رغم تفشي "كورونا".. السياحة الصحراوية "تنتعش" في تونس
رغم تفشي "كورونا".. السياحة الصحراوية "تنتعش" في تونسرغم تفشي "كورونا".. السياحة الصحراوية "تنتعش" في تونس

رغم تفشي "كورونا".. السياحة الصحراوية "تنتعش" في تونس

يبدو أن الأزمة التي نتجت عن جائحة كورونا في تونس وتسببت بشلّ جميع القطاعات مثلت تحديا حقيقيا للقطاع السياحي وخصوصا السياحة الصحراوية.

وسجلت السياحة الصحراوية في نهاية العام 2021 وبداية العام الجاري مؤشرات عالية على الرغم من الوضع الوبائي في البلاد، وذلك بالتزامن مع ظهور متحور "أوميكرون" وعودة مؤشرات العدوى إلى الارتفاع خلال الأسابيع الأخيرة.

أمام مكاتب التسجيل في أحد النزل بمدينة توزر، الواقعة أقصى الجنوب التونسي، يقف طابور طويل من السياح من تونس ومن الجزائر وبعض بلدان أوروبا، ولم تعد مؤشرات الوضع الوبائي ولا انتشار فيروس كورونا تشكل هاجسا كبيرا أمام الحاجة إلى السياحة والاستجمام في مدينة توزر الغنية بواحاتها الشاسعة ونخيلها الساحر وصحرائها البديعة، التي كثيرا ما استقطبت الزائرين وشكلت أحد أبرز روافد السياحة الصحراوية في تونس.

واعتبر علي الأطرش، الذي تعوَّد كل سنة أن يقضي مع عائلته نهاية أسبوع مطولة في نزل "المرادي" وسط مدينة توزر، أن زيارة معالم هذه المدينة الجميلة أصبح عادة سنوية دأبت عليها العائلة في كل شتاء.

وقال الأطرش لـ"إرم نيوز"، إنه زار أكثر من مرة مناطق سياحية في المدينة الصحراوية، على غرار صحراء منطقة "عنق الجمل" النائية في مدينة نقطة من محافظة توزر، أو "دار شريط " وهو متحف يختزل ذاكرة العادات والتقاليد في مناطق الجنوب التونسي، ويروي تاريخ المدينة وجوانب من تاريخ تونس فضلا عن جزء من المتحف يعرض قصص ألف ليلة وليلة عبر مجسمات تأسر الزائرين.

ويعتبر الكثير من السياح التونسيين والأجانب أن الخصائص المناخية والجغرافية لمدن الجنوب كانت دافعا كبيرا لهم لزيارة الجنوب التونسي والتمتع بالرحلات الصحراوية وجمال واحات النخيل الممتدة، وذلك رغم مؤشرات الوضع الوبائي التي شكلت في وقت ما من العام 2020 أكبر هاجس للقطاع السياحي.

ويتردد على نزل مدينة توزر أو ديار الضيافة سنويا الآلاف من السياح سواء من الزوار المحليين أو الوافدين من دول أوروبا على وجه الخصوص.

ورغم تراجع الأوضاع الاقتصادية وعدم استقرار الوضع الأمني بعد 2011، وهي عوامل أدت إلى إغلاق عدد من الوحدات السياحية بشكل نهائي أو مؤقت، فإن الموسم السياحي لسنة 2021 سجل مؤشرات واضحة على التعافي وتجاوز الأزمة وذلك بحسب المدير الجهوي للسياحة بمحافظتي توزر وقفصة ياسر صوف.

وأكد ياسر صوف في حديث لـ"إرم نيوز"، أن إعادة فتح مطار توزر بعد فترة طويلة من غلقه نتيجة تفشي فيروس كورونا، وعودة النشاط إلى عديد الفعاليات الثقافية والسياحية مثل مهرجان الواحات بتوزر أو مهرجان دقاش، وغيرهما أسهمت في انتعاش القطاع السياحي في الجهة وذلك بعد أكثر من عام من الركود نتيجة الوضع الوبائي.

