أنبوب غاز
أنبوب غاز موقع قطرة الإيراني

إيران.. صادرات الغاز الطبيعي تواجه مستقبلا غامضا

تواجه صناعة الطاقة الإيرانية مستقبلاً غامضاً، حيث تسبب عدم الاتساق في إنتاج واستهلاك الغاز الطبيعي والبنزين بالعديد من المشاكل للناس.

كما تسبب اختلال توازن الغاز الطبيعي عام 2023 في أزمة نقص الغاز الطبيعي في بعض المحافظات الشمالية.

وفي نيسان/أبريل 2023، أعلن وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، عن حاجة صناعة النفط والغاز إلى استثمارات بقيمة 160 مليار دولار.

ووفقًا لأوجي، إذا لم يتم استثمار 80 مليار دولار في صناعة الغاز الطبيعي في إيران خلال السنوات الثماني المقبلة، فسوف تصبح إيران مستوردًا للغاز الطبيعي.

وخلال العقدين أو العقود الثلاثة الماضية، أنفقت إيران مئات المليارات من الدولارات لاستخراج وإنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، لكن اليوم تظهر الأخبار والإحصاءات الرسمية وآراء الخبراء أنه بسبب القضايا السياسية والاقتصادية والجيوسياسية، لم يعد الأمر كذلك، وقد واجه بيع هذا المنتج الإستراتيجي إلى بلدان أخرى تحديًا كبيرًا.

وقال "فرشاد جامع" خبير الطاقة الإيراني لـ"إرم نيوز" : إن جهود حكومة إبراهيم رئيسي لحل مشاكل صناعة الطاقة في إيران، وخاصة في قطاع الغاز الطبيعي، لم تكن ناجحة، ولتعويض النقص في الغاز الطبيعي، قامت وزارة النفط بزيادة حصة وقود الديزل في محطات توليد الكهرباء، ما تسبب في زيادة تلوث الهواء واحتجاجات عامة في بعض المدن، مثل: أراك وسط إيران".

فرشاد جامع، خبير طاقة
فرشاد جامع، خبير طاقةإرم نيوز

وأضاف فرشاد جامع "رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، فإن إيران لا تلعب دورًا مهمًّا في السوق العالمية، وكان من المفترض أن تكون حصة إيران في تجارة الغاز العالمية بين ثمانية وعشرة في المئة في نهاية وثيقة الرؤية التنموية، أي عام 2026، لكن حصة إيران الحالية أقل من اثنين في المئة في الوضع الحالي".

ويوضح "كانت صناعة النفط والغاز الإيرانية ركيزة حيوية لاقتصاد هذا البلد لفترة طويلة، إلا أن هذا القطاع واجه تحديات بسبب احتكار تطوير حقول النفط والغاز، وإدراكًا للحاجة إلى الإصلاحات وزيادة القدرة التنافسية، على الحكومة الإيرانية اتخاذ تدابير لجذب الاستثمار الأجنبي وتسهيل مشاركة القطاع الخاص في الصناعة".

ومؤخرًا، ومع صدور تقرير صندوق التنمية الوطني حول وضع الغاز الطبيعي، دارت نقاشات كثيرة في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام حول الوضع الحرج للغاز الطبيعي على المدى المتوسط والطويل.

ويحذر هذا التقرير، بالنظر إلى حجم انخفاض الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي في حقل بارس الجنوبي، وهو المورد الرئيس للغاز المستهلك في إيران، من أنه إذا لم تتم إدارة الظروف الحالية، فإن الشعب والصناعات في إيران وفي السنوات القادمة سيكون لديهم نحو 8 ساعات فقط خلال النهار، وسيكون لديهم إمكانية الوصول إلى الغاز والكهرباء.

ومع استمرار الاتجاه الحالي لإنتاج واستهلاك الغاز، ستواجه إيران عجزًا قدره الثلث بحلول عام 2032، وعجزًا قدره الثلثان في استهلاك الغاز الطبيعي في أفق عام 2040.

وصدَّرت إيران نحو 18.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في 2022. وكانت تركيا والعراق الوجهتين الرئيستين لتصدير الغاز الإيراني.

