المغرب.. الأغنية الشبابية "تهزم" الطربية
شهدت الأغنية المغربية تحولات كبيرة، من شكلها العصري الطربي المعروف سابقا، إلى أشكال بالغة البساطة، إذ صارت تعتمد على كلمات بسيطة جدا، وعلى مقامات وأنغام وإيقاعات خفيفة وحركية للغاية.
وتحضر اليوم بشكل قوي الأنواع الغنائية الجديدة، والتي تنتشر بشكل واسع على المنصات المخصصة لتسويق الموسيقى والغناء، وخصوصا منصة "يوتيوب" بشكل أساسي، إذ تحقق مشاهدات عالية.
وعُرفت الأغنية الطربية العصرية في المغرب، بخصوصيتها الثقافية والنغمية والإيقاعية، وتأسست على العناية بالكلمة، وارتكزت على جمالية الصوت وشعرية التعبير والطرب.
تغيرات وتراجع
يقول الباحث والفنان، محمد الأشرقي، إن "الأغنية المغربية طرأت عليها تغيرات كثيرة، لكن نقول تردى وتراجع مستواها عما كانت عليه في بداية عقد الستينيات إلى حدود التسعينيات من القرن الماضي".
وأبرز الأشرقي في تصريحه لـ"إرم نيوز"، أن "الأسباب واضحة تعود بالأساس للأجواء العامة للمشهد الفني، وتغير عن القواعد التي كانت متبعة فيما قبل، إلى جانب الضوابط التي كانت تعتمدها".
وأوضح المتحدث ذاته، "أنه كان في الإذاعة الوطنية (حكومية) لجنة للكلمات ولجنة للألحان، وكانت الإذاعة تنتج الأعمال الغنائية وتوفر للفنان الجو التابع للإذاعة والأستوديو، ثم تتكلف بترويج العمل، لكن الأمور تغيرت الآن تماما".
الانتقال الرقمي
يؤكد مدير الفنون بوزارة الثقافة، هشام عبقري، أن التغيرات المُسجلة اليوم على المستوى الفني الموسيقي أو الغنائي، حصلت "مع ظهور العالم الرقمي، من خلال دمقرطة الولوج إلى الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي".
وشدد عبقري في حديثه لـ"إرم نيوز"، على أن هناك "انتقالا رقميا بمفهوم آليات الإنتاج الموسيقي والغنائي؛ لأن قيمة الاستثمار في مجموعة من الآليات في المجال لم تعد بأسعار عالية كما في السابق، ما فتح الباب أمام الفنانين لإنشاء أوستوديوهات للتسجيل بمقرات سكناهم".
ولفت المسؤول بوزارة الثقافة، إلى أنه "تم انتشار للموسيقى التي يتم إنتاجها عن طريق الحواسيب والبرامج المعلوماتية، ومن ثم بثها مباشرة على منصات متخصصة في ذلك"، معتبرا أن "الجيل الجديد يحب هذا النوع الغنائي؛ لأن كلماته البسيطة تعكس ما يتداولونه في يومياتهم".
"قتل" الخصوصية
ويذهب أستاذ علم الموسيقى، نبيل بنعبد الجليل، إلى أن "التحوّل في الأغنية واقع عالمي وليس فقط واقعا مغربيا، ويأتي في سياق عولمة ثقافية، وترتبط بمنطق الربح أيضا".
واعتبر بنعبد الجليل في إفادته لـ"إرم نيوز"، أنه "عندما يتم التبسيط على المستوى الغنائي فيعني أنه يتم التوجه إلى فئات أكبر، الشيء الذي يصنع جماهير عالمية مستهلكة لنمط غنائي وموسيقي واحد".
وقال المتحدث نفسه، إن "الأغنية الجديدة، في إطار السياسة العالمية، تكرّس التخلي التدريجي عن الطابع المحلي في الغناء والموسيقى، إلى أن تصل في الأخير إلى الانسلاخ عن هُوِيّة البلد وقتل الخصوصية في هذا المجال".
