وجدت الهند في القارة الأفريقية ساحة منافسة جديدة مع الصين، إذ تعمل الشركات الهندية التي تحولت إلى "عملاق جديد"، على اختراق أفريقيا مزاحمة النفوذ الصيني هناك، وفق تقرير إخباري فرنسي.
ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن المتخصص في الاقتصادات الناشئة، جان جوزيف بوايو، قراءته لدوافع الحضور اللافت للشركات الهندية في القارة الأفريقية، حيث يرى الباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية أن أفريقيا تمثل "ورقة رابحة" للهند في مواجهة الصين.
ونبه الباحث إلى أنه من غير الممكن مقارنة الطموحات الهندية بالطموحات الصينية أو حتى الفرنسية؛ لأن أساليب التدخل مختلفة تمامًا، حيث تلعب الدولة المركزية دورًا متواضعًا، لكن نقطة التحول الواضحة اتخذتها الشركات الهندية منذ حوالي عشرة أعوام، وبعد التوجه نحو الدول الغربية وخيبات الأمل التي تلقتها هناك، أدركت نيودلهي أنه كان من الأسهل التوجه إلى الأسواق النامية والمحلية، مثل أفريقيا.
ورغم أن ما تحققه الشركات الهندية لا يزال بعيدًا كل البعد عن الأرقام الصينية، إلا أن الهند أصبحت الآن ثاني أكبر شريك تجاري للقارة، وفق الصحيفة الفرنسية.
وقالت الصحيفة: "أصبحت الهند اليوم عملاقًا في أفريقيا، لكنه غير مرئي تمامًا، حيث تقوم هذه العلاقة أيضًا على المجتمعات العديدة ذات الأصل الهندي التي تأسست هناك منذ أجيال، والمنظمات غير الحكومية التي تنشط بشكل كبير للغاية في قطاعات مثل التمويل الأصغر أو الطب منخفض التكلفة".
وبحسب "لوموند"، فقد "حققت الشركات الهندية من جميع الأحجام تقدمًا كبيرًا في قطاعات مثل النقل، وأساسًا الدراجات النارية، أو المعدات الميكانيكية الصغيرة، حيث تتوافق المنتجات الهندية بشكل جيد مع احتياجات المستهلكين الأفارقة، إضافة إلى وجود لاعبين هنود في مجالات الخدمات والصحة والزراعة".
وأشارت إلى أن "الهند، التي تحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث الإنتاج الزراعي، مهددة بنقص الأراضي، لذلك فهي تبحث عن أرض في أفريقيا لاستغلال الأرز أو الفول السوداني أو أشجار نخيل الزيت، وفي المواد الخام، ستزود نفسها بالموارد التي لم تعد تنتجها بنفسها، مثل المعادن المهمة، والنفط، والذهب، والماس".
وتابعت الصحيفة أن "الهند والصين لا تلعبان في الملعب نفسه من حيث النفوذ الجيوسياسي أو الاقتصادي، لكن الهنود يقدمون أنفسهم كبديل: فبفضلهم لم تعد هناك بضائع تُصنع في الصين فحسب، وعلى نحو مماثل، تمثل أفريقيا ورقة رابحة بالنسبة للهند، ومن أجل البقاء في مواجهة خصمها الصيني، هي بحاجة إلى بناء تحالفات جديدة".
ولهذا السبب، وعلى مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية، كان هناك تعزيز للمحور الهندي الأفريقي، بشبكة دبلوماسية واسعة النطاق على نحو متزايد، كما يشير تقرير الصحيفة الفرنسية.
ولفت إلى أن الهدف من هذا التعزيز هو دعم تنمية التجارة الخاصة في منطقة يُنظر إليها على أنها سوق استهلاكية مهمة، ومستودع للمواد الخام الاستراتيجية، وأيضًا لتعزيز العلاقات مع هذه القارة المكونة من خمس وخمسين دولة، والتي لها ثقل حاسم في عملية صنع القرار بالأمم المتحدة، وفي الهيئات الأخرى مثل منظمة التجارة العالمية.