الراحل محمد شماط.. مسيرة فنية دعمت جماهيرية الدراما السورية والبطولة الجماعية

نعت الأوساط الفنية في العالم العربي، يوم الثلاثاء، الفنان السوري محمد الشماط، الذي وافته المنية في الولايات المتحدة، عن عمر ناهز 85 عاما قضى معظمها في المسارح والأدوار الدرامية المحببة لشريحة واسعة من الجمهور العربي.

وقضى الراحل آخر 4 أعوام من حياته في الولايات المتحدة في رحلة علاج مضنية بسبب تبعات الشيخوخة ومرض القلب. 

مسيرته الفنية

منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، انخرط الراحل في التمثيل على المسرح لينتقل بعدها للعمل في الدراما والمسلسلات بداية الستينيات.

ومن أبرز الشخصيات التي لقيت ترحيبا من الجمهور العربي، أداؤه لشخصية "أبو رياح" في مسلسل "صح النوم"، وشخصية "أبو مرزوق" بائع الخضار في مسلسل "باب الحارة".

وامتازت مسيرة الراحل بالتنوع، إذ شارك في أعمال سينمائية ولم ينقطع عن المسرح، فضلا عن أدائه لعشرات من الأدوار الإذاعية.

أبرز المسلسلات

ومن أبرز المسلسلات التي شارك بها الراحل؛ مسلسل "حارة القصر"، و"وادي المسك"، و"طرابيش"، و"مزاد علني"، و"الخوالي"، و"حارة خارج التغطية"، بالإضافة إلى مشاركته في أجزاء مسلسل "باب الحارة".

مشاركاته بالأفلام

وشارك الراحل في عشرات الأفلام المحلية في حقبة السبعينيات، بما عُرِف حينها بالسينما التجارية؛ منها "امرأة لا تبيع الحب"، و"امرأة تسكن وحدها"، و"ذكرى ليلة حب"، و"غراميات خاصة"، و"العندليب"، و"حبيبي مجنون جدا".

البطل الشعبي

وأثار خبر وفاة الراحل تفاعلا في مواقع التواصل الاجتماعي ونعاه كثير من الفانين السوريين؛ ومنهم سلاف فواخرجي، وتيم حسن، وتولاي هارون.

وارتبط الراحل في ذاكرة الجمهور بأداء الأدوار الشعبية الملاصقة للحارات القديمة، من خلال مشاركته في أعمال درامية وسينمائية متميزة تناولت سيرة البطل الشعبي وما يقدمه لأهل حارته أو منطقته أو مدينته حيث يتمتع بمواصفات الرجولة والشهامة ونصرة المظلوم.

كما أدى الراحل بإتقان دور الشخصية الشعبية بإيجابياتها القائمة على خلق محيط ودود من أبناء البلد الواحد، يجمعهم الأمل بمستقبل أفضل، والتمرد على واقعهم الصعب.

ولم تغفل أدواره، تسليط الضوء على سلبيات الشخصية الشعبوية، وما تتبناه من مفاهيم قائمة على الجهل والتخلف الاجتماعي فضلا عما تعانيه من آثار الفقر والظلم الاقتصادي.

"أبو رياح" بائع الخيار بنداءاته المحببة "أصابيع الببو يا خيار" وشخصيته العطوفة على ابنة أخته فطوم في مسلسل "صح النوم" الشهم المقدام الذي لا يتوانى عن تقديم المساعدة للجيران، هو في الوقت ذاته من يؤمن بالخرافات ويعاني من تبعات الفقر والجهل والتخلف الاجتماعي.

الشخصية الثانوية

ولعل الراحل محمد شماط، أحد أبرز الممثلين العرب الذين تمكنوا من تقديم الشخصية الثانوية في الأعمال الدرامية والسينمائية بطريقة تجذب المشاهد وتخلق رابطا من التعلق بها.

فعلى الرغم من تركيز معظم الأعمال على البطل الرئيس، مثل (غوار الطوشة الذي أدى شخصيته الفنان دريد لحام) إلا أن شخصية "أبو رياح" في مسلسل "صح النوم" كان لها شعبية واضحة، جعلت الأطفال المتابعين للعمل يرددون عباراته الشهيرة خلال ألعابهم الطفولية.

ظهرت الشخصية الثانوية كركن أساس للعمل لا يكتمل دونه، فهو الرابط للأحداث، والقاضي في النزاعات بين الأبطال الرئيسيين في كثير من الأحيان. ليتحول العمل في المحصلة إلى بناء فني متماسك الأركان.

وقد تكون الأدوار التي أداها الراحل أحد الشروط التي مهدت لصعود الدراما السورية المتألقة، في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، والقائمة على البطولة الجماعية وتماسك الحبكة الدرامية، في تفاعل متوازن بين الشخصية الرئيسة والشخصيات الثانوية.