انطلقت مع بداية شهر رمضان المبارك، مهرجاناتٌ للتسوق في جميع المدن السورية، تعرض المواد الغذائية بسعر التكلفة أو بنسبة خصومات كبيرة، بهدف مساعدة المحتاجين ومحدودي الدخل في تأمين تكاليف الشهر الكريم.
ويشرف على هذه المهرجانات، وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بمشاركة غرفة الصناعة ومؤسسات القطاع الخاص التي تنافست في إعلان الحسومات لجذب المستهلكين.
حسومات كبيرة والدخل محدود
ويقول الباحث الاقتصادي عابد فضلية لـ"إرم نيوز": "فكرة مساعدة المحتاجين عبر مهرجانات التسوق التي تبيع بأسعار مخفضة، جيدة، ولكن رغم ذلك، يبقى الموظف عاجزًا عن شراء متطلبات رمضان بسبب انخفاض مستوى الدخل".
وتعرض مؤسسة التجارة السورية، كيلو لحم الغنم بـ180 ألف ليرة، في حين يبلغ راتب الموظف 300 ألف، أي ما يعادل كيلو ونصف الكيلو من اللحمة شهريًّا.
وتبيع المؤسسات العامة والخاصة في مهرجانات التسوق، الحليب والألبان والجبنة والمعلبات والحبوب والزيوت، بأقل من سعر السوق بألفي أو ثلاثة آلاف ليرة، ورغم ذلك تعتبر تلك المنتجات مرتفعة الثمن بالنسبة للمواطن.
ويقول سامر، مسؤول جناح شركة غودي المتخصصة بمشتقات الحليب، لـ"إرم نيوز": "الحسومات لدينا كبيرة، ولا يمكن تخفيض السعر أكثر من ذلك حتى لا تخسر الشركة".
ويفضل المواطن الشراء من مهرجانات التسوق، أملاً بتوفير جزء يسير من المال حتى لو كان قليلاً.
ويقول الموظف أحمد: "نوفر في كل سلعة ألفًا أو ألفي ليرة، فيصبح مبلغ التوفير جيداً نتيجة تعدد المواد التي نشتريها".
ورغم أن راتب الموظف لا يكفي العائلة سوى ثمن طعام الإفطار والسحور ليوم واحد في رمضان، فإن اعتماد الكثير من السوريين على الحوالات الخارجية والعمل الإضافي، يجعل العائلات تعيش على حد الكفاف.
زيادة المهرجانات وتراجع التبرعات
وتشير الأوضاع الاقتصادية في شهر رمضان الجاري، إلى تراجع التبرعات العينية التي كانت تقدمها المؤسسات الخيرية، مقابل زيادة عدد مهرجانات التسوق التي تبيع البضاعة بأسعار أقل من السوق.
ويقول فضلية: "انخفضت نسبة المتبرعين، نتيجة سوء الحالة الاقتصادية، فغابت السلل الغذائية المجانية، لأن النسبة الكبرى من الناس أصبحت محتاجة للدعم".
ويؤكد عدد المنتظرين للتبرعات أمام أحد الجوامع في دمشق القديمة، حجم الفاقة التي يعاني منها الناس، الذين لم تسعفهم مهرجانات التسوق بالشكل الكافي، نتيجة وجود طبقة واسعة معدمة اقتصاديًّا.
ويحاول المجتمع الأهلي التعاضد خلال الشهر الكريم، فيتبادل الأقرباء والجيران صحوناً من طبخاتهم اليومية أثناء الإفطار. لكن تشابه المستوى الاقتصادي بين الناس، يجعل تأثير هذا الأمر ضعيفاً.
ودرجت قبل الحرب وفي سنواتها الأولى، مبادرات أهلية تعد الوجبات للصائمين مجاناً في رمضان، لكن هذه المنظمات توقفت بسبب ندرة المتبرعين وزيادة عدد المحتاجين، وكان أشهرها مبادرة "ساعد" و"خسى الجوع".
وتقول أم علي، متسوقة في مهرجان شام الخير، لـ:"إرم نيوز": "الكحل أفضل من العمى. فمهرجانات التسوق تقدم ما تقدر عليه، ونحن نحاول التغلب على الظروف قدر الإمكان".