الحزن وألم الفقد يجمعان بين يهودي وعربي في مدينة اللد المُختلطة
الحزن وألم الفقد يجمعان بين يهودي وعربي في مدينة اللد المُختلطةالحزن وألم الفقد يجمعان بين يهودي وعربي في مدينة اللد المُختلطة

الحزن وألم الفقد يجمعان بين يهودي وعربي في مدينة اللد المُختلطة

ترك مقتل رجلين أحدهما عربي والآخر يهودي، خلال أعمال عنف بين المجموعتين العربية واليهودية في مدينة اللد في إسرائيل، عائلتيهما في حالة من الحزن الشديد، وجمعتهما الرغبة في إنصاف ولديهما أمام العدالة.

وكان يمكن أن يصبح مالك وإيفي عدوين لدودين، لكنهما تقاربا بعد مقتل ابن الأول وشقيق الثاني.

في العاشر من شهر أيار/مايو، قُتل موسى، البالغ من العمر 31 عامًا، نجل مالك حسونة والوالد لثلاثة أطفال، في إطلاق نار في اللد القريبة من تل أبيب، خلال أعمال عنف شهدتها المدينة على خلفية توترات في القدس وقطاع غزة بين إسرائيل والفلسطينيين.

في اليوم التالي، رشقت سيارة إيغال، البالغ من العمر 56 عامًا، شقيق إيفي يهوشع بالحجارة، فأصيب وتوفي متأثرا بجروحه، وهو والد لولدين.

ووجهت لوائح اتهام بقتل يهوشع ضد 7 أشخاص من العرب، وأفرج عن 4 مشتبه بهم في قتل حسونة، ولم يتم تقديم لوائح اتهام ضدهم.

وعندما وصله خبر مقتل يهوشع، كان مالك حسونة، البالغ من العمر 62 عامًا، يبكي فقدان ابنه، ويقول، اليوم الإثنين: "كان إيغال صديقي"، مشيرًا إلى أنه زار عائلته، وقال لهم: "ألمكم هو ألمي".

أما ايفي يهوشع، البالغ من العمر 58 عامًا، فيقول إنه التقى حسونة بعد فترة وجيزة وتبادلا الرسائل المكتوبة والصوتية.

ويضيف وهو يجلس على أريكة في منزل حسونة: "في كل مرة يحاول الجرح أن يلتئم، يُفتح من جديد، بالنسبة لمالك أيضًا، الجرح لا يلتئم".



البحث عن الحقيقة

يعيش في اللد نحو 80 ألف شخص، ثلثهم من العرب، وهم من أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في بيوتهم بعد تأسيس إسرائيل في العام 1948.

واعتاد الجانبان العيش المشترك لسنوات رغم شكوى العرب من عدم المساواة مع أقرانهم اليهود في السكن والأراضي، وكانت أعمال الشغب والعنف في شهر أيار/مايو الماضي غير مسبوقة.

وجاءت آنذاك أعمال الشغب احتجاجًا على مواجهات في باحات المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، على خلفية تهديد بطرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح لصالح جمعيات استيطانية.

وامتد النزاع إلى قطاع غزة متسببا في تصعيد دام بين إسرائيل والفصائل المسلحة استمر 11 يوما، مخلفا قتلى وجرحى في صفوف الجانبين، ودمارا هائلا.

وبالنسبة ليهوشع، "لم يحصل في اللد أي شيء مثل هذا منذ 70 عاما".

وبين العرب المشتبه بهم في قتل إيغال، فلسطينيون من سكان الضفة الغربية المحتلة، وخمسة مواطنين عرب في إسرائيل.

وتشير الاتهامات إلى أن الحجارة التي ألقاها المتهمون نحو سيارة يهوشع أدت إلى تهشّم الزجاج الأمامي وإصابته في رأسه.

