الأطفال نفسيا.

وتعتبر المستشارة التربوية أن للمدرسة دورا مهما بعد انفصال الوالدين، إذ يجب إبلاغها من قبل الأهل في حال وجود قرار بالطلاق، للمساعدة في دعم الطفل معنويا، وذلك لأن حياة الطفل وتعامله في المدرسة يختلف عن حياته في المنزل.

من ناحية أخرى، تقول قاعاتي إن الانفصال أحيانا يكون أفضل للأطفال، وقد يؤمن لهم بيئة أكثر استقرارا وهدوءا، بخلاف بقائهم ضمن بيئة مليئة بالشجار والاضطراب بين الأبوين، خاصة في حال وجود عنف أسري؛ ما يؤدي إلى اكتساب الطفل أخلاقا وعادات غير سوية.

وتضيف أنه كلما تأخر قرار الانفصال صار أصعب على الأطفال، لأن الطفل يكون اعتاد أكثر على نمط حياة معين بوجود والديه، ليأتي قرار كالطلاق مفاجئا بالنسبة له، ليغير حياته بشكل كامل، مشددة على أن "الطلاق بكل المراحل العمرية للطفل يظل صعبا، كما أنه يكون صعبا على الوالدين في الفترة الأولى".

تداعيات الانفصال على الزوجين

تقول المستشارة التربوية لانا قاعاتي "أغلب مجتمعاتنا للأسف، ورغم وجود قوانين تنظيمية لمواضيع الزواج والطلاق، تستخدم الأطفال كأدوات ابتزاز بعد الطلاق".

وتتابع "من المهم أن يتذكر الوالدان أن الأطفال ليسوا ملكا لهما، وأن من واجبهما تربيتهم تربية صالحة لما فيه مصلحة الطرفين.. والتذكير أن العلاقة الزوجية مختلفة تماما عن العلاقة بأبنائنا، ولا يجب الخلط بينهما".

وترى أن أول خطوة بعد اتخاذ قرار الانفصال هي التواصل مع الأبناء وإيصال هذه الفكرة لهم، وأن يظل مسكن ومدرسة وبيئة الطفل هي ذاتها وألا يشملها التغيير، كي لا يتأثر الطفل بالتغيير داخليا وخارجيا، مبينة أنه من المهم الحفاظ قدر الإمكان على التوازن النفسي للطفل، وإبعاد قرار الانفصال عن حياته قدر الإمكان، والتشديد على الأصدقاء وأفراد العائلة للالتزام بذلك.

وتشدد على ضرورة أن يكون للأب والأم وعي بتأثير قرار الانفصال، وأن يتفقا على احترام بعضهما أمام أطفالهما عقب الطلاق، وأن يحاولا الحفاظ على ذكريات جميلة مع أبنائهما بعد الطلاق، وإيجاد أفضل الطرق لتعويض الأبناء عن غياب أحد الوالدين.

وتنوه لانا قاعاتي إلى أنه من المهم على الأب والأم عدم إظهار المشاعر السلبية وتأثيرها عليهما بعد الانفصال أمام الأبناء، وتجنب الإيحاء لهم أنهم سبب في الطلاق، وعليهما مراعاة مشاعر أطفالهما كثيرا بعد مرحلة الانفصال.

وتؤكد أنه من المهم أن يلجأ الوالدان لتثقيف أنفسهما وطلب المساعدة بعد الانفصال، وتهيئة بيئة مناسبة للطفل بعيدا عن التداعيات السلبية لمثل هذا القرار، والتأكيد للطفل باستمرار أن حياته ستظل بخير ولن تتأثر بسبب الطلاق، لافتة إلى أنه "من المهم في حال كان الطفل مراهقا أن نشاركه في جزء من القرارات، وفي حال كان بعمر أصغر أن نجيب باختصار عن أسئلته دون الدخول في مزيد من التفاصيل بما يؤجج خياله ومشاعره بشكل سلبي".

وتلفت لانا قاعاتي إلى أن كل مرحلة عمرية للطفل هي مهمة وحساسة في قرار الانفصال، لذا يجب على الوالدين أن يستعدا للتعامل مع كل مرحلة بشكل مختلف ومناسب، وأن يكونا متأهبين لطلب المساعدة بعد وقوع الطلاق، وألا يعتقدا أنهما قادران على السيطرة باستمرار على الأمور، لذا عليهما أن يكونا جاهزين دائما لاستقبال الدعم والمساعدة وتفهم المرحلة العمرية لأبنائهما في وقت الطلاق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com