وتجدر الإشارة إلى أن صادرات إيران من الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2023 بلغت قيمتها 2.2 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 125% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وكانت تركيا الوجهة الرئيسة لصادرات الغاز الطبيعي الإيراني في العقد الماضي.

وبحسب تقرير مركز إحصاءات المفوضية الأوروبية (يوروستات)، فإن إجمالي حجم صادرات الغاز الطبيعي الإيراني إلى تركيا في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023 بلغ نحو 3 مليارات و940 مليون متر مكعب.

ويمثل هذا الحجم انخفاضًا بنسبة 49% في صادرات الغاز الإيراني إلى تركيا مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، والتي بلغت 7 مليارات و746 مليون متر مكعب في الأشهر من يناير إلى أكتوبر من العام السابق.

أخبار ذات صلة
توقف ضخ الغاز الإيراني إلى تركيا بسبب خلل في خط الأنابيب‎‎

ومع ذلك، لا يمكن لإيران أن تكون مصدرًا موثوقًا لتصدير الغاز الطبيعي إلى تركيا.

وكان سعر الغاز المصدر ونوعيته موضع انتقاد دائم من قبل الحكومة التركية، وهذه القضايا دفعت حتى تركيا إلى تقديم شكوى إلى محكمة التحكيم الدولية واضطرت إيران إلى دفع ملياري دولار كتعويض لتركيا بناء على قرار "التحكيم الدولي" بشأن الخلاف بين إيران وتركيا حول فارق سعر الغاز المصدر .

وينتهي عقد تصدير الغاز الإيراني الحالي إلى تركيا في عام 2026، ولم تصل المفاوضات بشأن تمديده إلى نتيجة حيث انخفضت صادرات الغاز الطبيعي الإيراني إلى تركيا العام الماضي.

وبالنظر إلى تركيز تركيا على الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة - الطاقة النووية واستغلال موارد الغاز في البحر الأسود والمشاكل المستمرة لقطاع الغاز الطبيعي الإيراني - فإن أمام طهران مهمة صعبة تتمثل في تجديد العقد الحالي مع تركيا.

وكانت باكستان السوق المستهدفة لإيران لصادرات الغاز الطبيعي في العقدين الماضيين، وحتى في عام 2014، تمكنت إيران من بناء خط الأنابيب اللازم لإرسال الغاز الطبيعي إلى باكستان حتى حدود البلدين، لكن إسلام آباد لم تتمكن من بناء البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران على أراضيها بسبب المشاكل المالية واستمرار العقوبات.

أخبار ذات صلة
زيادة بمعدل تهريب الوقود الإيراني إلى باكستان

ويذكر أن عقد مد خط أنابيب تصدير الغاز الإيراني إلى باكستان تم توقيعه خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد عام 2009. وبموجب هذا العقد، (مدته 25 عامًا)، كان من المفترض أن تصدر إيران 8 مليارات متر مكعب من الغاز إلى باكستان سنويًّا.

ويعتقد بعض خبراء الطاقة في إيران أن تنفيذ هذا العقد كان بمثابة فرصة كبيرة لإيران لتطوير سوق تصدير الغاز.

ويقول "مهدي هاشم زاده"، الخبير في مركز أبحاث مهد في المجال الاقتصادي لـ"إرم نيوز": "تستخدم الدول المنتجة للطاقة أداة تصدير الطاقة لخلق الاعتماد المتبادل مع الدول المستهلكة من أجل إدارة التوترات المحتملة في العلاقات الثنائية في إطار المصالح الوطنية مع زيادة حجم التجارة بين البلدين، وهي القضية التي لم تستفد منها إيران رغم امتلاكها احتياطيات ضخمة من النفط والغاز".

مهدي هاشم زاده، خبير اقتصادي
مهدي هاشم زاده، خبير اقتصاديإرم نيوز

وأضاف "أن التوتر الأخير في العلاقات الإيرانية الباكستانية، والذي اندلع مع الهجوم الصاروخي الذي شنَّه الحرس الثوري الإيراني على الأراضي الباكستانية والتدابير المضادة التي اتخذتها باكستان، يهدد مستقبل التعاون الإيراني الباكستاني في قطاع الطاقة".