ويقول يهوشع إنه يحضر كل جلسات محاكمة قتلة شقيقه، ويضيف: "أؤمن بالقانون وأؤمن بأن قوات الأمن ستلقي القبض على أولئك الأشخاص وتحاكمهم بما يستحقون".

وكانت الشرطة استجوبت أربعة يهود يشتبه بإطلاقهم النار على حسونة، لكنها أطلقت سراحهم في وقت لاحق.

ويرى حسونة، الذي يتحدث عن "تمييز" في تطبيق العدالة، أن إسرائيل "ترى أنه من الطبيعي جدا أن يموت العرب بدم بارد".

وأكدت الشرطة الإسرائيلية توقيف 154 شخصا، بينهم 120 عربيا، على صلة بـ"الاضطرابات" التي شهدتها اللد.

وقالت إنها تحقق "في كل حالة عنف وقتل بدقة واحترافية دون أي علاقة بخلفية المشتبه به أو الضحية".



موجة عنف

يقول مدير مركز "مساواة" لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل جعفر فرح إن "هناك تطبيقا انتقائيا للقانون عندما يتعلق الأمر بالمواطنين العرب".

وبحسب المركز الذي يديره فرح، اعتقلت الشرطة أكثر من 2300 عربي منذُ شهر أيار/مايو الماضي، مقابل 180 يهوديا.

وهذه الأرقام غير رسمية، لكن وزارة العدل قالت إنها أصدرت 515 لائحة اتهام في جرائم متنوعة، وإن المتهمين اليهود يشكلون 13 في المئة منها.

ومن بين المعتقلين شقيق موسى أيوب (29 عاما)، الذي لا يزال في السجن بعد اعتقاله في شهر حزيران/يونيو الماضي؛ بسبب ما وصفها والده بأنها تهم وهمية.

وفي شهر تموز/يوليو الماضي، طلب حسونة العدالة لابنه أمام البرلمان الإسرائيلي، ملقيا باللوم على رئيس بلدية اللد يائير ريفيفو الذي دعا اليهود إلى الخروج بالسلاح "للدفاع عنّا".

وقال حسونة أمام أعضاء الكنيست: "لو لم يكن هناك يائير ريفيفو لبقي الهدوء مسيطرا".

وفي طريق عودته إلى منزله، يقول حسونة إنه تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس البلدية، الذي هدده بمقاضاته ومصادرة ممتلكاته.

واستمعت إلى ما قال حسونة إنه تسجيل للمكالمة ويسمع فيه ريفيفو وهو يقول لحسونة "احترسوا مني".



تبرع بالأعضاء

ويقول يهوشع إنه أمضى ستة أيام في المستشفى بجانب شقيقه قبل إعلان وفاته، وتبرعت عائلته بأعضائه.

ومن بين المستفيدين من تلك الأعضاء فلسطينية من القدس الشرقية حصلت على كلية.

وبعدها عاد يهوشع لعمله في شركة المياه، ويقول إن قناة تلفزيونية تجارية عرضت عليه إنتاج فيلم وثائقي عن شقيقه.

أما حسونة فيقول إنه يعمل على تربية أحفاده ومن بينهم أبناء موسى وأبناء ابنين آخرين يقبعان في السجن، ويبين أن عمله في تشغيل الجرارات لا يغطي نفقاته.

ويضيف: "لا أحد يساعدني، أبلغ من العمر 62 عاما وأعاني من أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم"، موضحًا: "أخشى أن أنهار وستعاني أسرتي من مشكلة".

لكنه يقول إنه وفي وسط الأزمة يجد العزاء في صديقه الجديد، "عندما أرى إيفي أتذكر إيغال وأشعر بالأمان ويهدأ قلبي".

أما يهوشع فيقول من جهته عن علاقته بحسونة: "أصبحت رجلا أفضل منذ أن التقينا"، مضيفًا: "إذا كان بإمكاني أن أكون معه ومع ألمه، فهذه رسالة جيدة للجميع بألا يكرهوا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com