كيف تسمم المواد الكيميائية النساء العاملات حول العالم؟
كيف تسمم المواد الكيميائية النساء العاملات حول العالم؟كيف تسمم المواد الكيميائية النساء العاملات حول العالم؟

كيف تسمم المواد الكيميائية النساء العاملات حول العالم؟

كشفت تقارير أن النساء يتعرضن بشكل غير متناسب للمواد الكيميائية المميتة أثناء العمل في جميع أنحاء العالم، ويمرضن بشكل غير متناسب أيضًا نتيجة لذلك.

وغالبًا ما تصاب آنا بنزيف في الأنف بعد عملها في وظيفتها في تجميع الهواتف المحمولة بمصنع في فيتنام، كما تعرضت الأم العزباء، التي استخدمت اسمًا مستعارًا خوفًا من العواقب المهنية، للإغماء عدة مرات، وقالت: "حتى عندما أشعر بالدوار والغثيان، أذهب إلى العمل، فقد أفقد الكثير من الحوافز إذا تغيبت عن العمل ليوم واحد".

ووفقًا لمجلة "فورين بوليسي"، تحتوي الهواتف المحمولة على مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية، بما في ذلك الملدنات ومثبطات اللهب، وفي حين من الصعب تحديد الآثار الصحية للتعرض لهذه المواد الكيميائية لأنها موجودة في كل مكان في بيئتنا، إلا أن الدراسات الطبية قد وجدت علاقة بين التعرض لها وبين المشاكل التنموية والإنجابية والدماغية والمناعية وغيرها.

ووجد تقرير حديث، نشر في يناير الماضي، أن هذه الآثار الصحية مقلقة بشكل خاص للنساء اللائي يتعرضن بشكل غير متناسب للمواد الكيميائية في مكان العمل بسبب انتشارها في الصناعات الكيميائية الثقيلة، وظروف العمل الأسوأ للنساء مقارنة بالرجال، وحتى العوامل البيولوجية.



فبشكل عام، تمتلك النساء نسبة أعلى من الأنسجة الدهنية مقارنة بالرجال، ونتيجة لذلك، تخزن أجسادهن الملوثات البيئية أكثر، كما تلعب الدورة الإنجابية للمرأة دورًا أيضًا، حيث يشير التقرير الذي تم إعداده بالاشتراك بين الشبكة الدولية للقضاء على الملوثات والتحالف الاستراتيجي للإدارة الدولية للمواد الكيميائية، إلى أن "قابلية النساء للتعرض للمواد الكيميائية الخطرة ترتبط بدوراتهن الإنجابية"، وأنهن قد يكن أكثر عرضة للأضرار الصحية الناجمة عن المواد الكيميائية السامة "في مراحل الحياة المختلفة مثل الحمل والرضاعة وانقطاع الطمث".

وقالت سارة بروش، إحدى المشاركات في التقرير، إن الإلكترونيات والمنسوجات من بين الصناعات الأكثر مساهمة في المشكلة، موضحة أن "غالبية العمالة في هذين القطاعين من الإناث".

ويعتبر التعرض للمواد الكيميائية أمرًا شائعًا في الصناعات الأخرى التي تهيمن عليها النساء أيضًا، فعندما ذهبت إيلفا اجيلار إلى المستشفى وهي تعاني من ألم في الصدر وضيق في التنفس وصداع، شخص الأطباء حالتها على أنها مصابة بانهيار عصبي.

وقالت: "لم يكن تنفسي طبيعيًا، وكان علي أن أتنفس أنفاسًا قصيرة لأنه عندما كنت أتنفس، كان هناك ألم شديد في قفصي الصدري".

وكانت إيلفا (55 عامًا)، والتي انتقلت إلى الولايات المتحدة من السلفادور، تعمل كعاملة نظافة لأكثر من عام عندما أصيبت بحساسية الجلد وجفاف العيون وآلام الظهر ومشاكل في الجهاز الهضمي.



وفي محاولة يائسة لمعرفة سبب أعراضها، طلبت المساعدة من مركز صحي محلي، حيث سألها مقوم العظام عن المنظفات التي تستخدمها، وعندما أدرجت أسماء بعض المنتجات المنزلية الشائعة، أشار إلى أنها قد تكون السبب في أعراضها.

وقالت إيلفا: "أخبرني أن المشكلة قد تكون تسمما، وعندما بدأت استخدام منظفات غير سامة تحسنت أعراضي، ولكني لا أزال أعاني من الصداع ومشاكل في الجهاز الهضمي".