وبيَّن "بنظرة سريعة على وضع إنتاج واستهلاك الغاز الطبيعي -استمرار انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي- واستمرار العقوبات، لا يمكن تصور مستقبل واضح لقطاع الغاز الطبيعي وصناعة الطاقة الإيرانية برمتها، كما أن تمديد أو عدم تجديد عقد تصدير الغاز الطبيعي إلى تركيا وعدم اليقين بشأن وضع خط الأنابيب الإيراني إلى باكستان يظهر أن سياسة الطاقة تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي".

وعن غياب إيران عن السوق العالمي للغاز، أجاب "لا يمكن أن تكون عنصرًا نشطًا وحاسمًا في الأسواق الدولية دون إحداث تغيير جوهري في سياسة إيران الخارجية ويجب أن نراجع مفهوم دبلوماسية الطاقة، ودراسة الفرص في الأسواق الإقليمية والعالمية".

وبدوره، رأى عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني "هادي بيغي نجاد"، أن العقوبات الأمريكية تحاصر الغاز الإيراني وتمنعه من الوصول إلى الخارج.

هادي بيغي نجاد، نائب إيراني
هادي بيغي نجاد، نائب إيرانيموقع بازار الاخباري

وذكر في حديثه لموقع "إرم نيوز": "أدى الحظر المفروض على الصناعات المتعلقة بالغاز والطاقة والاستهلاك المحلي المرتفع إلى عدم قدرة إيران، رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، على أن يكون لها حضور فعال في الأسواق الدولية والإقليمية، وفي الوقت الحالي، ليس لدى إيران وجهة أخرى لتصدير الغاز باستثناء تركيا والعراق".

وأضاف "تركيا كانت أهم وأكبر مشتر للغاز الطبيعي الإيراني في السنوات الأخيرة، لكن العقد الحالي بين الطرفين ينتهي في عام 2026 ولم تصل مفاوضات تمديده إلى نتيجة، والسبب في ذلك هو أن سياسة تركيا في تنويع مصادر الطاقة كانت فعالة، كما إن اكتشاف الغاز في البحر الأسود جعل لهذه الدولة اليد العليا في معادلات الطاقة".

وتابع: "تلعب شركة غازبروم الروسية، باعتبارها أحد المنافسين الرئيسين لإيران، دورًا نشطًا للغاية في إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وهذه الدولة ليست على استعداد أبدًا لخسارة دورها الاحتكاري في سوق الغاز الطبيعي الأوروبي".

واعتبر النائب الإيراني أن احتمال تنفيذ مشروع "نورد ستريم-2" يتزايد كل يوم. ورغم أن هذا المشروع سياسي أكثر منه اقتصادي، فإن موسكو تستخدم أدواتها لتنفيذه، وأولوية أمريكا هي الصين وروسيا بدلاً من القلق بشأن أمن الطاقة في أوروبا، ولضمان أمن الطاقة، يركز الأوروبيون الآن على الطاقة المتجددة، كما أثيرت مسألة استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر من قبل بعض الدول الأوروبية.

أخبار ذات صلة
الرئيس الإيراني يدعو مصدري الغاز إلى عدم الاعتراف بالعقوبات الأمريكية

ولفت إلى أنه "يجب أن تتوصل إيران إلى اتفاق مع الولايات المتحدة في الأشهر المقبلة، لأنها تحتاج إلى استخدام رؤوس أموال وتكنولوجيا الشركات الأجنبية لزيادة إنتاج النفط والغاز وتحسين استهلاك الوقود حتى تتمكن من زيادة إنتاجها، وإذا لم تتمكن إيران من التحكم في استهلاكها، فلن يكون لديها الكثير من الغاز للتصدير، بل سوف تواجه إيران تحديًا شديدًا في صناعة الطاقة لديها في السنوات المقبلة، ويُعد انقطاع التيار الكهربائي في إيران في الفترة الماضية بمدن مختلفة إحدى علامات هذه المشكلة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com