وقال المسؤول عن قطاع السياحة "سجلت نهاية العام 2021 وبداية العام الحالي مؤشرات إيجابية لقطاع السياحي بعودة النشاط إلى 6 نزل كانت مغلقة في 2020، السياحة في الصحراء تحدت انتشار الجائحة وتجاوزت المرحلة الصعبة التي عاشتها في سنة 2020."

وبحسب مؤشرات وأرقام رسمية لإدارة السياحة في محافظة توزر فإن تطورا واضحا قد حدث في أواخر السنة الماضية وعطلة نهاية السنة الإدارية، إذ بلغت نسبة الحجوزات 100% من طاقة الاستيعاب التي قدرتها السلطات التونسية بالنصف وذلك التزاما بإجراءات التوقي من فيروس كورونا وضمان التباعد الاجتماعي.

وذكرت مصادر من وزارة السياحة التونسية لـ"إرم نيوز"، أن 55 ألف زائر قضوا 67 ألف ليلة في نزل ولاية توزر حتى نهاية شهر سبتمبر 2021 فيما يتوقع أن ترتفع نسبة الحجوزات في الوحدات الفندقية في الجهة خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي أو الأسابيع الأولى للعام الحالي، وذلك مع إقامة عدد من المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية والرياضية مثل "رالي الصحراء" و رالي "تحدي تونس" الى جانب مهرجان الموسيقى الصوفية "روحانيات" بمدينة نفطة.

وتعد الصحراء التونسية التي تمتد على مساحة 40 ألف كيلومتر مربع، أبرز روافد السياحة الصحراوية كما أنها تتميز بتنوع خصائصها بما يجعلها قبلة للسياح المحليين والأجانب، وذلك لكونها بيئة ملائمة للرحلات الاستكشافية أو إقامة المخيمات وممارسة الأنشطة الترفيهية.

كما تستقطب مدن الجنوب التونسي الآلاف من السياح سنويا وذلك بفضل هندستها المعمارية التي تروي تاريخ العصور الوسطى في البلاد، وتأتي مدينة مطماطة أقصى الجنوب التونسي أو منطقة "عنق الجمل في محافظة توزر" أو منطقة القصور في محافظة تطاوين أو مدينة دوز في محافظة قبلي وغيرها على رأس أبرز الوجهات السياحية وأكثرها استقطابا للسياح.

وشهدت منطقة عنق الجمل الواقعة في نفطة وهي منطقة صحراوية في شكل رقبة الجمل، عديد الفعاليات السياحية والثقافية، إذ كان هذا المعلم السياحي مسرحا لتصوير أجزاء من الفيلم السينمائي الشهير "حرب النجوم" للمخرج الأمريكي جورج لوكاس.

أما مدينة مطماطة بالجنوب الشرقي، فتقع غرب محافظة قابس، وهي قرية بربرية قديمة تتماهى مع المشاهد الطبيعية الصخرية، وتخفي أحد أكثر المواقع غرابة في تونس.

أما مدينة دوز في الجنوب الغربي للبلاد والتي تنتمي لمحافظة قبلي، فكثيرا ما تستقطب السائحين بفضل واحاتها الشاسعة لأشجار النخيل وخصائصها الجغرافية التي تميزها عن غيرها من المدن المدينة، كما أن مناخها الصحراوي ومميزاتها المعمارية كثيرا ما كانت قبلة السياح.

كما يضم الجنوب التونسي مناطق باتت وجهة سياحية محبذة على غرار منطقة قصر غيلان الصحراوية وهي منطقة تمتاز بالكثبان الرملية وتقع جنوب مدينة دوز، وتعد من أجمل الوجهات السياحية بمحافظة قبلي، حيث تجمع بين جمال الرمال وخضرة الواحات، وتوجد بها عيون من المياه الحارة تساعد على الاستشفاء من بعض الأمراض.

وبفضل هذه الخصائص المناخية والجغرافية للمدن الصحراوية في تونس، سجل القطاع السياحي خلال سنة 2021، مؤشرات جيدة حيث ارتفعت إيرادات القطاع بنسبة 6% وارتفع عدد الوافدين بنسبة 23% مقارنة بالأرقام المسجلة سنة 2020 بحسب أرقام رسمية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com