وقالت ألكسندرا سكرانتون، مديرة العلوم والبحوث في "وومن فويسز فور ذا إيرث"، وهي منظمة غير ربحية مقرها في مونتانا تدافع عن حقوق المرأة في مكان العمل، ودرست تأثير المواد الكيميائية السامة: "لا يمكننا بالضرورة ربطها بشيء واحد، وعلى العاملين في صالونات تصفيف الشعر والأظافر، الذين يتعرضون بانتظام للمواد الكيميائية في بخاخات الشعر ولاصق الأظافر الأكريليك".

وشرحت: "يتعلق جزء كبير من المشكلة بالتأثيرات التراكمية، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها، فهناك عدد قليل جدًا من الأبحاث حول الأضرار الناتجة عن تعرض النساء للمواد الكيميائية الضارة في المنتجات".

ولا يوجد إطار عالمي لحماية العمال من التعرض للمواد الكيميائية، ولكن بعض الدوائر القضائية أفضل في تنفيذ إجراءات الحماية من غيرها، فالاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، لديه لوائح أكثر صرامة من الولايات المتحدة ويحظر بعض المواد الكيميائية التي يشيع استخدامها في المنتجات التي تباع في أمريكا.

وفي يناير 2019، تم تقديم مشروع قانون في ولاية كونيتيكت لجعل مستحضرات التجميل المستخدمة في الولاية "تفي بمعايير السلامة الكيميائية التي وضعها الاتحاد الأوروبي"، ولكنه فشل في الحصول على الموافقات اللازمة.



من جانبها، حثت كل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية المشرعين على حظر استخدام الأسبستوس، وبالفعل حظرته أكثر من 60 دولة، ومع ذلك لا تزال الولايات المتحدة تستخدمه في صناعة البناء، باستثناء ولاية نيو جيرسي، التي حظرت الأسبستوس عام 2018.

وفي حين يحظر استخدام الفورمالديهايد، وهي مادة كيميائية مدرجة في البرنامج الوطني لعلم السموم بالولايات المتحدة على أنها مادة مسرطنة، في مستحضرات التجميل في الاتحاد الأوروبي، ولكنها تستخدم بشكل متكرر في طلاء الأظافر وعلاجات فرد الشعر في الولايات المتحدة.

وفي كاليفورنيا، عملت مصففة الشعر إميلي بيديكر في الصناعة لأكثر من عقدين، ومنذ حوالي 9 أعوام، بدأت تعاني من الصداع النصفي الحاد وأورام الليفية والتهاب الجلد ومشاكل الغدة الدرقية، وقالت: "تسببت صبغة الشعر في حرقة في عيني وأنفي".

وشرحت أنها شاهدت لاحقًا إعلانًا في مجلة جعلها تتساءل عما إذا كانت أعراضها مرتبطة بتعرضها للمواد الكيميائية، وقالت: "كانت الصورة في المجلة قوية حقًا، فقد كانت تحتوي على مصففة شعر ترتدي قناع غاز وكان العنوان يقول: لا يجب أن تخاطري بصحتك لتلوين شعرك".

وأضافت بيديكر أن تجربتها فتحت عينيها على المخاطر المحتملة للعمل في صناعة صالونات تصفيف الشعر، وقالت: "لم أفكر يومًا فيما قد تفعله هذه المواد الكيميائية بجسدي".

يذكر أن الأبحاث التي تعود إلى عام 2009 قد وجدت أن مصففي الشعر كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من عامة السكان.

وفي الولايات المتحدة، وعلى الصعيد العالمي بشكل عام، تتعرض النساء غير البيض بقدر أكبر لخطر الآثار الصحية المحتملة الناتجة عن التعرض للمواد الكيميائية، ليس فقط لأنهن يعملن بشكل غير متناسب في الصناعات الكيميائية الثقيلة، بل لأنهن أكثر عرضة للعيش في الأحياء ذات مستويات عالية من التلوث.

وتشير الدراسات إلى أن المجتمعات الملونة غالبًا ما تقع بجوار الطرق السريعة والصناعات الملوثة الكبيرة، مثل مصافي النفط ومصانع معالجة اللحوم والحقول الزراعية ومكبات النفايات السامة.

وقالت سارة بروش إن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لفهم الآثار الصحية للتعرض للمواد الكيميائية السامة، وإنه يجب ممارسة المزيد من الضغط على الشركات المصنعة للتخلص تدريجيًا من هذه المواد السامة.

وعندما يتبين أن المنتجات لها تأثير على الصحة، يجب أن يتحمل المصنعون المسؤولية، بما في ذلك تغطية تكاليف الرعاية الطبية للمرضى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com